قالت أكاديميتان في بريطانيا إن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ بارتكاب إبادة جماعية في غزة، بل سعى أيضا إلى محو الثقافة الفلسطينية بارتكابها "إبادة ثقافية".
ويعد قطاع غزة، من المناطق القديمة تاريخيا والتي شهد حضارات عدة مثل الفرعونية والإغريقية والرومانية والبيزنطية والكنعانية والفينيقية، وأخيرا الإسلامية التي جسدتها دول متعددة أبرزها المملوكية والعثمانية.
وأثمرت الحضارات على مدار التاريخ، عن ترك شواهد عمرانية وتاريخية في القطاع، ما أضاف له قيمة ثقافية وتاريخية وجسد عراقته، وتجذر الشعب الفلسطيني فيه.
وفي حوار أجرته وكالة الأناضول، أوضحت جورجيا أندريو، عضو هيئة التدريس بجامعة ساوثهامبتون البريطانية أن هناك صورا، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية، تُظهر أن الدمار في غزة واسع النطاق.
وقالت أندريو: "الدمار في غزة غير مسبوق، لذلك من المحال قياس مدى الدمار في البنية التحتية.. ومع ذلك، هناك تقديرات لبعض المؤسسات تشير إلى أن حوالي ثلاثة أرباع البنية التحتية والمساكن قد دُمرت".
وذكرت أن حجم الدمار في غزة "لم نشهده في مناطق استمرت فيها الحرب لسنوات طويلة، مثل أفغانستان والعراق وسورية".
وأضافت: "غزة أصغر بكثير وأكثر كثافة سكانية مقارنة بالمناطق الأخرى.. لذا هناك احتمال أن تكون هناك مواقع أثرية تحت كل مكان أو حوله وتحت كل مبنى منهار".
الإبادة الثقافية بغزة
وأشارت الأستاذة الجامعية التي عملت في مشروع الآثار البحرية بغزة بين عامي 2022-2023 إلى أن تقارير لمقرري الأمم المتحدة تشير إلى أن البنية التحتية في غزة دمرتها إسرائيل عمدا.
وأكدت أن تدمير البنية التحتية يمكن عده "إبادة جماعية" وأن هناك منظمات تعرِّف هذا التدمير على ذلك النحو.
وأردفت: "استخدم بعضهم مصطلح (الإبادة الثقافية) لـ(الدمار في غزة) خاصة في سياق علم الآثار والتراث الثقافي، لأنه يتضمن محو جميع الأدلة على وجود مجموعة معينة من الناس في منطقة معينة".
وتابعت: "دُمر كثير من المباني والبنى التحتية، وحتى العديد من المناطق الطبيعية التي تمثل أسلوب الحياة الفلسطينية أو التي تعد ضرورية للحفاظ على الهوية الفلسطينية".
تدمير التراث الثقافي
أما آنا عرفان، عضو هيئة التدريس في كلية لندن الجامعية، فلفتت إلى أن حجم الدمار الذي لحق بالتراث الثقافي في غزة "مروع".
وقالت إن "الاستهداف والتدمير المتعمد للحياة الثقافية الفلسطينية ومؤسسات التراث الثقافي، وكذلك الأصول في مجالات الثقافة والعلوم والتعليم، كان على الدوام جزءا متعمدا من الإستراتيجية الاستيطانية الإسرائيلية".
وأشارت إلى صعوبة الحصول على بيانات عن المكونات الثقافية التي نجت في غزة خلال الأشهر الـ15 الماضية.
ولفتت إلى احتمال أن تكون البيانات الحقيقية أعلى من البيانات التي تصدرها المنظمات المعنية.
وأضافت نحن "نعلم أن ما لا يقل عن 17 مكتبة وأرشيفا دمرت حتى الآن. وأكدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أن 69 موقعا للتراث الثقافي قد دمرت".
وأردفت: "مع ذلك عندما ننظر من منظور أوسع، نجد أن 200 موقعا تاريخيا على الأقل قد دمرت".