وسط تفاقم الأزمة الإنسانية، واستفحال المجاعة في قطاع غزة، تتكرر مشاهد الحيوانات الضالة وهي تنهش جثامين شهداء فلسطينيين سقطوا برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث توثق طواقم الدفاع المدني مشاهد تمتهن كرامة الإنسان وتدمي القلوب.
وتبقى هذه المشاهد الأكثر إيلامًا لعناصر الدفاع المدني، الذين يضطرون، لأكثر من مرة، لطرد كلاب وقطط ضالة تتكالب على جثامين القتلى، قبل انتشالها ونقلها إلى المستشفيات.
وتتكرر هذه المشاهد، التي وثقها الدفاع المدني ونقلها للأناضول مدير الجهاز بمحافظة غزة، رائد الدهشان، في المناطق الحدودية التي يستهدفها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأماكن تمركز قواته، وبالمناطق التي يحاصرها، حيث تعجز الطواقم عن انتشال الجثامين إلا بعد مرور أيام على مقتلهم.
ومؤخرًا، تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو يظهر مجموعة قطط وكلاب تجمعت حول جثامين فلسطينيين، وقالوا إنهم استُشهدوا قرب مركز إيواء حاصره الجيش في مخيم النصيرات، وسط القطاع.
ووثق مقطع الفيديو مشاهد صعبة لعدد من القطط وهي تنهش جثمان أحد القتلى، وتحاول اقتطاع جزء منه.
هذه الصورة، التي تؤلم قلوب أصحاب الأخلاق والإنسانية، لا تترك أثرًا لدى جنود الجيش الإسرائيلي، الذين بدورهم وثقوا نهش الكلاب لجثث الفلسطينيين الذين يُقتلون برصاصهم.
وفي 12 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، قال ضباط إسرائيليون خدموا في محور "نتساريم"، وسط القطاع، إن جيشهم يقتل كل فلسطيني يقترب من المنطقة، ولو كان طفلًا أو غير مسلح، ويترك الكلاب تنهش جثثهم، وفق ما نقلته صحيفة "هآرتس".
مشاهد متكررة
بدوره، يقول الدهشان في حديثه إنه "لأكثر من مرة، خلال عملنا في الميدان، نضطر لطرد قطط وكلاب تجمعت حول جثامين الشهداء في الشوارع".
وأوضح أن هذه المشاهد من أكثر المشاهد المؤلمة التي يواجهونها على مدار أشهر حرب الإبادة الجماعية.
وذكر أن بعض الجثث التي يتم انتشالها، إن لم تكن متحللة، تكون ناقصة لبعض الأعضاء التي التهمتها الحيوانات الضالة بشكل كامل. واستكمل قائلًا "المشهد، رغم قسوته وصعوبته، أصبح شبه معتاد في قطاع غزة".
وأشار إلى أن عناصر الدفاع المدني نقلت عشرات الإفادات حول تكرار ذلك خلال عملية انتشال جثامين الشهداء من الميدان.
منع انتشال جثامين الشهداء
يقول الدهشان إن الجثامين التي تنهشها الحيوانات الضالة، هي التي يمنع الجيش الإسرائيلي طواقم الدفاع المدني من انتشالها.
ويوضح أن الجثامين لفلسطينيين قتلهم الجيش في مناطق حدودية يصعب الوصول الفوري إليها، أو مناطق يتمركز فيها الجيش ويفرض عليها حصارًا بالآليات أو النيران عبر الطائرات المسيرة، فتبقى لأيام ملقاة في الشوارع.
وأوضح أن الكلاب والقطط الضالة، التي لا تجد في النفايات بقايا طعام بسبب المجاعة المستفحلة في القطاع، تجد ضالتها في جثث الشهداء.
وأشار إلى أن حالة الجوع المتفشية بين المواطنين في قطاع غزة أثرت على الحيوانات، التي لم تجد هي الأخرى طعامًا لها، مبينًا أن هذا الوضع أدى إلى تغير سلوك الحيوانات لتصبح أكثر افتراسًا.
وحذر الدهشان من تفاقم هذه الجرائم في ظل الاستهداف الإسرائيلي المتعمد لطواقم الدفاع المدني، ومنعهم من الوصول إلى أماكن الاستهداف لانتشال القتلى والجرحى.