استبعد محللون إسرائيليون اليوم، الإثنين، أن يتخذ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قرارا بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، وذلك، بحسبهم، بسبب وضع إسرائيل الداخلي المتمثل بالانقسام حول خطة "الإصلاح القضائي" وإضعاف جهاز القضاء، وبسبب عدم ضمان تأييد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، لهجوم كبير كهذا ضد إيران، التي لم تعلن حتى الآن أنها قررت التقدم نحو صنع سلاح نووي.
واعتبر المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، أن القرار الأول الذي يتعين على نتنياهو اتخاذه بعد دخول ترامب إلى البيت الأبيض، في 20 كانون الثاني/يناير المقبل، يتعلق بصفقة تبادل أسرى، لكنه رجح أن نتنياهو لن يتخذ قرارا كهذا.
وأضاف أنه "من الأسهل أن يرغب بصفقة، وأن يصلي من أجل صفقة، والحداد على صفقة غير موجودة، من دفع الأثمان المقرونة بصفقة، بدءا من القتلة الذين سيُحررون، ومرورا بالحرب التي ستتوقف وانتهاء بالمخطوفين الذين سيروون لدى عودتهم كيف مات أولئك الذين كان بالإمكان إنقاذهم".
وتابع برنياع أن القرار الثاني الذي سيتعين على نتنياهو اتخاذه يتعلق بإيران. "التحولات في سورية ولبنان وغزة والتوقعات من الإدارة الأميركية الجديدة، تطرح فرصة غير مسبوقة لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وقسم كبير من الدفاعات الجوية الإيرانية تم تدميره، ومسارات التحليق إلى هناك فُتحت. وبالأساس، التهديد الإيراني بهجوم مضاد من لبنان وسورية ومن إيران نفسها، أصبح ضعيفا جدا".
وكان نتنياهو قد هدد بمهاجمة إيران في العام 2011، ثم تراجع وحمل مسؤولية تراجعه على قادة الأجهزة الأمنية وإدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما. لكن الوضع الآن، حسب برنياع، هو أن "قادة أجهزة الأمن ضعفوا جدا في أعقاب إخفاق 7 أكتوبر، والنقاش بينهم وبين نتنياهو تغيّر. وبالنسبة لواشنطن، فإنها في فترة انتقالية، والقضاء على البرنامج النووي بعملية عسكرية سيمنح نتنياهو الانتصار المطلق الذي يتوق إليه".
وأشار إلى أن "إيران هي دولة عتبة نووية فقط لأنها تصر على التوقف (عن تطوير البرنامج) عند العتبة. والتقارير في العالم تفيد بأن بحوزتها مواد مخصبة تكفي لصنع عدة قنابل. وليس مؤكدا أنه بإمكان عملية عسكرية القضاء على البرنامج كلّه. كيف سيرد النظام الإيراني؟ كيف سيرد حلفاءه في روسيا والصين وكوريا الشمالية؟ هل سيؤيد ترامب خطوة كهذه أو العكس، سينفذ صفقة مع إيران من خلف ظهر إسرائيل؟".
ورأى برنياع أن "زعيما يعتزم إصدار أمر لشن عملية عسكرية مصيرية يهتم أولا بوجود جبهة داخلية هادئة. ويكون الحل أحيانا بحكومة واسعة. هكذا فعل نتنياهو بعد 7 أكتوبر. ويكون الحل أحيانا بإزالة مواضيع مختلف حولها. هكذا فعل نتنياهو عندما أوقف تشريع قوانين إضعاف القضاء خلال الحرب. لكن نتنياهو لا يفعل ذلك الآن".
وأضاف أنه "إما أن نتنياهو لا يعتزم فعلا تغيير وجه الشرق الأوسط، وأنه ليس خامنئي يهمه وإنما (المستشارة القضائية للحكومة) غالي بهاراف ميارا. وإما أنه يعتقد أن بإمكانه تنفيذ كلا الأمرين، أي أن يقصف الطيارون في طهران حتى لو سينهار الجهاز القضائي في القدس. وتستمر قوات الاحتياط في البحث عن مقاتلي حماس في غزة والحكومة ستهدر مرة أخرى فرصة التوصل إلى صفقة مخطوفين".
من جانبه، اقتبس المحلل السياسي في القناة 13، رافيف دروكر، في مقال في صحيفة "هآرتس"، أقوال ضابط إسرائيلي كبير في إحاطة صحافية، جاء فيها أنه "يستعدون في سلاح الجو للمهمة الكبرى المقبلة، التي قد تتلقى الدعم من الساكن الجديد في البيت الأبيض. وتتم في هذه الأيام إعادة بلورة خطط جديدة لمهاجمة المنشآت النووي في إيران، في ظروف مريحة أكثر بكثير من الماضي، وهناك فرص أكثر".
لكن دروكر تساءل أنه "منذ متى يبلغ سلاح الجو إيران بخططه؟ ولماذا يدخلون دونالد ترامب علنا إلى هذا الموضوع؟ الإجابة تكمن في الوضع غير المسبوق الحاصل في البرنامج النووي الإيراني، وهو في الوضع الأكثر تقدما، ولذلك فإن الحديث عن قصف المنشآت النووي أجوف. وقصف المنشآت الكبرى، وأجهزة الطرد المركزي المتطورة، التي كان بإمكان تدميرها أن يؤدي لتأخير لأشهر، عديم الفائدة. وإيران أنهت فعليا قصة التخصيب، وهي على مسافة قريبة للغاية من حيازة ما يكفي من مواد انشطارية لقنبلة ذرية".
وأضاف دروكر أن "طريقا عسكرية أخرى لمواجهة التهديد النووي الإيراني باتت مفتوحة. ليس قصف المنشآت النووية، وإنما هجوم كبير على إيران. هجوم إسرائيلي وأميركي بهدف التهديد بإسقاط النظام وإرغامه على التوقيع على اتفاق نووي جديد، ولفترة طويلة بالأساس. وكي يبدو تهديدا كهذا موثوقا ثمة حاجة إلى ترامب. والتحدي الكبير أمام نتنياهو هو بإقناعه أن يبدأ بالتهديد. فهذا ليس رئيسا يخشى خرق كلمته، وفي أسوأ الأحوال لا يتم تنفيذ التهديد".
وشدد دروكر على أن "سلاح الجو يهدد لأنه في الجيش الإسرائيلي يدركون أنه ليس بمقدور إسرائيل أن تهاجم وحدها. فهذا ليس المفاعل العراقي أو السوري".