دعا باحثون إسرائيليون صناع القرار في إسرائيل إلى الحفاظ على دعم الحزبين الديمقراطي والجمهوري الأميركيين لإسرائيل في الكونغرس وفي أوساط الجمهور الأميركي وبضمنه الأميركيين اليهود، في أعقاب الإعلان أمس، الأربعاء، عن فوز المرشح الجمهور، دونالد ترامب، في انتخابات الرئاسة، حسب تقرير نشره "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

وأشار التقرير إلى أنه يتوقع أن يركز ترامب على قضايا أميركية داخلية، مثل موضوع الهجرة وإغلاق الحدود الأميركية الجنوبية، والتضخم المالي والجريمة.

وحسب التقرير، فإن فوز ترامب مع نائبه، جيه دي فانس، يرمز إلى صعود رسمي للجناح الشعبوي والقومي في الحزب الجمهوري، وأن فانس كان متسامحا حيال معاداة السامية في صفوف أوساط في القاعدة الانتخابية للحزب الجمهوري، فيما تسود في الولايات المتحدة تخوفات من إمكانية حدوث غليان مدني ضد ترامب إلى جانب تحديات قضائية ودستورية غير مسبوقة.

وستتبلور السياسة الخارجية لإدارة ترامب بموجب رؤيته التجارية ونفوره من السياسة التقليدية التي تستند إلى النفوذ الأميركي في العالم، وسيمارس سياسة "أميركا أولا" التي تشمل التزاما بتوسيع العقبات أمام تجارة حرة وفرض جمارك، كي لا تلحق التجارة الحرة ضررا بعاملين أميركيين وطبقة العمال.

وأشار التقرير إلى أنه ليس لدى ترامب أفكارا منتظمة ومتبلورة. وفيما يتعلق بالحلبة الدولية، فإنه "يرجح أن يتم التعبير عن الغرائز الشعبوية لدى ترامب بشكل بارز في منظومة التحالفات الأميركية وخاصة مقابل حلفاءها الأوروبيين وفي قضية الحرب في أوكرانيا".

دمار رهيب خلفه القصف الإسرائيلي على جباليا (Getty Images)

وطالب ترامب في الماضي بأن ترصد الدول الأعضاء في الناتو 2% من ناتجها القومي للإنفاق الأمني، وهدد مرارا بإخراج الولايات المتحدة من الناتو. وصرح برغبته في إنهاء الحرب في أوكرانيا وانتقد الدعم المالي الأميركي الكبير لكييف، ويرجح، حسب التقرير، أن يقلص ترامب هذا الدعم بشكل كبير وأن "يؤيد تنازلات أوكرانية كبيرة لروسيا".

وتوقع الباحثون الإسرائيليون في تقريرهم أنه في حال أولى ترامب أولوية للصين كخصم، وعيّن أشخاصا يدعون إلى منح الأولوية لمنطقة آسيا، فإنه الشرق الأوسط، على الأرجح، سيصبح هامشيا، لكن في حال عين يرون أن المواجهة مع الصين مرتبطة بنزاعات أخرى، وبينها إيران، فإن إسرائيل والشرق الأوسط ستبقى حلبة مركزية من حيث الاهتمام وتوزيع الموارد الأميركية.

وخلال ولايته السابقة، عزز ترامب علاقاته مع إسرائيل ودول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، ووصلت ذروتها بتوقيع "اتفاقيات أبراهام". وشملت دعم ترامب لإسرائيل الاعتراف "بسيادة" إسرائيل في هضبة الجولان المحتلة، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، واغتيال قائد "فيلق القدس"، قاسم سليماني.

