بحزن وألم شديدين، يقف الفلسطيني نور بليدي أمام منزله في مخيم طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة، يشاهد بحسرة جرافات الاحتلال الإسرائيلي وهي تواصل هدمه، محوّلة سنوات من الذكريات إلى ركام.
ويقول بليدي إنني "لا أسف على الحجارة، ولكن الهدم هو هدم وكسر لذكريات جميلة وحياة".
ويضيف: "ما يتم هدمه الآن أمامي هي عمارة من 4 شقق. شيد البيت على منزل العائلة. منزل ضم 10 إخوة، فيها كل الذكريات الجميلة، هدموها وكسروها". ويتابع: "في نهاية الأمر حسبنا الله ونعم الوكيل في الاحتلال".
وبإصرار على التصدي لمخططات الاحتلال الإسرائيلي، يقول بليدي إننا "سنعمر بيتا جديدا، لسنا آسفين على الحجارة، هذا البيت ضم أجمل الأحبة الذين رحلوا، وبيننا من هو مشرد اليوم وبقيت الذكريات".
وأجبر جيش الاحتلال الإسرائيلي بليدي وإخوته وعائلاتهم على النزوح منذ بداية عدوانه على مخيم طولكرم في كانون الثاني/ يناير الماضي.
بليدي يستطرد: "نحن اليوم مشتتون في ضواحي طولكرم، اليوم أُخبرنا بهدم المنزل، الأمر مؤلم جدا كأنه حلم للأسف هو واقع نقف هنا ونشاهد منزلنا يهدم يدمر".
ويزيد: "كل ضربة من الجرافات كأنها في قلوبنا مخلفة جرحا، ربنا يكون في عون الناس".
ويشدد على أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعمل على هدم وتغيير معالم المخيم وشق طرقات لتحقيق أهدافه. ويردف: "هذا هو العدو (...) وقبل بدء عملية الهدم بنحو 20 دقيقة فقط سمح لنا بالوصول إلى المنزل، لم نتمكن من نقل محتوياته".
ويضيف: "استطعنا أن نأخذ الأوراق وبعض الصور لأجدادنا، وهدم المنزل على كل ما فيه من أثاث ومحتويات".
"تعب سنوات طويلة وضع في هذا البيت وبني حجرا حجرا، اليوم يهدم في بضع دقائق لا لشيء، فقط لإشباع غريزة الاحتلال"، كما يزيد بليدي.
والثلاثاء، قال رئيس اللجنة الشعبية لمخيم طولكرم فيصل سلامة إن "السلطات الإسرائيلية أبلغت الجهات الفلسطينية الرسمية بنيتها هدم 16 منزلا بالمخيم".
وذكر مراسل الأناضول أن جرافات عسكرية مجنزرة وحفارات إسرائيلية بدأت عملية الهدم التي تعد "الأكبر" من حيث عدد المنازل التي يعتزم الجيش الإسرائيلي هدمها منذ بدء عدوانه شمال الضفة.
ومنذ 21 كانون ثان/ يناير الماضي، خلف عدوان جيش الاحتلال على شمال الضفة 56 شهيدا فلسطينيا وفق وزارة الصحة، إضافة إلى دمار واسع في الممتلكات والمنازل والبنية التحتية.
وتقول وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إن أكثر من 40 ألف فلسطيني نزحوا من مخيمات شمال الضفة الغربية، ووصفت الوضع بأنه مأساوي.
ومنذ بدء الإبادة في قطاع غزة، وسّع جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد 917 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال 14 ألفا و500 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.