يعلم الأطباء والممرضين وأفراد الطواقم الطبية أيضاً أن وجود الروبوتات في الرعاية الصحية لم يقترن بالثورة التكنولوجية التي غيرت وجه العالم في العشرين سنة الأخيرة، في الواقع، لقد ظهرت روبوتات الرعاية الصحية منذ ثمانينيات القرن الماضي. وشاهدنا مؤخراً بالأمس إيلون ماسك وهو يطلق الروبوتات التي تساعد على المهام اليومية بأفضل شكل.

اليوم، من المتوقع أن يصل سوق الروبوتات الطبية العالمية إلى 12.7 مليار دولار في عام 2025! وسنحاول في هذا المقال أن نلخص لكم رحلة الروبوتات في الرعاية الصحية ودورها في مساعدة المرضى والمسنين منذ عام 1980 وحتى اللحظة.

دور الروبوتات في الرعاية الصحية

لعلك من القالائل الذين تعاملوا سابقاً مع أحد الروبوتات في مجال الرعاية الصحية، نحن نفترض ذلك لأنها وكما أسلفنا بدأت مهامها منذ أكثر من أربعين عام. ولعل استخدام الروبوتات الدقيقة للكشف عن الأمراض هو الشكل الأكثر انتشار لها في مختلف أنحاء العالم. حيث يبتلع المريض كاميرا صغيرة للكشف عن أمراض الجهاز الهضمي مثلاً، وكذا يحدث في الكشف عن أمراض الأجهزة الأخرى في الجسم، فهل خضعت لفحص طبي مُشابه من قبل؟

الحقيقة أن روبوتات الرعاية الصحية تأخذ أشكال عديدة من حيث الوظيفة التي تؤديها، بدأً من مساعدة الأطباء مروراً بمساعدة المرضى وليس انتهاءً بمساعدة المسنين، وعلى ذلك تقسم الروبوتات المختصة في الرعاية الصحية إلى عدة أقسام نذكرها توالياً فيما يلي.

روبوتات إعادة التأهيل

تظهر بشكلٍ أساسي في روبوتات الهياكل الخارجية العلاجية والأطراف الاصطناعية، وهذهِ الروبوتات تختص في إعادة تأهيل المرضى الذين يعانون من مشاكل صحية مترتبة عن السكتات الدماغية والشلل وإصابات الدماغ والتصلب المتعدد. ولتوضيح دورها أكثر، تستخدم هذهِ الروبوتات لمراقبة شكل المريض أثناء أداء التمارين، بالإضافة إلى قياس درجات حركاتهُ، ومدى تقدمهُ.

الروبوتات الخدمية

وظيفة الروبوتات الخدمية الأساسية هي مُساعدة الممرضين والأطباء في أداء المهام اللوجستية الروتينية وإرسال التقارير الدورية. وتشمل مهام الروبوتات الخدمية تجهيز غرف المرضى، ومراقبة مخزون الأدوية والمُستلزمات الطبية الأخرى داخل المشافي، بالإضافة إلى مهام مثل نقل أغطية الأسرة والوسائد من وإلى الأماكن المخصصة للغسيل.

في الولايات المتحدة الأمريكية، تصاعدت شهرة روبوت TUG في الفترة الأخيرة، وروبوت TUG من روبوتات الرعاية الصحية التي تستخدم في خدمة المُستشفيات، حيث يمكنهُ حمل وزن يقدر بـ 453 كيلوجرام من الرفوف أو العربات التي تحتوي على أدوية مثلاً أو على عينات أو أي مواد أخرى. والجميل بالأمر أن TUG هو روبوت توصيل متحرك مستقل يمكن إرسالهُ أو طلبهُ من قبل موظفي المستشفى باستخدام واجهة شاشة تعمل باللمس، حيث يكمل أكثر من 50000 عملية توصيل كل أسبوع في أكثر من 140 مستشفى في جميع أنحاء الولايات المتحدة!.

الروبوتات الاجتماعية

جميعنا يعلم بأن التعاطف لا يمكن أن يقدم بشكلهِ الأمثل للمرضى وكبار السن إلا من قبل البشر، لكن ونظراً لنقص العاملين في هذا المجال، تلجأ مؤسسات الرعاية الصحية للاستعانة بخدمات روبوتات الرعاية الاجتماعية للتفاعل مع المرضى وكبار السن وحتى الزوار، بعض من هذهِ الروبوتات يهتم بتشجيع المرضى وكبار السن على اتباع إرشادات العلاج بدقة، وبعضها الآخر يهتم بمنح المريض جميع المعلومات التي يحتاجها عن وضعهُ الصحي، بالإضافة إلى تخصص بعضها بتقديم الدعم المعنوي والنفسي.

