تل أبيب -PNN- يحذّر الجيش الإسرائيلي من أزمة تتفاقم في صفوف قوات الاحتياط، على خلفية خطط توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة، والتي تشمل إمكانية استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط. ويأتي ذلك عقب قرار الحكومة الإسرائيلية خرق اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى، واستئناف القتال في القطاع، ما أدى إلى تراجع في معنويات جنود الاحتياط، وفق ما أفادت صحيفة "هآرتس"، اليوم الخميس.
وأشارت الصحيفة إلى أن عددًا كبيرًا من جنود الاحتياط توجهوا، خلال الأسبوعين الأخيرين، إلى قادتهم وأبلغوهم بأنهم لا ينوون الاستجابة إلى أوامر الاستدعاء في حال طُلب منهم الالتحاق بالجيش في إطار جولة جديدة من القتال.
وعزوا الجنود ذلك إلى قرارات الحكومة بإقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، والتوجّه لإقالة المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهارف ميارا، والتعديل التشريعي الذي يمنح الحكومة السيطرة على تعيين القضاة.
وصرّح بعضهم أن لديهم مخاوف حقيقية من تجاهل الحكومة لقرارات المحكمة العليا، فيما يعتقد الجيش أن حجم الظاهرة أكبر مما هو معروف علنًا، لأن العديد من الجنود لا يعربون عن نيتهم رفض الخدمة بشكل علني، وينتظرون تلقي أوامر الاستدعاء لتفعيل قرارهم بعدم الالتحاق لصفوف الجيش.
في الأسابيع الأخيرة، أعلن بعض جنود الاحتياط عن رفضهم الالتحاق بالخدمة بسبب ما وصفوه بـ"الانقلاب القضائي". ومن بين هؤلاء، الملّاح الحربي ألون غور، الذي كتب عبر وسائل التواصل: "هذا الصباح، انكسرت. التقيت بقائد السرب وأبلغته أنني انتهيت".
وأضاف غور، الذي خدم في سلاح الجو 16 عامًا: "الدولة تجاوزت الحد حين تخلّت مجددًا عن مواطنيها عن وعي وفي وضح النهار، حين طغت الحسابات السياسية على كل اعتبار، وحين فقدت حياة البشر قيمتها، وحين بدأت الحكومة تُصفّي حماة القانون".
وقد تم طرده من الخدمة بعد نشره هذا التصريح، ولحق به عدد آخر من جنود الاحتياط الذين أعلنوا توقفهم عن التطوع، بحسب ما ذكرت "هآرتس".
ولفتت الصحيفة إلى أن قادة كبار في وحدات الاحتياط أبلغوا قيادة الجيش العليا، مؤخرًا، عن قلقهم إزاء هذا التوجه. وأشار بعضهم إلى أن نسبة الحضور في وحدات الاحتياط تراجعت بنسبة 50%.
وقال ضابط كبير في قوات الاحتياط للصحيفة إن قادة الألوية والكتائب يواجهون عشرات الحالات التي أبلغ فيها الجنود عن نيتهم عدم الالتحاق، مشيرًا إلى أن السبب الأبرز هو خرق اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، يليه قانون إعفاء الحريديين من الخدمة العسكرية، وتشريعات "الإصلاح القضائي".
وأضاف الضابط أن وحدات الاحتياط تعتمد حاليًا على مقاتلين من وحدات أخرى غير مشاركة في القتال، ولكن في حال اتساع نطاق التعبئة لقوات الاحتياط، فإن معظم هؤلاء سيطلبون العودة إلى وحداتهم الأصلية، ما سيؤدي إلى نقص في القوة المطلوبة.
ونقلت الصحيفة عن ضباط قولهم إن عددا من قادة وضباط التشكيلات القتالية والاستخباراتية والمنظومة النارية في الاحتياط، أبلغوا قياداتهم مؤخرًا بعدم نيتهم الالتحاق بالجيش. وفي إحدى الوحدات الخاصة، أبلغ طاقم احتياطي متمرّس قادته بأنه لن يلتحق بالجيش في جولات الاستدعاء المقبلة.
ووصفت "هآرتس" هذا الطاقم بأنه "أظهر قدرات قتالية متقدمة خلال الحرب في غزة ولبنان". فيما أبلغ طاقم آخر من يتبع لوحدة خاصة قائده أنه لا يزال يدرس قراره النهائي، لكنه نصحه بالاستعداد لاحتمال انسحابهم من الخدمة التطوعية.
وفي السياق ذاته، يعبّر الجيش عن قلقه من توسّع ظاهرة "الرفض الصامت"، وهي الحالات التي يبرّر فيها الجنود عدم التحاقهم بالخدمة بأسباب صحية أو اقتصادية أو عائلية، في حين أن دوافعهم الحقيقية أخلاقية أو سياسية.
وقال ضباط في الاحتياط إن الإرهاق النفسي والبدني هو عامل رئيسي، إذ أن العديد من الجنود خدموا مئات الأيام خلال العام الماضي. وقال إن "الكثيرين باتوا يفضّلون شراء تذكرة سفر رخيصة فقط ليحصلوا على عذر رسمي يمنعهم من تلبية أوامر الاستدعاء".
وأضاف أن القيادة العسكرية العليا لا تدرك حجم الضغط الذي يعيشه الجنود، وإذا استمر هذا التجاهل، فإن الامتناع عن الخدمة سيتوسع. وبحسب التقرير، فإن قيادة الجيش تُدرك أن إقالة مئات الجنود أو فرض عقوبات عليهم بعد عام ونصف من القتال ليس أمرًا ممكنًا أو مقبولًا.
ويقدّر الجيش أنه في حال تصعيد القتال مجددًا واستدعاء عدد كبير من الاحتياط، فإن القادة سيتلقّون رسائل من جنود يعلنون عدم التزامهم، دون أن يكون للجيش أي حلول حقيقية، كما لفت التقرير إلى محاولات من بعض أهالي الجنود النظاميين منع أبنائهم من مواصلة خدمتهم القتالية بسبب قرارات الحكومة الأخيرة، وأشارت إلى أن الكثير من الأهالي يضغطون على الجنود للانتقال إلى وحدات غير قتالية.