تهدد عودة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، استقلالية الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي قد يتعرض لضغوط شديدة تهدد قدرته على مكافحة التضخم والبطالة دون تأثيرات سياسية.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تلغرام"
والاحتياطي الفيدرالي مفوض من الكونغرس التصرف باستقلالية للتعامل مع التضخم والبطالة، من خلال أداة أساسية هي التحكم بمعدلات الفائدة.
ورأى ترامب في الثامن من آب/ أغسطس الماضي، أن "الرئيس يفترض على الأقل أن تكون له كلمته" في السياسة النقدية.
وقال: "أعتقد أن لدي حدسا أفضل في العديد من الحالات من الذين يديرون الاحتياطي الفيدرالي أو رئيسه".
ويقوم الاحتياطي الفيدرالي برفع وخفض معدلات الفائدة على ضوء تطورات الاقتصاد الأميركي، لضمان استقرار الأسعار والعمالة الكاملة، ويصر في عمله على عدم إقحامه في الحياة السياسية.
وشدد نائب الرئيس السابق للمؤسسة المالية اليفدرالية، دون كون، على أن السماح "للسياسيين الذين لا تتخطى آفاقهم الانتخابات المقبلة، بأن تكون لهم كلمة في السياسة النقدية".
وأكد كون في مقال نشر في صحيفة "نيويورك تايمز" في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن ذلك "يولد تضخما وعدم استقرار اقتصاديا".
وعمد ترامب بانتظام خلال ولايته الأولى إلى انتقاد مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي حين لم يخفضوا معدلات الفائدة بالسرعة التي يطلبها.
ووصل به الأمر إلى التساؤل في تغريدة غاضبة إن لم يكن رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الذي عينه بنفسه "عدوا أسوأ" من الرئيس الصيني شي جينبينغ.
وقال الخبير الاقتصادي في معهد "بيترسون" للاقتصاديات الدولية ومدير البحث الاقتصادي للولايات المتحدة في "بلومبرغ"، ديفيد ويلكوكس، "بدا ذلك بمثابة رسالة عدائية للغاية".
ولمح الملياردير الجمهوري قبل إعادة انتخابه إلى أنه قد لا ينتظر انتهاء ولاية جيروم باول على رأس الاحتياطي الفيدرالي في أيار/ مايو 2026 لعزله من منصبه، قبل أن يعود ويتدارك الأمر.
وسُئل باول خلال مؤتمر صحافي، الخميس، إن كان يمكن أن يستقيل من منصبه بشكل مبكر فأجاب بصورة قاطعة "لا". وحين سُئل عن احتمال إرغامه على التنحي، أكد أن هذا "محظور بموجب القانون".
وأوضحت كبيرة الاقتصاديين في شركة ناشونوايد للتأمين، كاثي بوستيانشيتش، أن "هناك قواعد وقوانين والاحتياطي الفيدرالي يحمي نفسه من هذا النفوذ السياسي".
لكنها رأت أنه في ظل "النفوذ الهائل" الذي يتمتع به رئيس الاحتياطي الفيدرالي، فإن الرئيس المقبل الذي سيختاره ترامب "قد يبدل الديناميكية واستقلال السياسة النقدية".
ورأى ديفيد ويلكوكس أن "الطريقة التقليدية الأولى التي يمكن (لدونالد ترامب) أن يؤثر فيها على سياسة الاحتياطي الفيدرالي" هي عبر استخدام صلاحياته في تعيين الحكام الجدد حين تنتهي ولاية الحكام الحاليين التي تستمر 14 عاما.
وتابع أن "ما يثير المخاوف هو احتمال أن يمضي أبعد من هذا النهج".
وأول استحقاق في هذا السياق سيكون في كانون الثاني/ يناير 2026 مع شغور أول منصب حاكم، وقال الخبير الاقتصادي لدى ستاندارد تشارترد، ستيف إنغلادنر، "سيتمكن ترامب من تعيين الشخص الذي يريده في هذا المنصب الشاغر".
غير أن التعيينات تخضع لموافقة مجلس الشيوخ، وهو ما يطمئن إلى حد ما براي إنغلاندر.
وقال الخبير: "لا يمكن اختيار اسم بصورة اعتباطية وطرحه على مجلس الشيوخ، فيتم تثبيته في اليوم التالي والتصويت عليه في اليوم الثالث"، مؤكدا أن أعضاء المجلس "يأخذون دورهم بمنتهى الجدية".
وثمة حاجز أخير أمام الرئيس هو سوق السندات التي تأخذ في الاعتبار التوقعات بشأن معدلات الفائدة في المستقبل وانعكاسات كلفة الاقتراض على كل المستويات من الرهون العقارية إلى القروض لشراء سيارات.
وقال إنغلاندر بهذا الصدد "لا يمكن القيام بتعيين يتعارض تماما مع التيار السائد... لأن سوق السندات سترفض هذا في الحال". وختم "سوق السندات هي حاجز واقٍ، ثمة حدود".
وقالت بوستيانشيتش أنه حتى لو كانت التعيينات سياسية، "سيكون هناك على الدوام عدد كبير من الحكام والرؤساء المحليين للاحتياطي الفيدرالي الذين لم يعينهم الرئيس ترامب".
غير أن سكوت بيسينت المقرب من ترامب والذي يطرح اسمه لتولي وزارة الخزانة، طرح فرضية "رئيس ظل" للاحتياطي الفيدرالي، في مقال نشرته مجلة "فوربز" في 15 تشرين الأول/ أكتوبر.
ورأى أنه بهذه الطريقة "لن يكترث أحد فعليا لما يقوله جيروم باول"، فيما أوردت المجلة أن ترامب لم يعلق على هذه الفكرة.