بيت لحم /PNN/ حسن عبد الجواد - أعلنت إدارة مهرجان الأرض السينمائي عن قائمة الأفلام المشاركة في الدورة الحادية والعشرين، التي تستضيفها مدينة كاليري بجزيرة سردينيا من 25 فبراير إلى 1 مارس.

يُعد المهرجان أحد أهم المنصات الأوروبية التي تسلط الضوء على السينما الفلسطينية، حيث يوفر نافذة لمناقشة القضايا السياسية والاجتماعية من خلال الفن السينمائي والوثائقي.

ويتضمن برنامج المهرجان 21 فيلمًا في المسابقة الرسمية، من مختلف أنحاء العالم، تتنوع بين الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة، بالإضافة إلى أربعة أعمال خارج المسابقة تُثري العروض الفنية. وتتناول هذه الأفلام قضايا فلسطين والعالم العربي، وتعمل على توثيق الأحداث وتسليط الضوء على النضالات المستمرة ضد الظلم والاستعمار.

ينظم المهرجان جمعية الصداقة سردينيا-فلسطين، التي أطلقت الفعالية عام 2002 بهدف إبراز واقع فلسطين عبر السينما، إلى جانب الاهتمام بالإنتاج السينمائي العربي. ولا تقتصر فعاليات المهرجان على عروض الأفلام، بل تمتد على مدار العام من خلال مبادرات ثقافية وتعليمية، مثل "فلسطين تُعلّم" و"فلسطين في المنهج"، التي تستهدف المعلمين وطلاب الجامعات والمدارس المتوسطة والثانوية، بهدف تعزيز الوعي بتاريخ فلسطين وهويتها.

يشارك في تحكيم هذه الدورة نخبة من الأسماء البارزة في مجال السينما والتاريخ، وهم:نورمصالحة – بروفيسور في التاريخ، سليم أبو جبل – مخرج وناقد سينمائي، لينا بوخاري – مديرة قسم السينما في وزارة الثقافة الفلسطينية، ليندا بغانيلي– مخرجة، أنتونيو ديانا – مخرج سينمائي، كما يحلّ ضيفان بارزان على المهرجان، هما المخرجة مونيكا ماورير، والكاتب والشاعر الكبير إبراهيم نصر الله, والبرفسور وسيم دهمش.

مهرجان في وجه الإبادة الجماعية والتدمير الممنهج

تنعقد هذه الدورة كما آخر دورتين للمهرجان في ظل مشهد دولي قاتم، حيث تواصل الإبادة الجماعية في فلسطين حصد المزيد من الأرواح، وسط تدمير ممنهج يستهدف المدارس، والجامعات، والمستشفيات، وأماكن العبادة، في محاولة واضحة لمحو الذاكرة الثقافية والتاريخية للشعب الفلسطيني. كما تتكرر الانتهاكات في سوريا ولبنان واليمن، ما يجعل من توثيق الأحداث وحفظ الذاكرة تحديًا مصيريًا أمام الصحفيين والمصورين وصناع الأفلام، الذين يواجهون قيودًا خانقة، من حسابات محظورة، واتصالات مقطوعة، ومعدات تصوير مدمرة، إلى محاولات مستمرة لخنق الحقيقة.

في هذا السياق، يشدد المهرجان على أهمية السينما كأداة لمحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، وإبراز الحقيقة في وجه الدعاية التي تحاول طمسها. 

شجرة الزيتون: رمز المقاومة والصمود

يأتي التصميم البصري للمهرجان هذا العام مستوحًى من شجرة الزيتون، التي ترمز إلى الحياة والمقاومة والتجذر في الأرض، رغم كل محاولات الاقتلاع. إنها الشجرة التي، حتى لو قُطعت أغصانها، تنبت من جديد أقوى وأعمق جذورًا. يعكس هذا التصميم رؤية المهرجان، باعتباره تربة خصبة لنقل المعرفة، وحفظ الذاكرة الجماعية، وتعزيز الارتباط بالأرض والهوية.

من خلال فقرة "سا تيرا"، يستعرض المهرجان الإنتاجات السينمائية حول سردينيا، حيث تتشابك نضالات الجزيرة مع نضالات شعوب أخرى عبر البحر الأبيض المتوسط. سردينيا، التي تواجه بدورها الاستغلال والمضاربات المفروضة من الأعلى، تستعيد هويتها وتراثها الثقافي، في تقاطع مع القضايا الفلسطينية والعربية.

في ظل الإبادة الجماعية، والتدمير الممنهج، والاستهداف المستمر للمدنيين والصحفيين، يؤكد مهرجان الأرض السينمائي على أهمية السينما كأداة للمقاومة والتوثيق، وفضح الجرائم، ونقل الذاكرة للأجيال القادمة. المهرجان ليس مجرد حدث ثقافي، بل هو مساحة للحوار والمشاركة والوعي، حيث يلتقي صناع الأفلام والجمهور للدفاع عن الحق، والوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ.