تتجه الأنظار إلى نهاية الأسبوع القريب، أو حتى قبله، ربما يوم الخميس، الذي يرجح مطلعين أن يكون موعدا لبدء سريان وقف الحرب في قطاع غزة، ليقضي أهالي القطاع أول نهاية أسبوع من دون قتل وتدمير منذ السابع من أكتوبر 2023.

يوم الإثنين المقبل، يتسلم دونالد ترامب الرئاسة، وإذا ما تقدمت المفاوضات دون عقبات من بنيامين نتنياهو، فإن وقف إطلاق النار بات على بعد يومين أو ثلاثة حسب التقديرات.

ويبدو أن ترامب "غير المتوقع" كان له الدور الحاسم في التأثير على نتنياهو، ودفعه أو حتى إرغامه للتوجه نحو اتفاق لوقف إطلاق نار في غزة، ولو مؤقتا، فهو يريد "أي اتفاق" قبل توليه للرئاسة، كما عبر عن ذلك أحد مقربيه.

ومهما تكن بنود الاتفاق التي يُفرض عليها التعتيم حاليا، فإن وقف الحرب على الفلسطينيين في غزة هي الأولوية، لأن المعاناة لن تنتهي بمجرد وقف الحرب، أكثر من 60 في المئة من الأسر الغزية بلا منزل أو مأوى، أي أن المعاناة ستتواصل مع وقف الحرب، وحتى قبل الحديث عن إعادة الإعمار.

كما أن اتفاق وقف إطلاق النار سينهي معاناة مئات، وربما آلاف الأسرى المرضى، ومن ذوي المحكوميات العالية أو المؤبدة، ويفرج عن عشرات القيادات في الحركة الوطنية الفلسطينية.

لن يواجه نتنياهو صعوبات بتمرير اتفاق وقف إطلاق النار، حتى لو حاول تصوير ذلك للأميركان وللوسطاء بأن يعرض ائتلافه وحكمه للخطر، بل أن مطلب وقف الحرب على غزة بات يتزايد ويهيمن يوميا على التحليلات ومقالات الرأي في وسائل الإعلام الإسرائيلية، بدافع أن الحرب استنفدت نفسها، وباتت حرب استنزاف للجنود وللجيش، وتعرض الرهائن المتبقين على قيد الحياة للخطر.

يعد نتنياهو سموتريتش وبن غفير أن وقف إطلاق النار لن ينهي الحرب على الفلسطينيين، فمقابل وقفها على القطاع، ستفتح إسرائيل حربا من نوع آخر في الضفة، إذ إن قدوم ترامب يحمل وعودات بالضم والتوسع الاستيطاني، وصولا إلى مهاجمة النووي الإيراني، أو إتمام الحرب على المحور الإيراني، فهذا سيكون النصر المطلق بحسب نتنياهو. لكن كيف سيتوافق الضم في الضفة مع رغبة نتنياهو بالتطبيع مع السعودية؟

أما بالنسبة لحماس، فسؤال حكمها للقطاع لم يعد الأهم بعد الحرب المدمرة، بل أن الحركة باتت تسلم بأنها لن تعود إلى حكم القطاع، وقبلت لجنة إدارية للقطاع لن تكون جزءا منها، وهو ما رفضته السلطة الفلسطينية. لكن سيكون في صالح الحركة تمكنها من إطلاق سراح مئات الأسرى من ذوي المحكوميات العالية، على الرغم من الثمن الباهظ للحرب.

قد يواجه تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى عقبات بسبب نتنياهو، لكن ثمن استمرار الحرب بات كبيرا فلسطينيا من حيث عدد الشهداء والمصابين ولا يحتمل. عسى أن تكون هذه الساعات والأيام الأخيرة لحرب الإبادة على غزة.

قد تكون إسرائيل حققت إنجازات أو حتى انتصارات أمنية وعسكرية في المنطقة في العام الأخير، في لبنان وإيران، لكن الحرب على غزة ستكون الخطيئة التي ستلاحقها وتلاحق قادتها لأيام وسنوات مقبلة، وللأبد.