الوئام الوطني : "ثورة فعلية فى أسلوب وطرق الحكامة".. هكذا وصف المراقبون خطاب الوزير الأول السيد المختار ولد اجاي، مساء اليوم الأربعاء، أمام الجمعية الوطنية، والذي تضمن برنامج حكومته التي تم تشكيلها إثر انتخابات رئاسية أفضت إلى فوز الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بمأمورية جديدة.

كان برنامجا شاملا وثريا ومفعما بالأمل، وهو أول برنامج حكومة يلبي تطلعات المواطنين ويلامس آمالهم، نظرا لميزتي الجدية والصرامة اللتين يتحلى بهما الوزير الأول، والمتابعة والوفاء بالعهد المعروف بهما رئيس الجمهورية.

لقد شخَّص الوزير الأول، السيد المختار ولد اجاي أهم التحديات التي تواجه موريتانيا الغنية بمواردها الطبيعية وطاقاتها الإبداعية، والتي قال إنه لا سبيل إلى تحسين قدرتها على استغلالها بشكل فعال وذا مردودية إلا برفع التحديات التي تواجه البلد.. مستأنسا بالتحديات التي سبق أن "أجملها رئيس الجمهورية ضمن برنامجه، طموحي للوطن في: ترسيخ دولة المؤسسات، ومجابهة الضعف البنيوي للاقتصاد، والتصدي لعدم جاهزية المصادر البشرية، وتحصين الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي، وتعزيز الأمن والاستقرار".

ولم يكن ولد اجاي ليعمد إلى التشخيص دون وضع الحلول، فتلك هي المهمة الأساسية لحكومته التي أراد لها ولد الشيخ الغزواني أن تضع يدها على الجرح ليندمل بشكل نهائي، لا أن تحدد موضعه فحسب.

فقد أكد الوزير الأول أن حكومته ستركز في محاربتها للفساد على "تعزيز الشفافية وتفعيل المساءلة ومنع الإفلات من العقاب"، مشددا على أنه "لا تنمية ولا عدل ولا إنصاف مع الفساد، ومن ثم فلا تسامح معه مطلقا".

وأضاف أن قناعتهم الراسخة "أن نجاح سياسة الحكومة في أي مجال كان مشروط بمستوى التصميم والصرامة الذي ستواجه به داء الفساد بمختلف روافده"، متعهدا بـ"تطوير واستكمال الإطار القانوني لمكافحة الفساد بما يضمن تحصين القطاعات التي تعتبر أكثر عرضة له، واسترداد الأموال العامة المنهوبة، وتأمين منظومة محينة وفعالة لمكافحة الإثراء غير المشروع، وحماية كاشفي الفساد والوصول إلى المعلومات بشكل سلس".

كما تعهد بعمل الحكومة على "بناء منظومة صفقات عمومية أكثر تحصينا ضد الفساد"، وعلى "توفير الشروط اللازمة لتعزيز الدور الرادع للقضاء في مكافحة الفساد إجمالا وفي منع الإفلات من العقاب"، فضلا عن "تفعيل الإطار المؤسسي لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وإنشاء مؤسسة وطنية لمحاربة الرشوة والفساد".

وشدد الوزير الأول على ضرورة نشر الوعي بالآثار المدمرة للفساد، وترسيخ قيم وسلوكيات النزاهة لدى الأجيال الصاعدة، مذكرا بضرورة إدراك ما أكده الرئيس محمد ولد الغزواني خلال خطابه في حفل تنصيبه لمأموريته الثانية من "أن الحرب على الفساد والرشوة وسوء التسيير حرب الجميع: حربُ المنظومات الإدارية والقضائية، حرب أجهزة الرقابة والتفتيش، حرب النخبة من علماء وأئمة وساسة ومثقفين وقادة رأي ومجتمع مدني وصحافة ومؤثرين اجتماعيين ولا سبيل للنصر فيها إلا بتضافر جهود الجميع".

وأوضح ولد اجاي أن "نجاح كل هذه التدابير في مكافحة الفساد وتحسين الحكامة وإنجاح الإصلاحات المجتمعية العميقة وتسيير التغيير عموما رهين بقيام إصلاح جذري لإدارتنا العمومية"، متعهدا بعمل الحكومة على عصرنة وعقلنة تنظيم الادارة العمومية لتحويلها من إدارة إجراءات إلى إدارة مسؤوليات ومهارات ونتائج لتصبح فعاليتها أعلى وتخطيطها أدق ونهجها أكثر استشرافا وشفافية وأقرب للمواطن.