ونلاحظ أن روبوتات الرعاية الصحية الاجتماعية في أمريكا حظيت بأسماء متميزة تساهم في جعل المسنين يتفاعلون معها بشكلٍ أفضل مثل جيبو، وبيبر، وبارو، وزارو، وبادي. وكل تلك الروبوتات تعمل على راحة المرضى عندما يشعرون بالوحدة. وتأتي الروبوتات من هذا النوع عادة مزود بأجهزة استشعار تعمل باللمس، وكاميرات وميكروفونات.

الجراحات الروبوتية

لقد سمعت بكل تأكيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن تلك العمليات الجراحية التي بدأت بالفعل باستخدام الروبوتات، وفي معظم الأوقات، يتكون النظام الجراحي في هذهِ الحالة من ذراع مزودة بكاميرا، بالإضافة إلى الروبوت المزود بالأدوات الجراحية. والفكرة هنا هي أن يتحكم الطبيب الجرّاح في الأذرع وهو جالس أمام وحدة تحكم، والتي تكون موجودة داخل غرفة العمليات ذاتها، ويرى الجرّاح عرضًا مكبرًا وعالي الدقة وثلاثي الأبعاد لموضع الجراحة بمساعدة الكاميرا، فيما يتحكم بشكل كامل بالأدوات الجراحية الروبوتية. وعلينا أن نؤكد على أن هذهِ الجراحات لا تتم 100 % بشكل آلي، إذ أنه لا بدّ من وجود بعض الأطباء الذين يقدمون المساعدة خلال العملية.

في الحقيقة، تُجرى الجراحة الروبوتية غالباً من خلال فتحات صغيرة في الجلد والأنسجة الأخرى. وتسمى هذهِ الجراحات بالجراحات صغيرة الندب أو الجراحات طفيفة التوغل. وتقدم بالإضافة إلى ميزة الندوب الصغيرة والتي لا تُلاحَظ بسهولة ميزات أخرى من أهمها:

• مضاعفات جراحة أقل من الجراحات التقليدية، التعرض لعدوى في موضع الجراحة مثلًا.
• ألم أقل.
• كمية الدم التي يفقدها المريض في هذه الجراحات أقل.
• اختصار كبير في فترة الإقامة في المستشفى بالإضافة إلى فترة النقاهة.

من أشهر الأمثلة على الروبوتات في مجال العمليات الجراحية نذكر نظام دافنشي الجراحي، والذي يتميز بنظام رؤية ثلاثي الأبعاد عالي الدقة وأدوات جراحية متطورة بإمكانها الانحناء والدوران على النحو الذي يجعلها تتجاوز قدرات اليد البشرية!.

استخدام الروبوتات في الرعاية الصحية

في معرض حديثنا عن حالات استخدام الروبوتات في الرعاية الصحية، نعود إلى العام 2019، والذي كان شاهداً على استعانة الطبيب الصيني لينغ تشيباي في سانيا بالصين بالروبوت لإدخال جهاز تحفيز في دماغ مريض بداء باركنسون. حتى الآن لا يضيف الخبر أي تفاصيل مختلفة عن ما ذكرناه في الفقرات السابقة، بيد أن الجديد في هذه الحادثة هو استخدام اتصال بتقنية الجيل الخامس 5G لإتمام تلك العملية، لأن الطبيب كان موجوداً على بعد أكثر من ثلاثة آلاف كيلو متر في العاصمة بيجين. لقد نجحت تلك العملية بفضل التقنية الروبوتية التي طورتها شركة هواوي الصينية. وأشار المريض بعد ذلك إلى تحسنهً بشكلٍ كبير. فيما أشار الطبيب تشيباي في تعليقهِ على العملية بأن التقنيات التي تم استخدامها جعلتهُ ينسى تماماً تلك الكيلومترات التي فصلتهُ عن المريض!

بين كل دقيقة وأخرى نشاهد أو نسمع تطورات جديدة في مجال استخدام الروبوتات في الرعاية الصحية، وفي أثناء اختياري لخاتمة جيدة لمقالي هذا، لمحت خبرًا عبر شاشة التلفاز يتحدث عن اختراع روبوت جديد قادر على الكشف عن سرطان الثدي بشكل مبكر.. وبما أن تكنولوجيا الروبوتات دخلت كل مجالات الحياة، فلم لا يكون دورها الأكبر هو الحفاظ على حياتنا وتحسين جودتها؟