استقبل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، صباح الخميس، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، في وقت يتسبب فيه البرنامج النووي الإيراني ببلورة التوترات مع الدول الغربية.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
وقال وزير الخارجية الإيراني لمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: "لقد حان الآن دور الاتحاد الأوربي للوفاء بالتزاماته ولن نتفاوض تحت الضغوط". وأضاف: "سنواصل التعاون مع الوكالة ويمكن حل الخلافات من خلال التعاون والحوار".
بدوره، قال الأمين العام لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية: "صدور أي قرار ضد الطاقة الذرية الإيرانية سيواجه برد فوري ولن نسمح لأحد بالضغط علينا، زيارتي لطهران مهمة جدا في ظل الظروف الصعبة الحالية".
وأضاف غروسي: "من الضروري الوصول إلى نتائج ملموسة بخصوص الملف النووي الإيراني يبعدنا عن الصراع والحرب".
وفي العام 2015، شغل عراقجي منصب كبير المفاوضين عن الجانب الإيراني في المحادثات النووية مع القوى العظمى.
وذكرت وكالة "إرنا" الرسمية الإيرانية أن "رافايل غروسي الذي وصل إلى طهران الليلة الماضية على رأس وفد للتفاوض مع كبار المسؤولين النوويين والسياسيين في البلاد، التقى وزير الخارجية عباس عراقجي".
ويلتقي غروسي الذي وصل إلى طهران مساء الأربعاء، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وفقا لوكالة "إرنا".
وتعد هذه المحادثات إحدى الفرص الأخيرة للدبلوماسية قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. واعتمد الجمهوري خلال ولايته الأولى (2017-2021) سياسة "ضغوط قصوى" حيال الجمهورية الإسلامية، تمثّلت على وجه الخصوص بالانسحاب الأحادي عام 2018 من الاتفاق الدولي بشأن برنامج إيران النووي.
وأبرم الاتفاق النووي بين طهران وست قوى كبرى عام 2015 في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، وأتاح رفع عقوبات عن إيران مقابل تقييد نشاطاتها النووية وضمان سلميتها.
إلا أن ترامب أعاد فرض عقوبات اقتصادية صارمة بعد انسحابه من الاتفاق في 2018. وردّت طهران ببدء التراجع تدريجا عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق، واتخذت سلسلة خطوات أتاحت نمو وتوسّع برنامجها النووي بشكل كبير.
ومن أبرز تلك الخطوات رفع مستوى تخصيب اليورانيوم من 3,67 في المئة، وهو السقف الذي حدّده الاتفاق النووي، إلى 60 في المئة، وهو المستوى القريب من 90 % المطلوب لتطوير سلاح ذري.
وقال علي فايز، مدير شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية، لوكالة فرانس برس إن غروسي "سيبذل كل ما في وسعه لمنع تفاقم الوضع".
وكانت الناطقة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني قالت إن "الولايات المتحدة وليس إيران، من انسحب من الاتفاق"، مشيرة إلى أن سياسة "الضغوط القصوى" التي مارسها دونالد ترامب "لم تكن فعالة".
وبعد زيارته الأولى التي أجراها إلى الجمهورية الإسلامية في أيار/مايو، يعود غروسي إلى إيران في ظل مناخ من التوتر الحاد بين إيران وإسرائيل، وبعد يومين من تحذير وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، من أن طهران باتت "أكثر عرضة من أي وقت مضى لضربات على منشآتها النووية".
وأثار فوز دونالد ترامب في الرئاسة الأميركية، مخاوف من تزايد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
وقال غروسي على هامش مؤتمر "كوب29" للمناخ الذي تستضيفه باكو، إن على السلطات الإيرانية "أن تفهم أن الوضع الدولي يزداد توترا وأن هوامش المناورة بدأت تتقلص وأن إيجاد سبل للتوصل إلى حلول دبلوماسية هو أمر ضروري".
وقال غروسي في مقابلة مع قناة "سي إن إن" الأميركية إن الإيرانيين "يملكون كميات كبيرة من المواد النووية التي يمكن استخدامها لتصنيع أسلحة نووية"، مضيفا "ليست لديهم أسلحة نووية في هذه المرحلة".
وخفّضت إيران من تعاونها مع الوكالة منذ العام 2021، وأزالت بعض كاميرات المراقبة من المنشآت، وسحبت اعتمادات عددا من مفتشي الوكالة.
وتعود جذور البرنامج النووي الإيراني إلى خمسينات القرن الماضي حين وقّعت واشنطن اتفاق تعاون مع طهران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي. وفي السبعينات، صادقت إيران على معاهدة الحدّ من الانتشار النووي.