ونبه الوزير الأول إلى أن من آكد الأولويات رفع تحدي تحصين الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي، وذلك "باستئصال مختلف عوامل الفرقة والتنافر تحصينا لوحدتنا وانسجامنا وتصحيحا لميزان العدالة والمساواة"، قائلا: "نحن شعب واحد، ينصهر كله في وحدة إيمانية وعقدية جامعة، ويوحده التاريخ المشترك وتجمعه القناعة الراسخة بوحدة المصير والمستقبل الواعد".

واستدرك قائلا: "لكن وبكل صراحة، فإن رواسب عقليات بائدة، وصور نمطية زائفة، وتراتبية وهمية، تعمل باستمرار على إضعاف هذا الانسجام الاجتماعي".

وأوضح ولد اجاي أن هذه الرواسب تتغذى "من نكـء بعضنا لبعض الجراحات التاريخية ومن النفس الشرائحي والقبلي والجهوي المقيت، وكذا من التفاوت الاقتصادي البين، وما يصاحبه من فقر وهشاشة، واختلال في توزيع الثروة والفرص، تتضرر منه غالبا الفئات التي عانت تاريخيا من الغبن والتهميش"، منبها إلى أن موريتانيا إذا كانت استطاعت أن تحافظ على أمنها واستقرارها، في محيط شديد الاضطراب، وذلك "بفضل الله وقوته وبفضل نجاعة استراتيجيتنا الأمنية المندمجة ويقظة قواتنا المسلحة وقوات أمننا الباسلة.. فإن الخطر ما يزال ماثلا والتحدي قائما والتضحيات كبيرة واليقظة مطلوبة".

وكشف ولد اجاي عن اتفاق وقعته حكومته اليوم يقضي بتخفيض أسعار العديد من المواد الأساسية، وهو الاتفاق الذي وقعته كل من وزارة التجارة والسياحة، واتحادية التجارة، ويقضي بتخفيض أسعار المواد الغذائية الأساسية، وهي السكر، والأرز، والزيت الغذائي، والقمح، واللبن المركز.

وقال الوزير الأول إن بناء الدول والأوطان بناء تراكمي لا ينتهي؛ ومن أقوى اللبنات تعزيزا لصرح الدولة الموريتانية تلك التي وضعها صاحب الفخامة، رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال مأموريته المنصرمة، مؤكدا أن حكومته ستعمل على إطلاق حوار سياسي، من أبرز أجنداته مراجعة المدونة الانتخابية وتحسينها بما يخدم المزيد من المشاركة والشفافية والمصداقية"، وكذا مراجعة قانون الأحزاب السياسية، وموضحا أن مراجعة قانون الأحزاب السياسية يشكل "إحدى أهم الإصلاحات المعول عليها في تعزيز نظامنا الديمقراطي ودعم البني التنظيمية والمؤسسية للأحزاب تمكينا لها من أداء دورها المحوري في الحياة الديمقراطية".

وتعهد ولد اجاي أن يكون الحوار المزمع مسؤولا وصريحا وشاملا، ولا يقصي أحدا، ولا يستثني موضوعا جوهريا، محددا هدفه في "إعادة التفكير بتأن في منظومة حوكمتنا ونموذجنا الديمقراطي".

وتحدث الوزير الأول عن تعويل حكومته كثيرا "على مخرجات هذا الحوار في تعزيز دور مؤسساتنا، وتسيير العلاقات فيما بينها بشكل هادئ وسلس خدمة للمصلحة العليا لبلدنا الحبيب"، بحسب تعبيره.

وتعهد الوزير الأول بتسريع إنجاز المشاريع الكبرى الجاري تنفيذها وتسلمها واستغلال المواطن لها مع نهاية هذا العام.

ومن أهم هذه المشاريع:

- تشغيل مصنع الألبان 

- إكمال تهيئة وتشغيل مزرعة الحليب فى تنبدغه

- محطة المياه فى نواذيبو 

- استلام قرية الصناعة التقليدية فى نواكشوط 

- إنهاء أشغال مدريد 

- إنهاء أشغال الحي الساكن 

- إطلاق برنامج النقل الحضري على الأقل على محورين

- مصنع معالجة النفايات والصرف الصحي 

- إنهاء الأشغال وتسلم مركز الاستطباب الوطني 

- تجهيز وتسلم مستشفى سيلبابي 

- تسلم وتشغيل المركز الوطني للتخصصات 

- إكمال كهربة المناطق الزراعية  

- تجهيز وتشغيل السجن الجديد فى نواكشوط الجنوبية 

وتضمن البرنامج إصلاحات جوهرية في قطاعات التعليم والصحة والصيد والتشغيل والبنى التحتية والمصالح الخدمية المختلفة.

إن خطاب الوزير الأول السيد المختار ولد اجاي، اليوم أمام البرلمان، سيكون له ما بعده، وستسفر عنه موريتانيا جديدة وسيلتها العدل والحرية وغايتها التنمية والرفاه.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء