في ظل حالة من التوتر المتصاعد التي تسود في لبنان وإسرائيل، والتقديرات التي تشير إلى تصعيد دراماتيكي قد يهدد باندلاع حرب شاملة، يواجه حزب الله ضغوطًا نتيجة التطورات الأخيرة، فيما يبقى مستقبل الصراع معقدًا، حيث تتباين الخيارات أمام الحزب بين الرد المنظم أو الدخول في مواجهة شاملة.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

في المقابل يتضح عقب خطاب الأمين العام لحزب الله، أمس الأربعاء، والعمليات التي نفذها الحزب، يظهر أن تفجير أجهزة الاتصال في لبنان يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، حققت نتائج عسكية، ولن تنجح في عزل جبهة لبنان عن الحرب على قطاع غزة، حسبما ذكر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم الجمعة.

وعلى وقع التهديدات المتبادلة وسلسلة التفجيرات الواسعة التي طاولت، الثلاثاء والأربعاء، الآلاف من أجهزة الاتصالات في لبنان التي يحملها عناصر الحزب بصورة خاصة، ما أسفر عن مقتل 37 شخصا، وإصابة آلاف، اعتبر هرئيل أن الجانبين "يدركان التكلفة الباهظة للحرب، مما يزيد من حذرهم في اتخاذ القرارات"، مشيرا إلى أنه "إذا كانت إسرائيل تأمل من خلال هذا التحرك في قطع العلاقة بين غزة ولبنان، يتضح أنها حققت نتيجة عكسية".

وقال هرئيل: "شهد هذا الأسبوع بلا شك تصعيدًا دراماتيكيًا، مما يزيد بشكل ملحوظ من خطر الحرب الشاملة. ومع ذلك، من الصعب تحديد عملية حتمية لا مفر منها، تنتهي بحرب مؤكدة"، وفي حين أشار إلى أن "حزب الله تكبد ضربة قاسية في قدراته العملياتية، ويشعر عناصره بالإحباط والارتباك"، قال إنه "لا يزال لدى حزب الله والإيرانيين خيارات متعددة تتراوح بين رد منظم يوضح أن المنظمة لن تتخلى عن القتال رغم الجهود الإسرائيلية لفصل غزة عن الشمال؛ أو الذهاب إلى معركة شاملة، أو منح فرصة جديدة للجهود الأميركية للتوسط، مهما كانت فرص نجاحها ضئيلة".

واعتبر أنه "رغم التهديدات الاستفزازية من الجانبين، تدرك كل من تل أبيب وبيروت الثمن الكامل للحرب. لن يكون هناك حسم سهل، بل ستكون هناك سحق متبادل مع خسائر كبيرة، حتى في العمق. من المتوقع أن تتعرض البنى التحتية المدنية والمناطق الحضرية في إسرائيل ولبنان لأضرار جسيمة. سيكون الدمار والقتل على نطاق وقوة لم تشهدهما الدولتان من قبل".

وأضاف "تمتلك إسرائيل ميزة استخبارية وتقنية كبيرة، والتي تجلت أيضًا في الأحداث الأخيرة (في إشارة إلى تفجير أجهزة اتصال حزب الله التي امتنعت تل أبيب عن تحمل المسؤولية الرسمية عنها). في حالة انتشار حزب الله في الدفاع ضد تحرك بري في أرضه في جنوب لبنان، قد تكون التحديات أكثر تعقيدًا".

واعتبر أن "تفضيلات نصر الله والإيرانيين واضحة. منذ انضمام حزب الله إلى القتال في 8 تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي"، اختار الحزب "نمط القتال من بعيد"، وفقا لتعبير هرئيل، والتي تشمل "طلاق صواريخ، وطائرات مسيرة وصواريخ مضادة للدبابات"، في إطار جبهة الإسناد للمقاومة في قطاع غزة، "دون اختراق الأراضي الإسرائيلية أو استهداف مناطق تل أبيب وحيفا".

وقال إن "الهجمات الأخيرة عليه تفرض على حزب الله إعادة تقييم سياسته وتحديد ما إذا كان بإمكانه مواصلة هذا النمط من المواجهة، بينما ترتفع التكاليف التي يدفعها"، وأشار إلى "الخيارات المتاحة أمام حزب الله، بما في ذلك هجوم مركّز من وحدة النخبة رضوان على مواقع عسكرية إسرائيلية على طول الحدود الشمالية، أو استخدام صواريخ بعيدة المدى ودقيقة نحو وسط البلاد".

واعتبر هرئيل أن الإعلان الإسرائيلي عن نقل الفرقة 98 إلى قيادة المنطقة الجنوبية في أعقاب موجتي التفجير في لبنان، وعمليات نقل الدبابات والمدرعات إلى الشمال التي لاحظها المواطنين الإسرائيليين في اليومين الماضيين، تأتي في إطار "تعزيز الدفاع، وربما كإشارة تهديد لحزب الله، منها كاستعداد لفتح حرب برية، طالما لم يتم الإعلان عن تجنيد واسع وفوري لقوات الاحتياط".

وشدد هرئيل على أن "لبنان سيكون اختبارًا مختلفًا تمامًا (بالنسبة للجيش الإسرائيلي). سواء في الأراضي الجبلية، أو في الاستعداد الدفاعي المتقدم لحزب الله، أو في القدرة والوسائل القتالية المتاحة لمقاتليه". ومع ذلك أشار إلى قناعة قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي بأن "هذه المرة لم يتبقَ خيار حقيقي. كل ما تم تجربته حتى الآن لإبعاد حزب الله عن الحدود، وخاصة لوقف الهجمات على البلدات الإسرائيليو، لم ينجح"، ومع ذلك شكك بأن يكون الكابينيت قد اتخذ قرارا بشأن تحرك عسكري في لبنان.

وعن مساعي نتنياهو لاستبدال وزير الأمن، يوآف غالانت بعضو الكنيست غدعون ساعر، قال هرئيل "أن استمرار تمسك غالانت بالمنصب سيفيده على المدى الطويل. من المحتمل أنه في أعماق قلبه يعلم أن نتنياهو يقود معركة بدون فرص نجاح كبيرة. في غزة، صفقة الأسرى عالقة تمامًا والانتصار على حماس يبدو كأمر بعيد. في الشمال، يضمن نتنياهو بشكل أساسي الدم والعرق والدموع. حتى بعد الهجمات في لبنان، يبدو أن اهتمامات رئيس الحكومة تنحصر في تمرير الكرة، على أمل أن يتمكن دونالد ترامب من تحقيق انتصار في الانتخابات الأميركية ليخرجهم من المأزق الذي دفعتهم إليه حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر".