لم تقتصر السياسات والممارسات العنصرية والانتقامية التي زادت السلطات الإسرائيلية من وتيرتها مع شن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على الأسرى الفلسطينيين فحسب، بل طالت محامي الأسرى.
ويعاني محامو الأسرى تصاعد العراقيل والإجراءات بحقّهم، سواء بمنع إدخالهم لأي أوراق مكتوب عليها باللغة العربية أو أقلام ومراقبة زيارتهم للأسرى بحيث يكون داخل الغرفة أكثر من سجّان، ومنع الدخول بسيارتهم، وإجبارهم على الوصول إلى المحكمة مشيا على الأقدام، حتى منع ما لا يقل عن 30 محاميا من زيارة الأسرى وتوجيه شبهات أمنية ضدهم، وفقا لمصادر حقوقية.
وقالت المحامية غيد قاسم، والتي صدر قرار بمنعها لفترة معينة عن زيارة الأسرى، لـ"عرب 48" إنه "في الشهر الأول للحرب كان منع عاماً للمحامين كلهم من زيارة الأسرى، بعدها بشهر أصبح هناك إمكانية للزيارة، أجريت 75 زيارة لأسرى فلسطينيين من غزة والداخل والضفة الغربية والقدس ما بين 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 حتى كانون الأول/ ديسمبر 2024".
وأكملت أنه "خلال شهر آذار/ مارس 2023 كان عندي زيارة للأسيرة خالدة جرار في سجن الدامون، وكانت بحوزتي رسالة من زوجها مرفقة في ملف المعتقلة تضمنت أمورا عائلية وشخصية، وعند تفتيش محتوياتي وجدوا الرسالة، بدأوا بافتعال المشاكل ومحاولة نسب اتهامات باطلة لي مثل نقل معلومات قد تضر بأمن الدولة، أو تدعم منظمة إرهابية".".
وتابعت أنه "بعد هذه الحادثة بثلاثة أسابيع أرسلت سلطة السجون رسالة تأديبية ضدي تدعي بأنني قد أنقل معلومات متعلقة بمنظمات إرهابية، وتضمنت الرسالة توقيفي عن دخول السجون على نحو مؤقت لمدة 10 أيام حتى التقدم للمحكمة، وبعدها بأسبوعين تقدمت سلطة السجون للمحكمة بطلب منعي من دخول السجون لمدة 6 أشهر، وتوصلنا لاتفاق أن يكون قرار منعي حتى 20 تموز/ يوليو، ولا أرى بهذه الخطوات إلا محاولات للترهيب والتخويف ومنع المحاميين من فضح أو الكشف عن الفظائع التي تحدث داخل السجون بحق المعتقلين والأسرى وتضييق الخناق عليهم، إضافةً إلى التضييق على عمل المحاميين ومنعهم من ممارسة مهنتهم بالشكل المطلوب".
وعن المنع الثاني من زيارة السجون، قالت إنه "في بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2024، طلب مني أهالي 3 شبان من أسرى هبة الكرامة 2021 زيارة أبنائهم في سجن جلبوع ومتابعة وضعهم القانوني داخل السجون والانتهاكات الحاصلة بحقهم، وبطبيعة الحال طلبت من الأهالي بعض التفاصيل الأساسية التي إنه تتعلق بأبنائهم وملفاتهم لأعرف من سأقابل، وكتبت هذه التفاصيل والملاحظات على أوراق مسودة".
وأردفت "في 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 وعند دخولي سجن جلبوع لزيارة الشبان الثلاثة، فتشوا أغراضي وقراءة الأوراق جميعها، وادعوا أن الأوراق التي كانت بحوزتي ممنوع إدخالها، وقالوا إنها تحتوي على معلومات أمنية. لاحقا قدمت سلطة السجون بطلب للمحكمة لمنعي من الدخول للسجون لمدة 6 أشهر، وفي آخر جلسة محكمة يوم 18 كانون الأول/ ديسمبر 2024 قرر القاضي أن يُسمح لي بالعودة إلى الزيارات مع بداية العام 2025، وقال إن ادعاءات النيابة بأنني أنقل معلومات أمنية للأسرى غير متناسبة مع محتوى الأوراق التي وجدوها".
وختمت قاسم حديثها بالقول إنه "في هذه الفترة لم نلق مجرد تضييق علينا كمحامين، بل منع لعملنا بشكل غير مسبوق، عدة أمور غير قادرين أن نفعلها. حالة الطوارئ ستستمر وستعزز في تضييق الخناق علينا، وعلى عملنا حتى بالحد الأدنى، وهو التعامل الإنساني البسيط مع الأسرى وصوّن حقوقهم التي باتت معدومة".
وتحدث المحامي خالد دسوقي لـ"عرب 48" عن قرار منع زيارة الأسرى الذي صدر بحقه: "قمت بـ15 زيارة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ومُنعت من الزيارة من قِبل سلطة السجون والمخابرات الإسرائيلية خلال شهر نيسان/ أبريل 2024، بحجة أنني من الممكن أن أنقل أخبارا عن الوضع في الخارج للأسرى، بالإضافة لمواد وشبهات سرية رفضوا الكشف عنها".
وعن الهدف من قرارات المنع، قال دسوقي إن "القرارات التي استهدفت عددا من محامي الأسرى جاءت للاستفراد بالأسرى الأمنيين، والقيام بأعمال غير قانونية ضدهم، كالتعذيب ومنع الغذاء والدواء والملابس وغيرها، فضلا عن خلق واقع مماثل للمحتجزين الإسرائيليين في غزة، بجزئية عدم إتاحة الزيارات".
وختم دسوقي حديثه بالقول إن "سياسات كهذه تضيّق علينا بشكل كبير، مما يجعلنا غير قادرين على المرافعة عن الأسرى، لا سيما أنهم منعونا من زيارتهم ومعرفة تفاصيل القضايا والتحقيقات".
وقال المحامي خالد محاجنة لـ"عرب 48" إنه "منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 نشهد تضييقا واضحا على عملنا المهني كمحامين، فالمماطلة التي نلقاها في تحديد زياراتنا للأسرى غير مسبوقة، وتصل لشهر حتى شهرين وأكثر".
وتابع محاجنة أن "طبيعة الزيارات اختلفت، أصبحت صعبة! الأسير يكون مكبّلا خلال الزيارة وهناك حرس من حولنا، ويسمعوا الحديث كله الذي يدور، ويفحصوا كافة أغراضنا قبل الدخول، ممنوع أن نُدخل أورقا مكتوب عليها باللغة العربية، وممنوع أن نُدخل أقلاما لنكتب الملاحظات، والزيارة إن كانت طويلة لا تتعدى الـ40 دقيقة".
وعن انقطاع الأسرى عن العالم الخارجي، قال إن "آلاف الأسرى من غزة والداخل والضفة والقدس انقطعوا عن العالم منذ السابع من أكتوبر، ولم يُسمح لهم بأي زيارة، لا يعرفون أي شيء عن عائلاتهم والعكس صحيح".
وختم محاجنة حديثه بالقول إن "هذه الممارسات تمس عملنا كمحامين بشكل كبير، لم نعد نستطيع أن نمارس عملنا المهني. وأتوقع أن يستمر هذا الوضع لما بعد انتهاء الحرب، والذي سعى بن غفير عدة مرات لأن يكون الوضع القائم، حتى وإن حصل بعض الانفراج".
اقرأ/ي أيضًا | الحكومة الإسرائيلية ترفض الرد على التماس بشأن زيارات للأسرى