وضع رئيس "المركز للتميز في الدراسات الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا" (CEESMENA) في واشنطن، بروفيسور جوزيف بيلزمان، خطة لقطاع غزة وشملت تهجير سكانه، التي استعرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أول من أمس.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

ونقل بيلزمان الخطة لترامب، في تموز/يوليو الماضي، كما أن ترامب بحث مع نتنياهو في الخطة في نهاية الشهر نفسه، عندما زار الأخير الولايات المتحدة والتقى مع ترامب في عزبته في فلوريدا.

وكشف هذه الخطة المؤرخ الإسرائيلي للسياسة الأميركية والجيو – إستراتيجية، د. كوبي باردا، خلال بودكاست "أميركا بايبي"، في آب/أغسطس، وفق ما ذكر موقع "زْمان يسرائيل" الإخباري اليوم، الخميس.

وقال بيلزمان خلال مقابلة مع باردا إنه "كتبت الخطة من وجهة نظر خبير اقتصادي، حول كيف يبدو ’اليوم التالي’ في غزة. ونقلت الوثيقة إلى مستشاري حملة ترامب الانتخابية، وأبدوا اهتماما بها".

وأضاف بيلزمان أنه "كنت ماركسيا في شبابي، لكن بمرور السنين أصبحت يمينيا في آرائي. ومستشارو ترامب سألوا إذا كانت لدي أفكار ’خارج العلبة’، واعتقدت أن المفاهيم القديمة، التي سادت في واشنطن منذ عشرات السنوات، انتهى وقتها".

ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض، أول من أمس (Getty Images)

وتابع أن التخلي عن التوجه الاقتصادي الذي يرى بإمكانية الوصول إلى الاقتصاد العالمي هو شرط لتحويل الغزيين إلى لاعبين نشطين ومشاركين فيه. واعتبر أنه لأن هذه الطريقة لم تنجح في فتح الأسواق الاقتصادية الصينية، فإنها ليست ملائمة لأماكن أخرى، بينها غزة.

وأشار بيلزمان إلى أن اقتصاد غزة وصل إلى الحضيض، وأنه بين السنوات 2007 – 2022 وصل معدل الناتج المحلي في القطاع إلى 0.4%، وفقا لمعطيات البنك الدولي، بينما الناتج المحلي للفرض كان ينخفض بنسبة 2.5% سنويا، بسبب التكاثر الطبيعي المرتفع. ويعكس هذا الوضع الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، منذ العام 2007.

وبحسبه، فإنه لن توافق أي جهة خاصة أو دولية على إعادة إعمار غزة، في أعقاب الدمار الرهيب الذي ألحقته إسرائيل في القطاع خلال الحرب، طالما لا يتم تدمير شبكة الأنفاق المتشعبة. وأضاف بيلزمان أن الطريقة الوحيدة لتنفيذ ذلك هي بواسطة إخلاء كافة الكتل الإسمنتية وإعادة البناء من جديد.

وقال بيلزمان إن "الحل المطروح في ورقتي البحثية هو هدم المكان والبدء من البداية. وبعد البناء من جديد، يجب إسناد اقتصاد غزة على ثلاثة مجالات مركزية: السياحة، الزراعة وهايتك بمستوى أساسي. وهذا نموذج لقطاع مثلث، لكن تطبيقه يستوجب أن يكون المكان فارغا بالكامل، بحيث يكون بالإمكان إعادة تدوير الإسمنت المدمر، وشريطة ألا يبقى شيئا من البناء الأفقي إلى عمق الأرض".

وفيما يتعلق بتهجير سكان غزة، اعتبر بيلزمان أن يصدر الجيش الإسرائيلي بطاقات بيومترية لأي شخص في القطاع، بهدف الحصول على معلومات فورية لدى تنقلهم، وبادعاء أنه إلى جانب تصليب معلومات مع أجهزة التعرف على الوجوه، سيكون بالإمكان التفريق بين المدنيين والمسلحين.

