لا جدالَ بين الدارسين لوضعية قارة المستقبل (إفريقيا)، حيث احتدام بُؤر الصراع حول الثروات البِكر والسُّلطِ المتوارثة، أو الباحثين في حال الأمة المسلمة (أمة آخر نبوة، وآخر كتاب محكم مهيمن)؛ بأن موريتانيا نَجَتْ بحمد الله في السنوات السبعِ الماضية من الحروب الممتدة ، وصراعاتِ نُفوذ المحاور الأجنبيّة، وكانت الاستثناءَ في حروب الجغرافيا ، والانقلاباتِ الفُجائية في دول مجال الساحل الإفريقي، وضفاف المغرب العربي؛ وأضحت موريتانيا المتصالحةُ واحةَ استقرارٍ ومرجعَ حوْكمةٍ، تدعو إلى التّعاضُدِ والتآخي والسلم الأهلي بين الأطراف الداخلية، وتتمسَّكُ بمبادئ استقلالِ الدّول وحق الشعوب في الحفاظ على كرامةِ أوطانها وخيراتِها و مقدراتها.

استطاع حكيمُ موريتانيا والقارة (غزواني) أن يثبتَ أنه في العدْوتين (في الداخل ، وفى الخارج ) رئيسٌ بلا أعداء،،، ويقودُ بلدا بلا رؤية حروبٍ عبثيّة من أي عيار؛
في الداخل اختفت المشاحنات، التي طبعت حكم الأنظمة بين قطبيْ المعارضة والسلطة منذ 1960 إلى 2019، وكانت مرارا تُحسَمُ بانقلاباتٍ واعتقالاتٍ غيرِ دستورية، تسببت للموريتانيين في كثير من المظلوميات الفردية والجماعية والمجتمعية.

بدا أن الرئيس غزواني، (10)عاشرُ رئيسٍ يصلُ القصرَ الرمادي بـ”آلية انتخابات توافقية ، ليس له خصوم، ولم يصنع مع السياسيين عداواتٍ، مهما كان مشربهم، ولا سمع منه الموريتانيون كلمةَ سوءٍ في أعراضهم، ولا ضايقهم في قطع أرزاقهم. معادلة جديدة أرساها (الرجل الصَّموتُ الوقور) في حكم موريتانيا؛ لا حروبَ مع الموريتانيين في الداخل، ولا حرب مع غيرهم في دول الجوار، وظلَّ الخيطُ ممدودا مع “المغاضب “البعيد والقريب.
وإذا كان صُنّاعُ الحروب في العقول من الساسة، وفي الميدان من المستضعفين، وكبراء المترفين، ينظرِّون منذ القرن التاسع عشر أن أيَّ زعيم ـ لكي يحافظ على الأمن القومي منتصراً لهوية أمته ـ عليه أن يصنعَ الأعداء، ليجمع جنده على حروبه؛ فقد غيَّرَ الرئيسُ هذه المسلَّمة إلى قاعدةِ أنّ الأمنَ القوميَّ والدوليَّ يُحافَظُ عليه بمدإ أنّ الغلبةَ للحقِّ والعدلِ؛ حق الشعوب ِ في أوطانِها، والعدلِ في النّأيِ عن الفِتَنِ والحروب ومسبِّباتِها.

هذا المرتكزُ كان جِبِلَّةً وسَجيَّةً للرجل، جنَّبَ البلادَ والعباد كثيراً من المطبّاتِ والهزّات العنيفة، خلال مأمورياته في جهازِ الأمنِ يشقَّيْهِ العسكريِّ والمدنيِّ، وفي إدارته لقيادة الجيوش، ووزارة الدفاع، وفي قيادته لدفة الحكم، وخلال رسمه للنهج. الدبلوماسية الذكية في القارات الخمس، وصداقاته منع قادة العالم في مشارق الأرض وفي مغاربها، وخلال محطات الانتخابات في موريتانيا، والإصلاحات الهيكلية في قطاعات الاقتصاد الاجتماعي في السنوات. التي أدار فيها المشاهد هذه

بهدوئهِ الراسخ ودماثةِ خلقِه و تربيتِه الفطرية، كسَبَ الرجلُ قلوبَ مُحاوريه وعقولَ مُلاحظيه؛ وآوى إلى ركنٍ شديد من التأمُّلِ الخارقِ في عواقب الأمور؛ تراه يُنصِفُ التجاربَ التسعَ لحُكّام هذا “المنكب البرزخي” قبله، فيقول إنه يتفهم الإكراهاتِ التي واجهتهم، وإن كل واحد منهم وضع لبنةً في بناءِ وطنٍ لا ينتهي العمل فيه؛ وتراه يعطى الأملَ فيقولُ مخاطباً الجميعَ:
كلٌّ منكم يمكن أن يشارك في هذا البناء، ويضع خطوةً في بناء المستقبل، كأنه يقدم الأداء والتميز، على الصور النمطية، والولاء المزيف لمن مدحه وذم غيره.
عندما يعلنُ فكرُ الإجماع الوطنيّ عن رؤيةِ حوار جامع في أفق (أسابيع )، ويراهن على نجاح هذه التجربة، وتجنب الإخفاقات الماضية؛ فهذا منعطفُ تغييرٍ يجب ألَّا نقبلَ ضياع سقفِه غير المحدودَ، أو أن يحتكره من لا يؤمن بالإجماع، فالإجماعُ لا يصنعه أفرادٌ يعملون لمصالحهم الشخصية، أو الحزبية الضيقة، كما لا يحدِّدُ بوصلتَه من لا يعترفُ بأسس خطاب 1 مارس 2019، العظيم الذي كان منطلق الإجماع. الوطني
من حقنا أن نحلم، فهذا الرئيس الذي هو محل إجماعٍ وطنيٍّ يرى أنصارُه الحقيقيون أنه يحب أن يحاط بقياداتٍ تفكرُ تفكيرَه وتحمل أخلاقَه، ومعارفَه، مخلصة إخلاصه، وصادقة صدقه. وتمثله حق. التمثيل

