(وكالة الوئام الوطني - افتتاحية)/ ليس غريبا أن تشكل موريتانيا، بموقعها الجغرافي المتميز وبدبلوماسيتها النشطة وباحترام دول الجوار والعالم لرئيسها السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ووزيره الأول السيد المختار ولد اجاي، الوجهة الأولى لقادة السنغال الجدد.. فقد كانت أول محطة يزورها الرئيس باسيرو اديوماي افاي بعد انتخابه، وها هي اليوم تشكل أولى محطات وزيره الأول عثمان سونوغو الخارجية بعد توليه قيادة الحكومة السنغالية.
إن اهتمام حكومة السنغال بموريتانيا لم يأت من فراغ، بل من جذور التاريخ وجيرة الجغرافيا، ومن المصالح المشتركة والتكامل الاقتصادي والمصير المترابط.
لقد وعت القيادة السنغالية الجديدة حقيقة أن الاستقرار في موريتانيا ونموها الاقتصادي يعتبران مصدر استقرار ونماء في السنغال، وأن المحافظة على متانة العلاقات مع نواكشوط هي السبيل الوحيد لتوفير العمالة للسنغاليين من صيادين وبنائين وفنيي سيارات وباعة متجولين وعمال منازل... فضلا عما توفره استثمارات القطاع الخاص الموريتاني في السنغال من دعم لاقتصادها الوطني، وهو ما جسد رئيس الوزراء السنغالي أهميته في توشيح رجال أعمال موريتانيين على رأسهم السيد محمد ولد بوعماتو، ورئيس اتحاد أرباب العمل الموريتانيين، السيد محمد زين العابدين ولد الشيخ أحمد، بأعلى الأوسمة.
وتأكيدا على اهتمام السنغال بشراكتها الاستراتيجية مع موريتانيا، حرص سونوغو على اصطحاب لجنة وزارية من مختلف القطاعات لتجد نظراءها الموريتانيين في انتظارها لتوقيع عديد الاتفاقيات التي طالت مختلف مناحي التعاون بين البلدين الشقيقين، كالأمن والطاقة والنقل والبنى التحتية والصيد والثروة الحيوانية والاستثمار والقطاع الخاص... وغير ذلك من مجالات التعاون المختلفة.
لقد عبر البيان الختامي، الصادر في أعقاب زيارة الوفد الحكومي السنغالي إلى موريتانيا، عن إشادته بتبادل الزيارات رفيعة المستوى بين قادة البلدين، مؤكدًا الالتزام بتعزيز الحوار السياسي والتنسيق في المحافل الإقليمية والدولية، خدمة لتوطيد الاستقرار والتنمية في المنطقة.
ونال استتباب الأمن ومكافحة التحديات المشتركة، كالإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية، حيزا كبيرا من نقاشات الطرفين اللذين اتفقا على إنشاء إطار عملياتي مشترك لتعزيز التعاون الأمني.
وفي مجال الطاقة، أشاد الجانبان بنجاح مشروع “السلحفاة أحمييم الكبير” (GTA)، واتفقا على تعزيز المحتوى المحلي وزيادة الفوائد الاجتماعية والاقتصادية من المشروع، بما يخدم التنمية المستدامة، باعتباره يمثل نموذجًا للتنسيق المثالي بين البلدين.
وأوضح البيان المشترك خلال حديثه عن النقل بين البلدين والبنية التحتية الداعمة له، أنه تم التأكيد على أهمية مشروع جسر روصو كرمز للتعاون الحدودي وتسهيل التبادلات الاقتصادية، كما اتفقا على معالجة التحديات المتعلقة بالنقل البري والجوي، بما يضمن تحقيق التوازن بين المصالح المشتركة.
وبخصوص الصيد أكد الطرفان على أهمية التعاون في إدارة الموارد البحرية وتعزيز قيمتها الاقتصادية، بينما تم الاتفاق، في مجال الثروة الحيوانية، على تطوير نموذج التعاون المشترك في تزويد الأسواق، خاصة خلال المواسم الدينية مثل عيد عيد الأضحى المبارك.
وتعزيزا للاستثمار المتبادل وإشراك القطاع الخاص فيه، نظمت الحكومة الموريتانية طاولة مستديرة جمعت القطاعين العام والخاص من البلدين، حيث تم التأكيد على أهمية القطاع الخاص في تعزيز التعاون الاقتصادي. كما تم الاتفاق على تنظيم النسخة الثانية من المنتدى الاقتصادي الموريتاني-السنغالي في شهر أكتوبر المقبل.
وبخصوص التنسيق المشترك بين حكومتي موريتانيا والسنغال حول القضايا الاقليمية عبر الطرفان عن التزامهما بتعزيز التعاون ضمن الأطر الإقليمية، لمواجهة تحديات التنمية والاستقرار في منطقة الساحل، تعزيزا للتكامل الإقليمي الذي يعتبر رافعة أساسية للتنمية المستدامة.
لقد أبانت زيارة الوفد الحكومي السنغالي رفيع المستوى عن المستوى الرفيع للعلاقات الثنائية بين البلدين الجارين، وعن مدى التكامل الاقتصادي والتنسيق الأمني بينهما لمصلحة شعبيهما وشعوب المنطقة.
وكالة الوئام الوطني للأنباء