افتُتحت أعمال المؤتمر الوطني الفلسطينيّ، في العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الإثنين، بمشاركة واسعة من مختلف الفاعليين السياسيين والنشطاء الفلسطينيين، على أن تمتدّ أعمال المؤتمر خلال الفترة بين 17 و19 شباط/ فبراير الجاري.
ومنعت السلطة الفلسطينية، نحو 33 عضوا من أعضاء المؤتمر الوطني الفلسطيني، من السفر للمشاركة في فعالياته في الدوحة.
وأشارت تقارير إلى أن قوات الأمن أعادت بعضهم من أريحا، ومنعتهم من المغادرة، فيما هددت السلطة عددا آخر من المشاركين بالاعتقال، والفصل من العمل، وإيقاف الرواتب عند عودتهم.
وكتبت اللجنة التنظيمية للمؤتمر، أسماء الأعضاء الذين مُنعوا من السفر على لافتات في قاعة المؤتمر وأرفقتها بعبارة "مُنع من السفر".
وبدأت أولى جلسات المؤتمر بالنشيد الوطني الفلسطيني، تبعته عدد من الكلمات للجنة المتابعة بالنيابة عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر.
واستُهلت الجلسات بكلمة ترحيبية لعضو اللجنة التحضيرية ، انتصار الدنان، التي أشارت فيها إلى أن أعضاء المؤتمر يعقدون مؤتمرهم الوطني الأول، رغم التحديات التي أعاقت انعقاده. وأعلنت عن شعورهم بخطورة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية، مؤكدين على ضرورة أخذ زمام المبادرة للضغط من أجل تشكيل قيادة فلسطينية موحدة، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية شاملة، ومواجهة مخططات الإبادة والتطهير العرقي، والضم والتهويد.
وبدأت بعدها كلمات لجنة المتابعة، أشار عضو لجنة المتابعة في المؤتمر الوطني الفلسطيني، مصطفى البرغوثي، إلى التهديدات التي يواجهها الشعب الفلسطيني من حرب إبادة وتطهير عرقي في قطاع غزة، وضم وتهويد للضفة الغربية، وتوسع للاستيطان.
وأضاف البرغوثي أن هذه التهديدات لن يردعها غير المقاومة بجميع أشكالها، وتجنيد الطاقات كلها لتغيير موازين القوى، وتبني استراتيجية وطنية تركز على دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وإنهاء الانقسامات الداخلية، وإنشاء قيادة وطنية موحدة، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية.
وعرض البرغوثي القواعد التي تحكم عمل المؤتمر الوطني الفلسطيني، والتي تتمثل في التأكيد على تعريف المؤتمر بالحراك الهادف إلى تشكيل قيادة وطنية موحدة، وتفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية، وتحديد آلية إنجاز عملية إعادة بناء المنظمة بعقد انتخابات ديمقراطية، وتبنيه مقولة حق الشعب الفلسطيني في النضال والمقاومة بأشكالها كافة، بما ينسجم مع القانون الدولي، وتحديد موقف المؤتمر من اتفاق أوسلو ونهجه وعقيدة التنسيق الأمني، والدعوة إلى تعجيل تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني وإعلان بكين، ودعوة القوى والفصائل الفلسطينية، ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، والحراكات والمبادرات الوطنية إلى تحقيق الوحدة، واستعادة دور منظمة التحرير الفلسطينية، والتمسك بوحدة الشعب الفلسطيني والأرض الفلسطينية.
وألقى طارق حمود، عضو لجنة المتابعة، كلمة حيَّا فيها الشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، وفي مختلف مواقع وجوده في المخيمات اللاجئين في الشتات، وعرض الصعوبات التي واجهها المؤتمر حتى لحظة انعقاده، ونقاشاته السياسية المطوّلة لتقريب وجهات النظر، وخلوصها إلى صيغ توافق مشتركة.
وذكر أنه لا خيار للفلسطيني اليوم، غير الصمود الذي تنتجه الوحدة الوطنية، وأن انعقاد هذا المؤتمر غايته طرح مبادرات حقيقية جادة، وآليات عمل ضمن أُطر فاعلة تعزز هذا الصمود ولا تكتفي به كشعار.
بدوره، تحدث الدكتور أحمد عزم، عضو لجنة المتابعة، في كلمته عن قصور هيئات منظمة التحرير بالتحديد اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني عن أداء دورها المتوقع إزاء حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وما ترتب على ذلك من تمادي الاحتلال في عدوانه، وهذا ما دفع إلى إطلاق المؤتمر دعوته إلى الحوار وإعادة تفعيل دور المنظمة، من خلال تأطير القوى الوطنية كافة، وتأليف قيادة وطنية جامعة على أسس ديمقراطية.