وتوقع التقرير أن ترامب سيشدد خطابه ضد إيران ويستأنف عقوبات اقتصادية شديدة ضدها، "وقد يوعز باستخدام القوة العسكرية الأميركية ضد شخصيات إيرانية ضالعة بأنشطة إرهابية في أنحاء الشرق الأوسط. إلا أن إدارة ترامب ستمتنع بقدر الإمكان عن العمل عسكريا ضد القدرات النووية الإيرانية، تحسبا من ضلوع أميركي في حرب جديدة في الشرق الأوسط. كما أن تأييد ترامب، في الأشهر الأخيرة، للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد طهران، ليس بالضرورة ستبقى سارية خلال ولايته، ليتبقى لديه خياران، هما عقوبات اقتصادية على إيران ومفاوضات حول اتفاق نووي جديد".

وأضاف التقرير أن ترامب قد يتجه إلى مفاوضات مع طهران، والتي أيدها في الماضي علنا، وبرر ذلك بأن بمقدوره التوصل إلى اتفاق نووي أفضل من ذلك الذي تم التوصل إليه في العام 2015. "ومزاج ترامب وتعامله مع القيادة الإسرائيلية الحالية يتوقع أن يضع مصاعب أمام معارضة الحكومة الإسرائيلي لمفاوضات كهذه، مثل محاولة منع الاتفاق النووي الأصلي" خلال ولاية الرئيس باراك أوباما.

وفيما يتعلق بإسرائيل، اعتبر التقرير أن القضية الملحة بالنسبة لترامب هي استمرار حروب إسرائيل على غزة ولبنان. وكان قد عبر عن رغبته بإنهاء الحرب على غزة قبل بدء ولايته ودخول إلى البيت الأبيض، لكنه لن يفرض قيودا على المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل كي يرغمها على وقف الحرب.

وتابع التقرير أنه بسبب دعمه لـ"اتفاقيات أبراهام" و"صفقة القرن"، فإن "ثمة احتمال واضح أن تؤيد إدارة ترامب صيغة ما لحل الدولتين، وربما تشمل ضم منطقة واسعة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة) إلى إسرائيل. لكن بعد تصريحات مستشاري ترامب ووزراء إسرائيليين بأن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني ليس مفتاحا للاستقرار الإقليمي، فإن ترامب قد يمتنع عن الربط بين التقدم نحو حل الدولتين وتوسيع ’اتفاقيات أبراهام’".

وتوقع التقرير أن يمارس ترامب ضغوطا على حلفاء أميركا بهدف منع تحقيقات دولية ضد مسؤولين وجنود إسرائيليين في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

وأشار التقرير إلى أن قضيتين مركزيتين في إسرائيل ستتأثران ببدء ولاية ترامب. القضية الأولى تتعلق بخطة "الإصلاح القضائي" التي تدفعها الحكومة الإسرائيلية بهدف إضعاف جهاز القضاء، التي عارضها بايدن بشدة ويتوقع أن يؤيدها ترامب. والقضية الثانية تتعلق بمعارضة ترامب لمساعدات خارجية أميركية وتأييده لتحويلها إلى قروض يتعين على الدول التي تتلقاها أن تسددها، "وتطبيق ذلك تجاه إسرائيل من شأنه أن يشكل تحديا كبيرا لها".

وأوصى التقرير بأن على إسرائيل الحفاظ على دعم الحزبين الأميركيين الكبيرين لها، لأن "أصوات الديمقراطيين في الكونغرس ستكون حاسمة للمصادقة على مذكرة المساعدات الأميركية المقبلة، والمصادقة على الدور الأميركي في أي اتفاق إسرائيلي – سعودي".

كذلك أوصى التقرير بأنه في حال تركيز اهتمام إدارة بايدن على الصين، فإنه "يتعين على إسرائيل أن تثبت قيمتها كحليفة إستراتيجية للولايات المتحدة، وزيادة اندماج إسرائيل في المنطقة سيثبت أخلاقياتها في المواجهة الأميركية مع الصين وحليفاتها في المنطقة".

ودعا التقرير صناع القرار في إسرائيل إلى عدم إظهار معارضة علنية في حال جرت مفاوضات أميركية – إيرانية حول اتفاق نووي جديد، "كي تحسن احتمالات أن يسهم الاتفاق الذي يتم التوصل إلى بالمصالح الإسرائيلية".