بصوت جهوري يجلجل في جنبات النمجاط، وقف صديقي النائب الداه صهيب الليلة البارحة على منصة التدشين، ممسكًا بتلابيب البلاغة، مشدودًا إلى وهج الفصاحة، ينثر من درر الكلام ما يليق بالمقام.
كانت كلماته ترانيم عربية أصيلة، يعبق منها أريج خطب الأوائل، فلا انكسار في النبرة، ولا وهن في المعاني، بل هو الخطاب الذي يسري في أوصال السامعين كما تسري الروح في الجسد، يشحذ العزائم، ويوقظ مكامن الفخر.
في حاضرة النمجاط، حيث العلم والتصوف يتعانقان في ظل الطريقة القادرية، حيث الذكر على الألسنة لا يفتر، وحيث الأسانيد العلمية تمتد في عمق الزمن كما تمتد الجذور في تربة التاريخ، جاءت كلمته مشبعة بروح الإيمان ومعطرة بحكمة السلف.
خاطب الحضور بلسان عربي مبين، لا تلحن فيه الألفاظ، ولا تزل قدم البيان، مستحضرًا إرث المحظرة الموريتانية ومكانة النمجاط كمركز من مراكز الإشعاع العلمي والديني.
لقد كان المشهد أشبه بمهرجان للكلمة الناصعة، حيث التقت الفصاحة مع المقام الرفيع، والتاريخ مع الحاضر، والشريعة مع الوطنية.
وفي الحضرة القادرية، حيث يقف الزمان إجلالًا، ألقى النائب الداه صهيب كلمته كما يلقي الشاعر قصيدته العصماء، فانصتت له القرائح قبل الآذان، وارتوت الأرواح من معين بيانه، وخرج الجمع مشحونًا بالحماسة.
#ذكدو
من صفحة المدون - الشيخ ولد المامي