دعا وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، اليوم الإثنين، إسرائيل إلى احترام سيادة إيران، والامتناع عن مهاجمة أراضيها، مسلّطا الضوء على العلاقات الودية بين البلدين.
وأكد بن سلمان خلال قمة عربية إسلامية في الرياض، أن على المجتمع الدولي أن يُلزم إسرائيل "باحترام سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة، وعدم الاعتداء على أراضيها".
وغالبا ما وجدت الرياض ذات الغالبية السنيّة وإيران ذات الغالبية الشيعيّة نفسيهما على جانبين متعارضين من الصراعات الإقليمية، بما في ذلك بالنسبة لسورية.
ففي العام 2015، حشدت السعودية تحالفا عسكريا لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، بعدما استولى الحوثيون المدعومون من إيران على العاصمة صنعاء، وتقدموا نحو مدينة عدن الجنوبية.
وفي العام التالي، قطعت الرياض وطهران علاقاتهما في أعقاب هجمات على بعثات دبلوماسية سعودية في إيران، خلال احتجاجات على إعدام الرياض رجل الدين الشيعي البارز الشيخ نمر النمر.
وفي آذار/ مارس 2023، أعلنت الدولتان عن اتفاق تقارب بوساطة صينية.
وعلى الرغم من أن القضايا الخلافية لا تزال قائمة في العلاقة المعقدة، فإن التقارب يرقى إلى إنجاز دبلوماسي مميز لمحمد بن سلمان، الذي اتخذ نهجا أكثر تصالحية للدبلوماسية الإقليمية في السنوات الأخيرة.
وحافظت السعودية وإيران على اتصال رفيع المستوى كجزء من الجهود الرامية إلى احتواء الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأدى هذا التواصل الدبلوماسي إلى أول مكالمة هاتفية بين بن سلمان والرئيس الإيراني آنذاك إبراهيم رئيسي، بعد خمسة أيام فقط من اندلاع الحرب، وزيارة رئيسي إلى الرياض قبل عام لحضور قمة مشتركة للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلنت السعودية أنها أجرت مناورات حربية مع إيران ودول أخرى في بحر عمان.
والأحد، وصل رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية فياض الرويلي إلى طهران، لإجراء محادثات مع المسؤولين الإيرانيين.
وأجرى بن سلمان والرئيس الإيراني الحالي مسعود بزشكيان مكالمة هاتفية الأحد قبل قمة يوم الإثنين التي تعد قمة متابعة لتلك التي انعقدت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023.
وقال بيان للحكومة الإيرانية إن بزشكيان لن يحضر بسبب "مسائل تنفيذية" ملحة، وسافر النائب الأول للرئيس محمد رضا عارف إلى الرياض بدلا منه.
إعادة تشكيل المشهد الدبلوماسيّ
ويقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد "رويال يونايتد للخدمات" أتش. إي. هيليير إن العلاقات المستعادة بين الرياض وطهران أعادت تشكيل المشهد الدبلوماسي، والذي سيتعين على الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، أن يأخذه في الاعتبار عندما يتولى منصبه مرة أخرى العام المقبل.
ويضيف هيليير أنه "من الواضح أن الرياض وطهران تعملان على تدفئة علاقتهما، وهذه بيئة إقليمية مختلفة تماما مقارنة بما كانت عليه عندما كان ترامب في منصبه آخر مرة"، وفق ما نقلت عنه وكالة "فرانس برس".
وتابع أن "ترامب قد يرغب في توسيع اتفاقيات إبراهيم عندما يتولى منصبه العام المقبل، ولكن ما لم تغير إسرائيل مسارها بشكل جذري في المنطقة، فسوف يكون ذلك محفوفا بتحديات أكثر بكثير من المرة الأخيرة".
بن سلمان: نرفض الإبادة الجماعية بغزة وانتهاك سيادة لبنان
في سياق ذي صلة، جدد بن سلمان، الاثنين، رفض الرياض الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة وانتهاك تل أبيب لسيادة لبنان.
وقال ولي العهد السعودي في كلمة افتتاحية بالقمة العربية الإسلامية غير العادية بالعاصمة الرياض، والتي تترأسها السعودية بحضور أكثر من 50 من قادة وزعماء وممثلي بلدان عربية وإسلامية: "تنعقد هذه القمة امتدادا للقمة المشتركة السابقة (عام 2023) في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية الآثمة على الشعب الفلسطيني الشقيق واتساع نطاق تلك الاعتداءات على الجمهورية اللبنانية الشقيقة.
وأضاف: "تجدد المملكة إدانتها ورفضها القاطع للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وراح ضحاياها أكثر من 150 ألفا من الشهداء والمصابين والمفقودين معظمهم من النساء والأطفال".
وسبق أن أدان مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد في يوليو/ تموز الماضي، "استمرار مجازر الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني"، مجددا المطالبة بالوقف "الفوري والدائم لإطلاق النار".
كما أدانت الخارجية السعودية في أكثر من بيان وتصريح لوزيرها الأمير فيصل بن فرحان "الإبادة الجماعية" لأهل غزة.
وتابع ولي العهد السعودي في كلمة بالقمة: "نؤكد أن استمرار إسرائيل في جرائمها بحق الأبرياء والإمعان في انتهاك قدسية المسجد الأقصى المبارك، والانتقاص من الدور المحوري للسلطة الوطنية الفلسطينية على كل الأراضي الفلسطينية من شأنه تقويض الجهود الهادفة لحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وإحلال السلام في المنطقة".
وأعرب بن سلمان عن "شجب المملكة منع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من الأعمال الإغاثية في الأراضي الفلسطينية، وإعاقة عمل المنظمات الإنسانية من تقديم المساعدات الإغاثية للشعب الفلسطيني".
كما أعرب أيضا عن "الإدانة العميقة للعمليات العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت الأراضي اللبنانية، ورفض تهديد أمن لبنان واستقراره وانتهاك سلامته الإقليمية وتهجير مواطنيه".
وأكد ولي العهد السعودي "وقوف المملكة إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان لتجاوز التبعات الإنسانية الكارثية للعدوان الإسرائيلي المتواصل".
ودعا "المجتمع الدولي للنهوض بمسؤولياته لحفظ الأمن والسلم الدوليين بالوقف الفوري للاعتداءات الإسرائيلية على الأشقاء في فلسطين ولبنان، وإلزام إسرائيل باحترام سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة وعدم الاعتداء على أراضيها".
وقال ولي العهد السعودي في الكلمة ذاتها: "اتخذت دولنا خطوات مهمة عبر تحركها المشترك على الصعيد الدولي لإدانة العدوان الإسرائيلي الآثم وتأكيد مركزية القضية الفلسطينية، ونجحنا في حث المزيد من الدول المحبة للسلام للاعتراف بدولة فلسطين".
ولفت إلى "الحشد (العربي والإسلامي) للاجتماع الدولي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي عبّرت عنه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة للأمم المتحدة، والمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية".
وأضاف: "أطلقنا التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومملكة النرويج التي استضافت المملكة مؤخرا اجتماعها الأول، وندعو بقية الدول للانضمام لهذا التحالف".
وأكد ولي العهد السعودي على "أهمية مواصلة جهودنا المشتركة لإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية".
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلنت السعودية باسم الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين إطلاق "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين"، وذلك خلال الاجتماع الوزاري بشأن القضية الفلسطينية وجهود السلام، على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما أكد أيضا على "ضرورة المحافظة على سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها".
وفي وقت سابق الإثنين، افتتح القمة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بحسب ما نقلته قناة الإخبارية السعودية.