استقبلت أسواق النفط العالمية خبر فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية، بتراجع زاد عن 2٪، قبل أن تتقلص الخسائر قليلا يوم أمس، الأربعاء.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تلغرام"

وفي ختام جلسة الأربعاء، تراجعت أسعار العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت تسليم كانون ثاني/ يناير، بنسبة 1.5٪ إلى 74.3 دولارا للبرميل، مقارنة مع إغلاق جلسة الثلاثاء.

إلا أن عاملين اثنين أثرا على أسعار النفط، ويتوقع أن يستمرا خلال الشهور الأولى لولاية الرئيس الأميركي الجديد، ترقبا لخطوات عملية أعلن عنها بشأن صناعة النفط في الولايات المتحدة.

ففي خطاب أمام مؤيديه، الأربعاء، أكد ترامب أن السنوات الأربع المقبلة ستكون عصرا ذهبيا اقتصاديا للولايات المتحدة قائلاً: "سنغلق الحدود ولن نسمح باستمرار الهجرة غير الشرعية".

وتابع "سنعيد المهاجرين غير الشرعيين إلى بلادهم؛ وسنغير أوضاع البلاد، وسأجعل الجيش الأميركي قويًا وسأوقف الحروب... وسننتج المزيد من النفط، وسنستغل المخزون الهائل للخام لدينا".

وأمضى دقائق في الإشادة بإيلون ماسك، أغنى رجل في العالم (ثروته تتجاوز 265 مليار دولار) الذي قدم نحو 120 مليون دولار لدعم حملته الانتخابية.

وقال ترامب إنه سيعين ماسك رئيسا للجنة حكومية للكفاءة، وتابع: "لدينا نجم جديد هو إيلون ماسك".

وقال ترامب في خطاب أمام مؤيدين له بولاية فلوريدا: "حصلنا على الأغلبية بمجلس الشيوخ، وفزنا في الولايات المتأرجحة، وأصبحت الرئيس الـ47 للولايات المتحدة“.

"احفروا يا بني، احفروا"

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي خرج ترامب أمام حشد من مؤيديه وتطرق إلى موضوع النفط، ولخص سياسته في مجال الطاقة بعبارة "احفروا يا بُني، احفروا"، في إشارة إلى مزيد من الحفر والتنقيب والاستكشاف.

وتتضمن هذه السياسة استئنافا واسع النطاق لتراخيص النفط والغاز ووقف مشاريع طاقة الرياح البحرية، التي يزعم أنها "تقتل" الحيتان والطيور، "منذ اليوم الأول" في البيت الأبيض.

كما تعهد ترامب بإنهاء الاعتمادات الضريبية الخضراء والإعانات المتعلقة بالطاقة الخضراء، في استكمال لسياسته القائمة على الطاقة التقليدية، منذ أن كان رئيسا قبل 8 سنوات.

علما بأن هذا الوضع من منح تراخيص الحفر والتنقيب لم يكن متاحا بولاية الرئيس الحالي جو بايدن، الذي أعلن مرارا تعليق منح هذه التراخيص طالما بقي رئيسا للولايات المتحدة.

وبحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن الولايات المتحدة هي أكبر منتج للنفط الخام في العالم، بمتوسط يومي يبلغ أكثر من 13 مليون برميل، كما أنها أكبر مستهلك له بأكثر من 17 مليون برميل يوميا.

ويطمح ترامب إلى استغلال ثروات بلاده في الطاقة التقليدية، لخفض أسعار الوقود المباع في الأسواق المحلية، والذي يعتبر مدخلا رئيسا في إنتاج آلاف السلع الحيوية، ضمن جهود لخفض الأسعار على المستهلك النهائي.

الدولار القوي

والعامل الثاني الذي سيؤثر على أسعار النفط عالميا، هو قوة الدولار الناتج عن توترات جيوسياسية وتجارية قد تتسبب بها سياسات ترامب الخارجية، خاصة مع الصين والاتحاد الأوروبي.

وفي يوم إعلانه الفوز، صعد مؤشر الدولار إلى 105.4 نقطة وهو أعلى مستوى منذ 4 شهور، إذ تصبح العملة الأميركية ملاذا آمنا من أية مخاطر قد تنشأ إلى جانب الذهب.

والدولار القوي يزيد تكلفة شراء النفط من جانب الدول المستوردة له، لأنها ستكون بحاجة إلى عملات محلية أكثر للحصول على الدولار لتوفير فاتورة الواردات النفطية، وهي زيادة سيتحمل المستهلك النهائي كلفتها.

لذلك، مع صعود الدولار، يتراجع الطلب العالمي على النفط الخام، وتتراجع أسعاره كما حصل في جلسة الأربعاء، عندما تراجعت أسعار النفط بمقدار دولارين تقريبًا، بعد صعود الدولار.

وتمهد تهديدات ترامب بفرض تعريفات جمركية على الصين بنسبة 60٪ وقد تمتد في بعض السلع إلى 100٪، وعلى واردات الاتحاد الأوروبي بنسبة 10٪ إلى تباطؤ حركة التجارة، وبالتالي تراجع الطلب على الخام.

ومع تباطؤ الطلب على النفط كأحد مكونات الإنتاج، فإن أسعاره ستشهد مزيدا من التراجع في الأسواق العالمية، ما يعني مزيدا من التحديات لمنتجي الخام ومصدريه، بصدارة تحالف "أوبك بلس".

ومنذ عامين، ينفذ التحالف اتفاقا لخفض إنتاج النفط بأكثر من 3.2 ملايين برميل يوميا ينتهي في كانون الأول/ ديسمبر 2025، إلى جانب خفض طوعي يشارك فيه بعض أعضاء التحالف بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا بدأ في تموز/ يوليو 2023 وينتهي في كانون الأول/ ديسمبر المقبل.