تشكّل الانفجارات المتزامنة لمئات من أجهزة اتصال يستخدمها عناصر في حزب الله الذي نسب الهجوم إلى إسرائيل، ضربة قوية لنظام الاتصالات الخاص به، قد تؤثر على أدائه في أي حرب مقبلة مع إسرائيل، كما يرى محللون.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

ويستخدم أعضاء حزب الله من مقاتلين وطواقم صحية وإدارية، نظام "بايجرز" للتواصل، وهي أجهزة استدعاء لاسلكية، بديلا من الهواتف الجوالة بسبب اختراق إسرائيل لشبكة الاتصالات في لبنان، كما قال مصدر أمنيّ.

وقُتل 12 شخصا على الأقل، وأصيب ما لا يقلّ عن 2800 آخرين بجروح في الانفجارات المتزامنة لأجهزة الاتصال، التي وقعت أمس الثلاثاء، في مناطق تعدّ معاقل لحزب الله في لبنان.

وسجّل العدد الأكبر من الجرحى في ضاحية بيروت الجنوبية، التي تضمّ مؤسسات حزب الله الأساسية، وتوزّع الجرحى الآخرون بين جنوب لبنان حيث يتبادل مقاتلو حزب الله القصف عند الحدود مع إسرائيل منذ نحو عام، وفي شرق لبنان حيث يعتقد أن الحزب يخزّن بعض أبرز أسلحته.

واعتبر مصدر مقرب من حزب الله أن تلك الانفجارات، تعدّ "أقسى ضربة يتلقاها الحزب" من إسرائيل.

ومنذ بدء الحرب في غزة قبل نحو عام، تشهد المنطقة الحدودية بين إسرائيل ولبنان تبادلا يوميا للقصف بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله.

وتشنّ إسرائيل ضربات موجهة ضد مقاتلي حزب الله، من خلال غارات طائرات مسيرة تستهدف خصوصا دراجات نارية وسيارات.

ومنذ الأسابيع الأولى للتصعيد، طلب حزب الله من عناصره الكف عن استخدام الهواتف الجوالة، لتفادي أن يتمكن الجيش الإسرائيلي من تحديد موقعهم.

وشرح المصدر الأمني أن أجهزة الاتصال التي انفجرت شحنة جديدة منها الثلاثاء، تستخدم عادة في "استدعاء المقاتلين والطلب من الطواقم الطبية والإدارية الالتحاق بعملهم، بالإضافة إلى التحذير من المسيرات الإسرائيلية في الأجواء".

ورغم حجم الهجوم غير المسبوق الذي وقع الثلاثاء، كما وقع هجوم مماثل له، الأربعاء، اعتبر العقيد المتقاعد في الجيش اللبناني، هشام جابر، أنه "لن يؤثر ميدانيا على الحزب" بشكل كبير، "لأن لديه وسائل ثانية سريّة يستخدمها".

وشرح جابر أن لدى حزب الله "شبكة اتصالات (...) داخلية" هي عبارة عن شبكة أرضية "أنشأها قبل سنوات (...) موجودة في كل المناطق بين القيادات، وكذلك للتواصل من منطقة إلى أخرى".

في المقابل، أوضح مصدر أمني، أن حزب الله يشكّ في أن "قسما من شبكة الاتصالات الأرضية الداخلية الخاصة به مخترق" أيضا، "لكن الحزب لديه شبكة اتصالات أخرى آمنة، للتواصل بين القيادات".

ورأت المحللة السياسية الخبيرة في شؤون حزب الله، أمل سعد، أن انفجارات أجهزة الاتصال هي "طبعا خرق تكنولوجي وأمني لحزب الله"، ما يعني أنه سيكون للهجوم "تأثير على القيادة والسيطرة، وسيكون عليهم إيجاد طرق جديدة، لتجنب مثل هذه الأمور".

تجمهُر أمام مشفى ببيروت، أثناء نقل مصابين إليه (Getty Images)

واعتبر مدير ملف سورية والعراق ولبنان في مجموعة الأزمات الدولية، هايكو فيمن، كذلك أنه بات على حزب الله "الآن إعادة تقييم نظامه للاتصالات (...) وأن يجد حلولا بديلة".

بالإضافة إلى هذه الضربة لنظام الاتصالات، فإن حجم الخسائر البشرية التي طاولت حزب الله منذ بدء التصعيد مع إسرائيل قبل نحو عام، كبير أيضا، فقد قُتل أكثر من 400 من مقاتليه حتى الآن، بينهم قياديون في الحزب، على مدى الأشهر الماضية.

ومع عدد الجرحى الكبير في انفجارات أجهزة الاتصال، "هناك مئات ربما لن يكونوا قادرين على التحرك في الوقت الحالي، وغير قادرين على أداء مهامهم في الحزب"، وفق هايكو فيمن.

وأضاف أن "ذلك سيكون عاملا معطلا بالتأكيد".

في المقابل، رأى جابر أن عدد الجرحى الكبير لن يكون له بالضرورة تأثير على عمليات حزب الله، وقال: "نحن نتحدّث عن ثلاثة آلاف جريح، فيما للحزب 50 ألف مقاتل".

وشرح جابر أن المسؤولين السياسيين الكبار في الحزب، لا يستخدمون أجهزة بايجر وبالتالي لم يتعرّض أحد منهم لأذى في هذه الانفجارات.

(Getty Images)

مع ذلك، فإن نجل النائب في حزب الله علي عمار، قتل في الانفجارات، بينما أصيب كل من نجل النائب حسن فضل الله، ونجل مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب، وفيق صفا.

وقال المصدر الأمني إن مسؤولا بارزا في العمليات العسكرية في الجنوب، أصيب بجروح في الانفجارات نفسها، فيما فقد الحزب الاتصال بعدد من مقاتليه على خط الجبهة الأمامية، انفجرت أيضا أجهزة الاتصال الخاصة بهم.

ولاحظ محّللون أن هذه الخسائر من شأنها التأثير على إدارة عمليات حزب الله ضد اسرائيل.

وقال هايكو فيمن: "في كل حرب، تعد الاتصالات امرا حيويا. وإذا تمكن العدو من اختراق اتصالاتك، فإن ذلك يعني أنك في وضع صعب".

(Getty Images)

وذكرت أمل سعد أنه "في ما يتعلق بكيفية تأثير (الانفجارات) على قدرة حزب الله على خوض الحرب، من الواضح أن الأمر سيكون له أثر" يطاول "حسابات حزب الله العسكرية، إذ بات عليه أن يعيد النظر في نظام اتصالاته".

اقرأ/ي أيضًا | إسرائيل تدعي أن التفجير في تل أبيب قبل نحو عام كان محاولة فاشلة لاغتيال يعالون

اقرأ/ي أيضًا | الفرقة 98 تتحرك شمالا: إسرائيل تنقل ثقلها العسكري إلى جبهة لبنان