رغم الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة على مدار أكثر من 15 شهرا، عبّر فلسطينيون عن رفضهم لمخططات تهجيرهم من أرضهم، والتي كان آخرها مقترح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بنقلهم إلى مصر والأردن.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

ووصف أهال في القطاع، غزة بأنها "أجمل البلدان" التي لن يهاجروا منها، حتى وإن عادت الحرب.

هؤلاء شددوا على رفض المقترح أثناء عودتهم من جنوب ووسط القطاع إلى شماله، سيرا على الأقدام، رغم صعوبة المشي في الطريق الوعرة المخصصة لهم على "شارع الرشيد" الساحلي.

ولا يأبه هؤلاء لحجم الدمار المحيط بالمناطق التي مروا بها خلال رحلة العودة، ولا لمنازلهم المدمرة التي تنتظرهم، إنما يتوقون فقط للعودة إليها والبقاء فيها بعد أشهر طويلة من الغياب.

وفي 26 كانون الثاني/ يناير الماضي، تحدث ترامب عن مقترح لنقل أهالي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وأكده في أكثر من مناسبة، آخرها الجمعة، متذرعا بـ"عدم وجود أماكن صالحة للسكن في القطاع" الذي أبادته إسرائيل، وسط رفض فلسطيني وعربي، وتأكيدات بضرورة العودة إلى حل الدولتين الذي يعتبر "خطوة صحيحة" نحو تحقيق السلام.

"لا أهاجر ولو قطعوا رقبتي"

وهو يحمل حقيبته على ظهره، وتبدو عليه ملامح التعب والإرهاق يقول الفلسطيني أبو محمد، إن "غزة هي العالم، لا يوجد أحسن من ترابها".

وأوضح أنه وإن عادت الحرب على غزة فإنه سيبقى، مؤكدا أنه لن يخرج أو يهاجر منها مهما كانت الأسباب ومهما بلغت التضحيات.

(Getty Images)

وأضاف "لا أهاجر ولو (كان الثمن) قطع رقبتي (..) ولو أكلنا فيها خبزا وملحا نعيش فيها أجمل حياة"، بحسب ما نقلت عنه وكالة "الأناضول" للأنباء.

وأشار أبو محمد إلى أنه يتوجه نحو محافظات الجنوب قادما من غزة، من أجل جلب مستلزماته مشيا على الأقدام من مكان نزوحه.

"أحلى البلدان"

بدورها، تقول ساجدة دحبور، إن أهالي القطاع، لم يصدقوا أنهم عائدون إلى شمال غزة، وتتساءل باستنكار "فهل سنخرج منها ونتركها الآن؟".

وتابعت خلال عودتها إلى الشمال وهي تحمل كيسا من القماش على كتفها "حتى لو فيها دمار، غزة من أحلى البلدان".

وذكرت أن الفلسطينيين تحملوا الإبادة بكل معاناتها وآلامها، لتضيف متسائلة "تحملنا كثيرا.. هل سنخرج منها الآن؟"، بحسب "الأناضول".

(Getty Images)

وعن شعور عودتها لغزة، تقول إنها فرحة لا يمكن وصفها، لكنها تبقى محفوفة بالخوف من الحياة الصعبة التي تنتظرهم بعد تدمير منزلهم.

وأشارت إلى أنها لم تلتق عائلتها منذ بداية الحرب، وأنها متشوقة جدا لها، لافتة إلى أن تأخرهم في العودة، جاء بسبب انعدام قدرتهم على جلب كافة مستلزماتهم من الجنوب إلى الشمال، في ظل ندرة المواصلات.

شوق للعائلة

الطفلة قانا أحمد دحبور، تعرب عن فرحتها لعودتها إلى مدينة غزة، بعد أشهر من النزوح بمدينتي رفح أولا جنوبيّ القطاع، ومن ثم الزوايدة وسط غزة.

وتقول وهي تحمل قطتها داخل صندوق صغير، إنها عائدة لرؤية أجدادها وأقاربها بعد نحو عام ونصف من الغياب والبعد القسري جراء الإبادة.

وذكرت أن عودة عائلتها لغزة تأتي وسط حالة من الضبابية حيث لا تعرف إلى أين تذهب وأين ستبقى بعد دمار منزلهم.

(Getty Images)

وأشارت إلى أنهم يتخوفون من شكل الحياة التي تنتظرهم عقب المصاعب التي خلفتها الحرب الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بأزمة المياه.

ويشكو الأهالي العائدون إلى غزة والشمال من انعدام مقومات الحياة، وبخاصة مع الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية وشبكات المياه والصرف الصحي وعدم وجود أماكن للإيواء وسط الدمار الهائل.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي بغزةن أمس الإثنين، إن إسرائيل "لم تلتزم بتعهداتها ولم تنفذ البنود التي وقعت عليها ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، حيث تواصل المماطلة وعرقلة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية والإيوائية التي يحتاجها شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة بصورة عاجلة".

وأضاف في بيان "وفقا للبروتوكول الإنساني، كان من المفترض أن يتم إدخال 60 آلاف كرفان و200 ألف خيمة مؤقتة إلى قطاع غزة لاستيعاب النازحين من أبناء شعبنا الذين دمّر الاحتلال الإسرائيلي منازلهم ووحداتهم السكنية وأحيائهم السكنية".

وتابع "كذلك كان من المفترض إدخال 600 شاحنة يوميا محملة بالمساعدات والوقود (..) بالإضافة إلى إدخال معدات الخدمات الإنسانية والطبية والصحية والدفاع المدني وإزالة الأنقاض وصيانة البنية التحتية وتشغيل محطة توليد الكهرباء والمعدات اللازمة لإعادة تأهيل الخدمات الإنسانية".

وأشار إلى أن إسرائيل وضعت "عراقيل وماطلت في التنفيذ ما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية ويضاعف معاناة المدنيين في قطاع غزة"، محذرا من التداعيات الخطيرة المترتبة على ذلك.

و منذ أسبوع، يواصل الأهالي عودتهم من جنوب ووسط القطاع إلى غزة والشمال، ضمن تفاهمات وقف إطلاق النار بين حركة "حماس" وإسرائيل.

وفي 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين إسرائيل وحركة حماس، يتألف من 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، ويتم في الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة

وخلّفت الحرب الإسرائيلية على غزة، أكثر من 159 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

اقرأ/ي أيضًا | الأمم المتحدة: 545 ألف مهجّر فلسطيني عادوا إلى شمال غزة