وشدّد عزم على أن آليات عمل المؤتمر، متمثلة في عدم القبول بأي بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتفعيل الهيئات والاتحادات المهنية والشعبية، واعتماد آلية الحوار مع القيادة والقوى والفصائل الفلسطينية، وتنظيم حملات الضغط المدنية والشعبية، وبناء شبكات مجتمعية للنضال والإسناد، وتشكيل فِرق قانونية تُعنى بدراسة مواثيق للمنظمة، ودراسة آليات تفعليها، ورصد مخالفاتها لتلك الأنظمة.
وتضمنت الجلسة الافتتاحية كذلك مداخلات مسجلة لكل من عضو اللجنة التنفيذية سابقا وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، صلاح صلاح، والذي أشار إلى تقاطع غايات المؤتمر مع ما سعت إليه مبادرات ومؤتمرات سابقة أكدت على الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، داعيًا إلى ضرورة دراسة التجارب السابقة، والاستفادة منها.
واقترح تأسيس قاعدة لجبهة مساندة من خلال وضع خطط عمل واضحة، تتضمن طرد إسرائيل من عضوية الأمم المتحدة، وتكثيف التحرك لمقاطعة الاحتلال، والاستفادة من قرارات إدانته لمطالبة الدول الداعمة له ومطالبتها بوقف تزويد الاحتلال بالسلاح، والدعوة إلى الخروج من حالة المناشدة إلى حالة الفعل الميداني.
ودعا الأسير المحرر فخري البرغوثي في مداخلته المسجلة أيضًا إلى الوحدة الوطنية، مؤكدًا أن المؤتمر ليس بديلًا من منظمة التحرير الفلسطينية، وإنما يسعى إلى إصلاحها، وتوحيد كلمة الفلسطينيين، وحماية القضية الفلسطينية التي دفع ثمن حفظها الشهداء والجرحى والأسرى في سجون الاحتلال.
وانتقد منع السلطة الفلسطينية عددًا من أعضاء المؤتمر من السفر، لحضور جلساته المنعقدة في الدوحة، محذرًا من أن هذه الإجراءات لا تخدم القضية.
في ختام كلمات لجنة المتابعة، قدم أحمد غنيم، عضو لجنة المتابعة، تقرير اللجنة التحضيرية، عارضًا عمل لجانها، وأوراق العمل التي أعدتها، واللقاءات التي عقدتها، طوال الفترة الممتدة من شباط/ فبراير 2024، وحتى لحظة انعقاد المؤتمر، مشيرا إلى أن المعوقات التي واجهتها اللجنة في سبيل تأمين مكان لعقد المؤتمر، مثمنا موقف دولة قطر في استضافة هذا المؤتمر على أرضها بعد أن أغلق العديد من الدول أبوابها أمام استضافته.
وتطرق إلى الصعوبات المتعلقة بتوفير الموارد المالية التي اعتمدت على تبرعات رجال أعمال فلسطينيين، والرسوم التي جُمعت من الأعضاء الموقعين على البيان، إذ يقوم المؤتمر على أساس التمويل الذاتي لرفد موازنته.
وعرض غنيم الأعمال التي أنجزتها لجان المؤتمر خلال عام من التحضيرات، وأعلن في ختام كلمته انتهاء أعمال اللجنة التحضيرية ولجنة المتابعة، وقدّم اقتراحًا توافقيًا لهيئة رئاسة أعمال المؤتمر التي ستنتهي أيضًا مهماتها بانتهاء جلساته، وضمت الهيئة السيد معين الطاهر رئيسًا، مع عضوية كل من السيد عوني المشني، والسيدة صابرين عبيد الله، والسيد عدنان حميدان، والسيدة ليلى فرسخ، والسيد أحمد أبو النصر. وتمت الموافقة على الهيئة بغالبية الحضور.
وستسمر اعمال المؤتمر على مدى الأيام الثلاثة، وستخللها نقاشات عامة، وستنتظم اعمال اليوم الثاني في خمس لجان متخصصة لمناقشة مسودات الأوراق ورفع التوصيات لرئاسة المؤتمر بناء على هذه النقاشات، تعرض وتقر في اليوم الثالث من المؤتمر.
واستهجن المؤتمر حملة "التخوين" ضدّه، إذ أكدت لجنة المتابعة فيه، أن "الهدف الأساس والوطني للمؤتمر وآلاف المجتمعين والمنضوين تحت رايته، هو الدفاع عن منظمة التحرير وجوهرها ودورها وشرعية تمثيلها وإعادة الاعتبار لمكانتها ودورها الكفاحي، واستعادة المجلس الوطني الفلسطيني، وإنهاء التهميش الذي آلت إليه هذه المؤسسات الوطنية، التي بذل الشعب الفلسطيني الغالي والنفيس من أجل تأسيسها والدفاع عن شرعيتها".