ما يزال الوقوف الحازم إلى جانب الأهالي في غزة بالإسناد السياسي والإعلامي وبالتبرعات المتنوعة، سيد الموقف في موريتانيا وأولوية الأوليات فيها، على المستويين الرسمي والشعبي؛ بل إن هذا الوقوف يزداد ويتطور حسب طول حرب الإبادة التي تشنها للسنة الثانية، آلة العدوان الصهيونية على المدنيين أصحاب الأرض في مناخ شديد القسوة وتحت حصار مطبق.

وهزت المسيرة الاخيرة مباني مندوبية الأمم المتحدة في موريتانيا التي توقفت أمام مقر المندوبية بعد أن انطلقت من المسجد الجامع في قلب العاصمة وجابت الشوارع الوسطى للعاصمة، بشعارات مزمجرة، ولافتات خفاقة، استنكاراً للجرائم الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، وخاصة مجازر جباليا الأخيرة.

واعتلى منصة المسيرة، عدد من الشخصيات الموريتانية البارزة بخطب قوية ومؤثرة، عبّروا فيها عن الغضب الشعبي الرافض للعدوان والمندد بالصمت الدولي والعربي تجاه الجرائم الصهيونية المتواصلة في غزة.

وأكد رئيس المبادرة الطلابية، أحمد الطالب بونا، في خطاب حماسي، “أن “الصمت الدولي هو جريمة شراكة مع الاحتلال، وأن الصمت العربي خيانة لتضحيات الشهداء”، داعياً “الشباب الموريتاني إلى تصعيد التفاعل مع القضية الفلسطينية من خلال التبرعات والحملات الإعلامية التي تسند المقاومة”.

ودعا سيدي أحمد ديه، رئيس مجلس إدارة الرباط الوطني الموريتاني لنصرة الشعب الفلسطيني، في كلمته إلى “تحرك دولي شعبي لكسر هذا الحصار الظالم عن غزة”، مشيراً “إلى أن التضامن مع المقاومة هو واجب الأمة بأسرها”؛ كما وجه نداءً خاصاً للإعلاميين لتكثيف التغطية حول معاناة الفلسطينيين والتصدي للتضليل الإعلامي الذي يحاول تبرير جرائم الاحتلال”.

وركز الخطباء على ضرورة تقديم الدعم المالي والإعلامي للمقاومة باعتباره الوسيلة الأهم لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني؛ مؤكدين “أن التبرعات هي وقود أساسي لاستمرار المقاومة وتخفيف معاناة أهل غزة المحاصرين؛ كما شددوا على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر الرواية الفلسطينية وكشف زيف دعاية الاحتلال.

وأنهت المبادرة الطلابية لمناهضة الاختراق الصهيوني وللدفاع عن القضايا العادلة يوم السبت، فعاليات “أسبوع الشهيد”، المنظم تضامناً مع الشعب الفلسطيني وإسناداً للمقاومة، وذلك بمهرجان طلابي ضخم بكلية العلوم القانونية والاقتصادية في جامعة نواكشوط.

وأكد رئيس المبادرة الطلابية، أحمد الطالب بونا، في كلمة بالمنسبة، “أن أسبوع الشهيد يمثل رسالة وفاء لشهداء الأمة الذين ضحوا بأرواحهم لتحرير وطنهم”، مشدداً على “رفض طلاب موريتانيا لأي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني”؛ كما أشاد رئيس المبادرة “بدور المقاومة كخيار لتحرير الأمة، معتبراً “أن التطبيع يمثل أكبر خيانة للقضية الفلسطينية”.

وفي إطار فعاليات الدعم المستمرة، نظمت المبادرة الطلابية معرضاً لصور الشهداء، تضمن توزيع منشورات تعريفية بالقادة الشهداء وشروحات عن نضالاتهم؛ وتخللت المعرض، رسائل تهدف إلى زيادة الوعي بدور المقاومة في الدفاع عن الأمة.

وفي نفس الإطار، نُظم، وسط إقبال كبير من الطلاب، عرض لفيلم “كمائن الموت” في ملحق كلية العلوم القانونية والاقتصادية، الذي تضمن صوراً عن العمليات البطولية للمقاومة الفلسطينية، وعن شجاعتها في مواجهة الاحتلال.

وعلى مستوى التبرعات، فقد أظهرت حصيلة الأسبوع الماضي، مؤازرة رسمية وشعبية للأهالي في غزة، حيث تعهدت الحكومة الموريتانية خلال المؤتمر الوزاري الأخير لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة، الذي عقد في القاهرة، بتقديم مساهمة مالية قدرها 300 ألف دولار لدعم الجهود الإنسانية المستعجلة في غزة.

وطالبت الحكومة على لسان وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك “بتحرك دولي عاجل وفعال يضع حداً لحرب الإبادة والحصار الإسرائيلي في القطاع”.

ولفت ولد مرزوك إلى أن “غزة تشهد منذ أكثر من 14 شهراً، حرب إبادة جماعية، راح ضحيتها حتى الآن آلاف الشهداء، أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وأدت إلى تدمير ممنهج لكل مقومات الحياة”.

وأضاف: “هذا العدوان الوحشي أدى إلى نزوح قسري لأكثر من 1.9 مليون من سكان القطاع، ومن تبقى من السكان يعيش في ظروف إنسانية بالغة القسوة، مع حرمانهم من أبسط حقوقهم الأساسية كالغذاء والدواء وحتى مياه الشرب”.

وتواصلت كذلك، على المستوى الشعبي، حملات التضامن الواسعة مع الأهالي في الأراضي المحتلة، حيث تنافست القبائل الموريتانية في جمع التبرعات لأهالي قطاع غزة المحاصر، لتصل تبرعاتها إلى نحو 10 ملايين دولار، بحسب تقارير لمنظمات محلية ناشطة في المجال. وفي سياق متصل، أعلنت المبادرة الطلابية الموريتانية “أنها قامت، بالتعاون مع فريق “القدس أمانتي” الطلابي، بجمع أكثر من 11.5 مليون أوقية قديمة لصالح إسناد أهل غزة، ضمن الحملة الطلابية الكبرى لدعم القضية الفلسطينية”.

وأطلق الرباط الوطني الموريتاني لنصرة الشعب الفلسطيني يوم الأحد مشروع توزيع الطرود الغذائية الذي ستستفيد منه 1000 أسرة نازحة في شمال غزة.

وعبر المنتدى الإسلامي الموريتاني، تبرع نادي الإبداع الثقافي بقرية تنجغمايك (جنوب موريتانيا) يتبرع بمبلغ 1.000.000 أوقية قديمة للأهل في غزة، كما مول معهد دار القرآن الكريم بقرية أجار في مقاطعة الرًكيز (جنوب موريتانيا)، برنامج توزيع 200 كيس من الطحين (10 آلاف كلغ إجمالاً) على 200 أسرة شمال غزة.