دعا الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى "علاقات متينة" بين بلاده والولايات المتحدة، وذلك بعد لقائه المبعوث الأميركي، كيث كيلوغ، في كييف غداة انتقادات لاذعة وجّهها الرئيس الأميركي لنظيره الأوكراني.
وهذا الأسبوع، ارتفع منسوب التوتر بين زيلينسكي وترامب على خلفية انفتاح الأخير على موسكو، وقد تبادلا الانتقادات في مؤتمرات صحافية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.
والولايات المتحدة أكبر داعم مالي وعسكري لأوكرانيا، لكن الرئيس الأميركي أثار حفيظة كييف وداعميها الأوروبيين ببدء محادثات مع موسكو.
ويتخوّف الأوروبيون ومعهم أوكرانيا من أن يفضي التقارب بين واشنطن وموسكو إلى صفقة تنهي الحرب تصب شروطها في مصلحة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
وأخذ الخلاف منحى شخصيا بعدما أشار ترامب على نحو خاطئ إلى أن التأييد الشعبي لزيلينسكي متدهور، ليرد الرئيس الأوكراني بالقول إن نظيره الأميركي "مضلَّل".
وفي خضم الانتقادات المتبادلة، قال زيلينسكي، أمس الخميس، إنه عقد "لقاء مثمرا مع كيلوغ".
وقال زيلينسكي في منشور على شبكة للتواصل الاجتماعي بعد اللقاء، إنه "أجرينا مناقشة جيّدة" تناولت "الوضع في ميدان المعركة، وسبل إعادة جنودنا أسرى الحرب، و(توفير) ضمانات أمنية فعّالة".
ولفت إلى أن "قيام علاقات متينة بين أوكرانيا والولايات المتحدة يفيد العالم بأسره".
إلا أن اللقاء، وعلى عكس ما يجري عادة لدى زيارة موفد أجنبي، لم يعقبه أي مؤتمر صحافي مشترك، كما لم يصدر أي بيان مشترك.
في الولايات المتحدة واصل بعض المؤيدين لترامب توجيه الانتقادات إلى زيلينسكي.
في منشور له على منصته إكس، قال إيلون ماسك إن زيلينسكي "يحتقره شعب أوكرانيا".
وفي مقابلة أجرتها معه شبكة فوكس نيوز، اعتبر مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، أن انتقادات كييف للرئيس الأميركي "غير مقبولة" وحضّ زيلينسكي على توقيع اتفاق يمنح الولايات المتحدة امتيازات للاستفادة من الموارد المعدنية والطبيعية لأوكرانيا.
وقال إنه يتعين على الأوكرانيين "تخفيف الحدة" و"توقيع ذاك الاتفاق".
ويدعو ترامب كييف إلى تمكين بلاده من الاستفادة من ثروتها المعدنية تعويضا عن عشرات مليارات الدولارات من المساعدات الأميركية التي تم تسليمها في عهد سلفه جو بايدن.
ورفض زيلينسكي الاتفاق الذي اقترحه ترامب لعدم تضمّنه "ضمانات أمنية"، وهو ما تطالب به كييف داعميها الغربيين في أي اتفاق مع روسيا لوقف الحرب.
يعكس الخلاف التحوّل الجذري في السياسة الأميركية عمّا كان متّبعا في عهد بايدن الذي وصف زيلينسكي بأنه بطل ومدّ كييف بشحنات هائلة من الأسلحة وفرض عقوبات على موسكو.
لكن ترامب وجّه انتقادات لزيلينسكي وحمّله مسؤولية الحرب التي تشنها روسيا في بلاده منذ ثلاث سنوات.
وبعد أن وصف زيلينسكي بأنه "ديكتاتور"، واصل ترامب خطابه المنحاز لموسكو قائلا، مساء الأربعاء، إن الروس في هذا النزاع "سيطروا على كثير من الأراضي" وبالتالي فإنهم "في موقع قوة".
وانتُخب زيلينسكي عام 2019 لولاية مدتها خمس سنوات، لكنه بقي رئيسا لأوكرانيا في ظل الأحكام العرفية التي فُرضت عقب الغزو الروسي.
وتراجعت شعبيته، لكن نسبة الأوكرانيين الذين يثقون به لم تنخفض عن 50 في المئة منذ بدء الحرب، وفق ما أظهرت بيانات لمعهد كييف الدولي لعلم الاجتماع.
وفي مواجهة انتقادات ترامب، حظي الزعيم الأوكراني بدعم الاتحاد الأوروبي وعدد من القادة الأوروبيين.
واعتبر المستشار الألماني، أولاف شولتس، أنه "من الخطأ والخطير" وصف زيلينسكي بأنه ديكتاتور.
وأعلن البيت الأبيض أن ترامب سيلتقي في واشنطن نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الإثنين، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الخميس المقبل، فيما تسعى أوروبا للتعامل مع تحوّل سياسة واشنطن حيال الحرب في أوكرانيا.
وأعلن ماكرون، مساء الخميس، أنّ بلاده لا تعتزم إرسال قوات إلى أوكرانيا قبل إبرام اتفاق سلام بين كييف وموسكو، داعيا الأوروبيين لتعزيز مجهودهم الحربي "لأننا ندخل حقبة جديدة".
وشدّد على أنه "لا يمكن لأحد أن يقول لأوكرانيا" إنه "لا يحق لها أن تنضم للاتحاد الأوروبي أو لحلف الأطلسي".
من جهته، أعلن الكرملين الخميس أنه قرر مع واشنطن استئناف الحوار "في كل المجالات"، مؤكدا أنه "متفق تماما" مع الموقف الأميركي بشأن أوكرانيا.
وقال بوتين، الأربعاء، إن حلفاء الولايات المتحدة "يتحملون مسؤولية ما يحدث"، مشيرا إلى أنهم يدفعون ثمن معارضة عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
ولم تدعَ كييف ولا أوروبا إلى محادثات أميركية-روسية رفيعة المستوى عقدت في السعودية في وقت سابق هذا الأسبوع، ما زاد المخاوف من تهميشها.
من جهته قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، لنظرائه في مجموعة العشرين إن "نافذة للسلام" تُفتح في أوكرانيا، وذلك بعد أيام عدة على اجتماع بين مسؤولين روس وأميركيين كبار في الرياض.
وأفاد وانغ يي، الخميس، بأن "الصين لاحظت أن الدعوات لإجراء محادثات سلام قد ازدادت في الآونة الأخيرة، وأن نافذة للسلام تُفتح"، وذلك وفق ما في جاء في كلمة له نشرتها وزارة الخارجية الصينية قبل أيام من الذكرى الثالثة للغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/ فبراير 2022.