على امتداد جغرافيا واحدة ما بين شمالي قطاع غزة وقرية أم الحيران في النقب، تعمل السلطات الإسرائيلية في كلتا البقعتين على تهجير الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصلانيين منها.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
وتسعى إسرائيل من خلال سياستها العدوانية العنصرية ضد الفلسطينيين إلى هدف واضح ومحدد وهو فرض السيطرة والاستيطان، ومحاولة خلق الأمان لمواجهة القادم المجهول.
وفي أم الحيران، فقد هجّرت السلطات الإسرائيلية الأهالي واقتلعتهم من أراضيهم لبناء مستوطنة "حيران" وفرض سيطرتها على الأراضي التي لا تعترف إسرائيل بملكية الأهالي لها، وعلى ذات الامتداد الجغرافي غربا في شمال غزة تستخدم إسرائيل مختلف أنواع الأسلحة لتهجير الأهالي هناك وجعل أرضهم منطقة استيطانية عازلة.
وهجّر المخطط الإسرائيلي لتوطين سكان يهود على أراضي الفلسطينيين في النقب، في خطوته العملية الأولى 450 نسمة من أهالي قرية أم الحيران وتركهم في العراء دون مستقبل واضح، فبعضهم التجأ لبيوت الأقارب في البلدات المجاورة وآخرين ضاقت بهم السُبل وما زالوا في العراء تحت سقف السماء.
وعاش أهالي أم الحيران تحت وطأة السياسات الإسرائيلية الممنهجة بحقهم، بين اقتحامات ومناوشات وهدم وتهميش ونقصان كامل للبنية التحتية وحتى القتل، علمًا أنه في 18 كانون الثاني/يناير 2017، قتلت الشرطة الإسرائيلية المربي يعقوب أبو القيعان خلال اقتحامها القرية وهدمها لـ12 منزلا و 8 منشآت زراعية.
وقارب عضو لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، جمعة الزبارقة، في حديث لـ"عرب 48" ما يحدث في غزة والنقب بالقول، إن "ذات النهج الذي يقتل ويهجّر في غزة، يهدم ويهجّر في النقب. حجم ما يحصل في غزة من سفك للدماء وتطهير عرقي جعل كل شيء آخر مباح في البلاد، وسيضاعف من وتيرة السياسات العنصرية ضد الأهالي في النقب".
وأضاف أن "الجو العام في البلاد يساعد شخص مثل بن غفير، الذي نشر صباح اليوم متفاخرا بهدم أم الحيران على الاستمرار بنهجه العنصري ضد العرب".
ويستهدف مخطط توطين اليهود 13 قرية عربية مسلوبة الاعتراف في النقب يسكنها قرابة 10 آلاف نسمة مهددين بالتهجير، وتطرق الزبارقة إلى ذلك بالقول "ما حدث اليوم يعتبر مؤشرا سيئا وسابقة خطيرة جدا للقرى المهددة بالتهجير، وبما أنه نجح ففي المستقبل سيكون تكرار لهذه المشاهد في باقي القرى المهددة بالتهجير، وخصوصا أن الدولة تنصلت من الاتفاق الذي كان بين سلطة توطين البدو وهي ذراع من أذرع دائرة أراضي إسرائيل مع أهالي أم الحيران بإيجاد بدائل للسكن في بلدة حورة، وهُجّر السكان دون توفير البدائل".
وقال الناشط السياسي والاجتماعي، رائد أبو القيعان، الذي كان أحد المعتقلين من أم الحيران صباح الخميس، لـ"عرب 48" إنه "مع ساعات الفجر اقتحمت آليات الهدم وقوات الشرطة القرية، وشرعت بهدم المنازل المتبقية ومسجد القرية، واعتقلوني أنا ووالدي وعمي بحجة أننا كنا نخطط أن نبقى داخل المسجد ونقاوم هدمه".
وتابع "خلال الاعتقال حققوا معنا حول الشبهات والادعاءات المنسوبة إلينا فيما لم يتم إثبات أي منها، وقد أطلقوا سراحنا جميعا بعد ظهر اليوم بينما كانت عمليات الهدم للقرية قد انتهت".
وأشار أبو القيعان إلى أن "هذا اليوم يعتبر يوم نكبة لقريتنا أم الحيران ومحو كامل لذاكرة الشوارع والأزقة والمنازل والحواري، وكل ذكريات حياتنا وطفولتنا تبددت اليوم تحت جنازير آليات الهدم. أم الحيران التي أنجبت أجيالا مميزة أصبحت حطاما وركاما".
وقال د. حسام أبو القيعان نجل الشهيد يعقوب أبو القيعان الذي قتل برصاص الشرطة الإسرائيلية في العام 2017 خلال اقتحام البلدة لتنفيذ عمليات هدم لمنازل، لـ"عرب 48"، إننا "نشعر بالظلم والخذلان، مع عملية التهجير القسري لنا واستبدالنا بسكان يهود، وأستذكر الظلم الذي وقع على والدي الشهيد يعقوب أبو القيعان وأدى لفقدان حياته دون أي سبب أو أن يشكل خطرا على أحد".
وختم بالقول "انتهى المصير فينا اليوم في منازل أقاربنا في بلدة حورة، دون أرض ولا بيت ولا قسيمة بناء، لا نعرف ماذا سنفعل أو كيف سنتمكن من ترتيب أمورنا في الأيام القادمة".
من أرشيف "عرب 48" | هنا أم الحيران... هل تسمعوننا؟