وتتطرق الخطة، المنشورة في موقع CEESMENA، إلى نموذج BOT الذي يسمح لشركات خاصة بالمشاركة في الاستثمار إلى جانب هيئات دولة، مقابل حصولها على استئجار أراض لخمسين عاما، وبناء وإدارة مشاريع طوال الخمسين عاما وفي نهايتها يتم تسليمها إلى هيئة عامة.

ومثلما تحدث ترامب عن إقامة "ريفييرا" في قطاع غزة، تنص خطة بيلزمان على تحويل غرب غزة إلى منطقة سياحية، تبنى في شواطئها فنادق، بينما في القسم الشرقي من القطاع يتم بناء أبراج سكنية. وفي موازاة ذلك، تستند المواصلات في القطاع كله إلى القطارات الخفيفة البلدية، واستخدام المركبات الخاصة بالحد الأدنى، إلى جانب بناء ميناء ومطار ومنشآت كهرباء وأخرى لتطهير الصرف الصحي.

وتضيف الخطة أنه في حال عودة غزيين إلى القطاع، فإنه يجب إجراء تغيير جذري لجهاز التعليم، واستيراد مناهج تعليم، من روضة الأطفال وحتى الجامعة، تكون شبيهة بالمناهج في الإمارات أو السعودية، وأن تستند إلى التيار الإسلامي الصوفي – السني.

واعتبر بيلزم خلال المقابلة التي جرت قبل انتخابات الرئاسة، إنه في حال انتخاب ترامب، سيكون بإمكانه إقناع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بالموافقة على تهجير جميع الغزيين، مقابل مساعدة أميركية لمصر بما يتعلق بدَينها القومي، الذي بلغ في حينه 155 مليار دولار.

وقال بيلزمان إن "مصر هي دولة فاشلة اقتصاديا، وهم في حالة إفلاس ومرغمون على تلقي مساعدات من العالم كله. وما يتعين على مصر أن تفعله هو السماح للغزيين بالعبور (إلى مصر)، ومن هناك يخرجون إلى أنحاء العالم، البقاء في سيناء أو الانتقال إلى تونس".

وبحسبه، فإن شكل الحكم في غزة في المستقبل ينبغي أن يكون على شكل "مدينة – دولة"، مع حاكم محلي وانتخابات محلية، لكن بدون سيادة كاملة وجيش وعلاقات خارجية. "وهذه ستكون مدينة عملاقة، منزوعة السلاح، تستند إلى شبكة مواصلات كهربائية، وزراعة خضراء، وسياحة متطورة، وجهاز تعليم مختلف عن الموجود اليوم".

واعتبر بيلزمان أنه "لا جدوى من التعاون مع حكم حماس الباقي في القطاع، ويجب تصفية جميع عناصرها. فحماس لن تتنازل أبدا، وهم رجال عصابات يطمحون بالحكم، ولن يعترفوا بإسرائيل أبدا. وآمل أن يكون المخطوفين أحياء، وأن ينجحوا بالتخلص من حماس".

وحسب "ورقة البحث" التي وضعها بيلزمان، فإن التقديرات حول تكلفة تهجير الغزيين والبناء في القطاع تتراوح بين 500 مليار وتريليون دولار، وفترة التنفيذ تتراوح بين خمس إلى عشر سنوات.

يشار إلى أن أكثر من مليوني مواطن في قطاع غزة لم يؤخذ رأيهم في هذا المخطط الجهنمي، الذي أعلن ترامب أنه يعتزم تنفيذه، كما أن المخطط، وكذلك أقوال ترامب، لم تتطرق إلى الدول التي يمكن أن يُهجر الغزيون إليها، بعد أن عبرت جميع دول العالم، باستثناء إدارة ترامب وإسرائيل، عن رفضها لهذا المخطط ولاستقبال مهجرين غزيين.