في مخيمات النزوح المنتشرة بقطاع غزة تعلو بين الحين والآخر أصوات الأطفال، فرحين بإعلان التوصل إلى وقف إطلاق النار بين حركة "حماس" وإسرائيل، لكن خلف تلك الأصوات تختبئ قصص ألم وخسارة وحسرات على فقدان الأحبة.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

داخل خيام النزوح البدائية يعيش أطفال غزة واقعًا مأساويًا بعدما سُلبت طفولتهم بين القصف وألسنة اللهب، يترقبون مستقبلاً أفضل، لكن يومياتهم أصبحت مزيجًا من الحزن والحنين إلى منازلهم التي تحولت إلى ركام، ومدارسهم التي حُرموا من مقاعدها.

ورغم إعلان وقف إطلاق النار، مساء الأربعاء، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة، فإن آثار الحرب التي استمرت نحو 16 شهرًا باقية، وستبقى تترك جراحًا عميقة، ناهيك عن الدمار الهائل، والمجاعة، والمآسي التي ستبقى تلقي بظلالها الثقيلة على أهالي القطاع.

فقدان الأحبة والمنازل والأحلام الكبيرة ترك أثرًا عميقًا في نفوس الأطفال، وبينما يحلمون بمستقبل واعد بالأمل والسلام، يواجهون يوميات النزوح بمسؤوليات تفوق أعمارهم، منتظرين بفارغ الصبر لحظات دخول الاتفاق حيز التنفيذ الأحد.

مئات آلاف الأسر الفلسطينية تعيش المعاناة نفسها، حيث اضطر أكثر من مليوني شخص للنزوح داخل القطاع، بحسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

ويواجه النازحون ظروفًا قاسية في المدارس والخيام والشوارع، وسط انعدام المياه والطعام وانتشار الأمراض.

فرحة منقوصة

الطفل مالك السعيدني (13 عامًا) نازح من مخيم البريج إلى مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يصف لحظة تلقي نبأ نجاح مساعي التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، قائلاً: "فرحنا كثيرًا لأننا سنعود إلى منازلنا".

ويستدرك السعيدني، أثناء حديثه لمراسل "الأناضول"، قائلاً: "لكن الحزن يرافقنا على الشهداء، فقدت خالي وابن خالتي، وذكرياتنا الجميلة في بيتنا ذهبت مع الركام"، ويحلم بالعودة إلى مقاعد الدراسة، والعيش بأمان وسلام.

ورغم انتظار "توقف القصف"، سيبقى واقع الحياة اليومية لأطفال غزة مأساويًا، يلازمهم شعور بالخوف الذي لم يتلاش تمامًا رغم الحديث عن هدنة، بسبب استمرار القصف والمجازر الإسرائيلية.

يشار إلى أنه عقب الإعلان الاتفاق استشهد 83 غزيًا، بينهم 23 طفلاً و27 سيدة، فقط مساء الأربعاء وصباح الخميس، في سلسلة غارات إسرائيلية على قطاع غزة.

أما الفتى رامي النباهين، النازح من مخيم البريج إلى النصيرات، فقد خسر 28 فردًا من عائلته بالإضافة إلى منزله خلال حرب الإبادة.

ويستذكر في حديثه أصعب المواقف التي عايشها خلال الحرب، والتي تمثلت باستشهاد والده جراء قصف إسرائيلي شرق مخيم البريج.

ويقول النباهين: "خرجت مسرعًا إلى المستشفى للتأكد من الخبر، وكانت صدمتي كبيرة حين رأيت جثمان والدي ملطخًا بالدماء".

ويضيف: "تحولت حياتنا إلى البحث عن الطعام والماء بدلاً من السعي وراء التعليم وتحقيق الأحلام، حتى بعد الإعلان عن الهدنة، ما زال القلق يلازمنا، لأن الاحتلال لم ينسحب بالكامل، والهدنة لم تدخل حيز التنفيذ بعد".

أمنيات بسيطة

أما الطفلة رغد السدودي، فتقول إنها عندما سمعت أصوات الزغاريد والتكبيرات عرفت أن الحرب انتهت "فرحنا كثيرًا، لكننا فقدنا أشياء لا تعوض، مثل خالي الذي كنت أحبه كثيرًا، ومنزلنا الذي دمر بالكامل".

وتضيف الطفلة النازحة من حي الشجاعية شرق مدينة غزة إلى بلدة الزوايدة (وسط) "أكبر أمنياتي أن أعود إلى مدرستي وأعيش طفولتي ككل أطفال العالم".

وتشارك السدودي أطفال مخيمات النزوح الأمل بعودة الحياة إلى طبيعتها، لكنهم يدركون أن الكثير قد تغير بعد الحرب، كما أن التعليم بات أحد أكبر أحلامهم، حيث يحلمون بالجلوس مجددًا على مقاعد الدراسة وحمل حقائبهم بدلاً من الوقوف في طوابير للحصول على الماء والغذاء.

الطفلة ديما ضاهر، تعبر عن أمنياتها قائلة إنها تحلم بالعودة إلى بيتها ومدرستها، "كنت متفوقة، وأكثر ما أتمناه أن نعيش بأمان وسلام وأن نجد احتياجاتنا البسيطة التي كانت متوفرة قبل الحرب".

وتقول ضاهر، النازحة من شمال قطاع غزة إلى بلدة الزوايدة، إن عائلتها "خسرت الكثير في هذه الحرب، ولم يبق لنا سوى الأمل بالحياة، نأمل من الجميع أن يقف مع غزة في إعمارها وإعادة بنائها حتى تستعيد عافيتها مجددًا".

اقرأ/ي أيضًا | 470 يومًا للحرب: شهداء بقصف إسرائيلي يتواصل قبيل وقف إطلاق النار