تناول رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إيهود باراك، في تحليل نشره اليوم، الأحد، احتمال شن إسرائيل هجوما واسعا ضد إيران، في ظل ادعاءات إسرائيلية تتعالى حول "استغلال ضعف إيران، والشرعية الحاصلة جراء تدخلها النشط في الحرب ودخول رئيس داعم لإسرائيل إلى البيت الأبيض، من أجل توجيه ضربة شديدة للنووي الإيران وإزالة هذا التهديد".

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

وأشار باراك في تحليله المنشور في موقع القناة 12 الإلكتروني، إلى أن "المشكلة هي أن إيران هي ’دولة عتبة نووية’ فعليا، وبحوزتها ما يكفي من المواد المخصبة بمستوى مرتفع، لبناء عدد من المنشآت النووية، ولديها بنية تحتية منتشرة ومحمية جيدا، تسمح بمواصلة التخصيب إلى مستوى عسكري. وهي بحاجة إلى فترة قصيرة، ربما سنة تقريبا، من أجل بناء وتجهيز سلاح نووي بالإمكان تركيبه على رأس صاروخ، لكن هذه أمور يصعب جدا رصدها والتدخل في استكمالها".

يشار إلى أنه خلال ولايته كوزير أمن في حكومة نتنياهو، مطلع العقد الماضي، أيد باراك مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية رغم معارضة جميع قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. لكنه لفت في مقاله، اليوم، إلى أنه "لا توجد لدى إسرائيل قدرة على شن هجوم جوي دقيق لإرجاء وصول إيران للنووي لأكثر من أشهر معدودة. وليس واضحا أيضا إذا كان لدى الأميركيين قدرة كهذه حيال المنشآت النووية".

ووصف هجوما كهذا ضد إيران بأنه "معضلة ليست بسيطة" بالنسبة للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، والقيادة الإسرائيلية على حد سواء، وأن السؤال هو هل ينبغي مهاجمة المنشآت النووية فقط أم استهداف المنظومة الإيرانية النووية والاقتصادية والنفط والحكم بهدف "تقويضه وسقوطه".

وتابع باراك أن "لاستهداف جزئي فقط، يبقي النظام ضعيفا ولكنه على حاله، سيكون له ثمن بالغ من خلال مبادرة إيرانية لتسريع الوصول إلى سلاح نووي".

وأشار إلى أن ترامب يؤيد مفهوم "التقوقع الإستراتيجي" للولايات المتحدة، الذي يعني أن لا سبب يجعلها تتورط بحروب لا نهاية لها ومصالح ليست مفيدة لها في الطرف الآخر من العالم، كما أن ترامب يحاول حل مشاكل أساسية دولية بواسطة "صفقات" وفي مركزها اتصال شخصي مباشر مع أطراف هذه المشاكل، ومن خلال حسم قاطع وسريع لمجموعة مواضيع مختلف حولها.

ورجح باراك أن ترامب سيبادر إلى حل الصراع بين روسيا وأوكرانيا ووقف الحرب، وإلى حل الصراع بين الصين وتايوان وخفض التوتر الأمني مقابل الصين بالرغم من الحرب التجارية والجمركية والتكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، كما سيحاول إنهاء الحرب في الشرق الأوسط وإنهاء المواجهة مع إيران، وتطبيع علاقات بين إسرائيل والسعودية بواسطة خطة "ضبابية" للتقدم في مسار حل الدولتين.

واعتبر أن ترامب سيميل إلى التنازل لإسرائيل بشأن أمور معينة والسماح لها بحرية معينة للعمل على مسؤوليتها في أمور تهمها وتقديم "إنجازات" لجمهورها، "لكنه قد يصرّ على إملاء رأيه بشكل فظ أكثر من إدارة بايدن، في المواضيع التي يراها أنها مركزية بالنسبة لمصالحه".

ويعني هذا في سياق هجوم على إيران، حسب باراك، أن "ترامب لن يبادر أو يقود هجوما. بل على العكس، فجزء من الصفقة مع بوتين من أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا قد يشمل دورا لروسيا في لجم إيران، ووقف ضغوط داخلية للتقدم نحو سلاح نووي. وفي حالات معينة، قد يحاول ترامب الاستعانة ببوتين والصينيين من أجل إقناع إيران بالانضمام إلى اتفاق نووي جديد".

وشدد باراك على أن "إسرائيل لا يمكنها شن هجوم واسع ضد إيران من دون دعم وتأييد مضمونين للرئيس الأميركي، إثر الحاجة إلى ذخيرة ودعم لوجستي و’شركاء إقليميين’ في الدفاع أمام هجمات صاروخية إيرانية ودعم في مجلس الأمن الدولي".

من جهة ثانية، لم يستبعد باراك أن "يدرس ترامب إمكانية أن تبادر إسرائيل إلى هجوم واسع ضد إيران، لكن بموافقة صامتة وبتنسيق معه، لكن بدون أن يتحمل مسؤولية المبادرة للهجوم. وبالنسبة لإسرائيل، تكمن في خطوة كهذه مخاطر أكثر من التوجه منذ البداية إلى هجوم مشترك مع الولايات المتحدة، ولكن يتعين على الحكومة الإسرائيلية أن تدرس هذه الإمكانية أيضا بترجيح رأي عميق".

وخلص باراك إلى أنه "يجب أن يكون هناك تقدير عميق لمسألة ما إذا سيكون هناك احتمال حقيقي للوصول من خلال هجوم كهذا إلى تقويض النظام الإيراني، وإذا ما سيكون هناك ضمان بمستوى مرتفع أن ترامب سيعمل فعلا. ولا توجد طريقة لضمان وضوح مطلق أثناء اتخاذ قرار كهذا، لكن لا بديل أيضا عن جهد بالغ من أجل اتخاذه بالتوازن الصحيح، بين الجرأة وترجيح الرأي وبين خيال خلاق ومسؤولية".