وعندما يرى المتيَّمون بهذه الشخصية الكاريزمية من يقف إلى جانبه وهو لا يمثل أخلاقَه ومنهجَه، يصابونَ بالذهول، فالله جلت قدرته أمر الأسوة الحسنة. صفوة خلقه محمدا صلى الله عليه وسلم بالصبر مع الذين يريدون الحق، ويمثلون منهجه، وقد أسس لذلك فكر الصحبة والهجرة والنصرة والجهاد بالمال والنفس ، وقال إنّ الخليل على دين خليله.
كما أننا لم نُخْفِ يوماً أن هذا القائد فرصةٌ لا تضيع للتغيير و بناء لوطن من أغلى الأوطان، في أمة المليار مسلم، وقارة المستقبل، قارة مهيضة الجناحين من القرن الإفريقي إلى شمالها وغربها.

طموحنا بناءُ وطنٍ يكون الوزيرُ والمستشارُ مؤتمنين، كما نرى في دول صاعدة؛ 80 اختصاصاً يحيطون بهذا الرئيس الفانوس، لا يستلم أحدهم ملفا إلا إذا كان يحمل رؤية اختصاص وتجارب مبادرات ناجحة وفكر دولة مؤسسات، ويرى أثره فى الميدان وتاريخ النضال ومقاومة الاستبداد.

ومن رؤى مخرجات حوار الإجماع الوطني المنشود في.أسابيع أن تتغير نظرتنا إلى كوابحِ التغيير في جميع أبعاده؛ فيتوقف التلاعبُ والتراخي في ملفات جوهرية تتعلق برسم وتنفيذ استراتيجيات تغيير خلال 36 شهرا؛ في مجالات الهوية، والخدمات الضرورية كالطاقة، والأمن، والتحول الرقمي، والمياه، والثروة المعدنية، والثروة السمكية،
والثروة الزراعية، والثروة التعليمية، والثروة الثقافية، والتدبير الديني، والجيش الفضائيي،ومحاربة الهجرة والفساد، وإنشاء. مركبات بناء القدرات والصناعات التحويلية، والربط الكهربائي، والمدن المتخصصة علميا وطبيا وسياحيا، و خطط الاستثمارات، والسكن الاجتماعي، والأدوية، والمدن الجامعية، ودولة القرءان والسنة، وإصلاح نظام المصارف، والأسواق، ومنظومات النقل، والزكاة، وإقامة نظام تنمية مستدامة، عبر الأقطاب التنموية الخمسة، وإصلاح قطاعات القضاء والتشريع والأمن، وقوانين التأمين ،وإصلاح قوانين الموظفين ، والمتقاعدين، وأبناء الفقراء واليتامى، وأبناء الشهداء، وإصلاح قوانين المرأة، والرعاية الاجتماعية، ومحاربة الربا والمخدرات والخمور، ومهددات النظام الأسري، وإصلاح العدالة والسجون، وتغيير نمط الأحزاب، ومقاصد السياسة الرقابية و الدبلوماسية، و التجنيد الإجباري، وأنظمة الامتيازات والأولويات في الجغرافيا والمصادر البشرية، والعمل بأنظمة قواعد البيانات من العقار، إلى الجواز، والحالة المدنية، والعملة، والعلم الوطني، و أهلية القوانين الدستورية، و دخول عصر الذكاء الاصطناعي، وبناء دولة للأجيال الثلاثة (جيل التأسيس، جيل التجارب والكفاءات، و جيل المستقبل)، وفرز أمناء التراث، والمواطنة، فى دوائر حراس جغرافيا الوطن.

ومن البديهيِّ أن ثروة موريتانيا تتجاوز المعادن والثروات الطبيعية إلى الثروة البشرية، وهذه الثروة مستنزفةٌ الآن بين رجال تجارب مطاردين، وخبرات شباب مهاجرين، وحملات أغيلمة البشمركة المطبلين لكل من يدفع. كأن السياسةَ أصبحت حكرا على غير المناضلين، وكأن النفوذَ أصبحَ بيد المتسلقين المتألهين.

موريتانيا في حوار الاجماع بحاجةٍ إلى بوصلة تغييرٍ شامل؛ و الكل مُجمعٌ على رئيسه الذي أخمد الحروبَ، منذ حملَ شعلة هذا التغيير منذ 1 مارس 2019.
فهل يعتبرُ خطابُ القصر، 9 رمضان 1446 هجرية بداية تحديد بوصلة التغيير القادم؟
الأكيد أن عام 2025 عامٌ فارقٌ في العالم، وفي المجال بكل أبعاده الجغرافية والسياسية ورؤى المستقبل.
عالم يتغير…ومشهد يتشكل … والطوفان وعي في كل الساحات يتجدد.
موريتانيا أمانةٌ، ووطننا لا يباع!