قرّر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مساء الأحد، إقالة رئيس جهاز الأمن العامّ (الشاباك)، رونين بار، من منصبه، وذلك بعد أيّام قليلة من وصول الخلافات بينهما إلى ذروتها، حينما اتّهم نتنياهو بار بالإضافة إلى رئيس الشاباك السابق نداف أرغمان، بأنهما يشنّان حملة ابتزاز وتهديد ضدّه، فيما أكّد، الأحد، أنه قرّر التقدّم للحكومة بمقترح قرار إقالة بار ، بسبب "انعدام مستمرّ للثقة". وفي المقابل، أعلن رئيس الشاباك رفضه قرار نتنياهو، واستمراره بمهام منصبه.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

وقال مكتب نتنياهو في بيان مقتضب، مساء اليوم، إن "رئيس الحكومة، يجتمع حاليا مع رئيس جهاز الشاباك رونين بار، وأبلغه أنه سيقدم إلى الحكومة هذا الأسبوع مشروع قرار بشأن إنهاء مهام منصبه".

ومن المقرّر عقد اجتماع الحكومة بشأن إقالة رئيس الشاباك، يوم الأربعاء المقبل.

وذكرت مصادر في الشاباك، أنه "إذا وافقت الحكومة على إقالة رئيس الشاباك، فإنه سيحترم القرار وسيجري انتقالا منظّما لمن يُعيَّن مكانه"، ولكن في ما يتعلق بمسألة ما إذا كان بار ينوي الاستقالة، فهو ينوي القيام بذلك، فقط "في ظلّ الظروف المناسبة، وفي الوقت المناسب من منظور أمنيّ".

وبعيد ذلك، قال نتنياهو في بيان آخر صدر عنه "مواطني إسرائيل، نحن في خضمّ حرب من أجل وجودنا، حرب على سبع جبهات. وفي كل الأوقات، وبخاصة في مثل هذه الحرب الوجودية، يجب على رئيس الحكومة، أن يضع ثقته الكاملة في رئيس جهاز الشاباك، ولكن لسوء الحظ، الوضع هو العكس، فليس لديّ هذا النوع من الثقة".

وأضاف "لديّ شعور بعدم الثقة تجاه رئيس جهاز الشاباك. شعور نما مع مرور الوقت".

وذكر أنه "نتيجة لهذا الافتقار المستمرّ للثقة، قرّرت أن أتقدّم إلى الحكومة هذا الأسبوع، بمقترح قرار لإنهاء مهامّ رئيس الشاباك من منصبه".

وقال "بصفتي رئيس الحكومة المسؤول عن الشاباك، فأنا على يقين من أن هذه الخطوة ضرورية لإعادة تأهيل المنظمة، وتحقيق جميع أهداف حربنا، ومنع الكارثة المقبلة".

وفي ما بدا محاولة لاستمالة أصوات مؤيّدة له أو لنهجه، داخل جهاز الشاباك الذي ما انفكّ يهاجمه مؤخرا، بشكل علنيّ على خلفية فشل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023؛ ذكر نتنياهو "أودّ أن أوضح أنني أُقدّر الجميع، كل التقدير في جهاز الشاباك؛ رجالاً ونساءً. إنهم يقومون بعمل مُخلص وهامٍ من أجل أمننا جميعا".

بار يرفض القرار: سأواصل مهامي رئيسا للشاباك

بدوره، قال بار في بيان "باعتباري رئيسا للشاباك في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تحمّلت مسؤولية الجزء الخاصّ بالجهاز، وأعلنت بوضوح أنّني أنوي إنجازه قبل نهاية ولايتي، كما كان يُتوقَّعا من الجميع"، مشددا على أنه "من الواضح أن إقالتي لم تكن مقصودة في ضوء أحداث 7 أكتوبر، إذ أوضح رئيس الحكومة أن القرار يأتي انطلاقا من ادعائه، بوجود حالة من انعدام الثقة بيننا".

وأضاف "أجرى الشاباك تحت قيادتي، تحقيقًا شاملًا أشار إلى ثغرات استخباراتية، وعمليات داخلية في السابع من أكتوبر، وقد بدأ تصحيحها بالفعل، وإلى جانب ذلك، أشار التحقيق إلى سياسة اتبعتها الحكومة ورئيسها لسنوات، مع التركيز على العام الذي سبق (هجوم 7 أكتوبر)، وكشف التحقيق عن تجاهل متعمّد ومطوّل من القيادة السياسية لتحذيرات الجهاز".

وأكّد بار أن "الحاجة إلى استجواب جميع الأطراف، بما في ذلك رئيس الحكومة والسياسة التي اتّبعتها الحكومة، وليس فقط الجيش الإسرائيلي والشاباك، اللذين قاما باستجواب نفسيهما بشكل شامل؛ أمر ضروري من أجل الأمن العام"، مضيفا "إذا لم أُصرّ على هذا، مع كل الثمن الشخصيّ الذي سأدفعه، سأكون قد انتهكت واجبي تجاه الأمن القوميّ".

وقال رئيس الشاباك إن "البحث عن الحقيقة هو قيمة عُليا لدى الشاباك، وحقّ الجمهور في معرفة ما أدى إلى (هجوم 7 أكتوبر) وانهيار مفهوم الأمن لدى دولة إسرائيل".

وأضاف "إن مسؤوليتي العامّة، هي الأساس لقراري بالاستمرار في منصبي في المستقبل القريب، في ضوء احتمال التصعيد والتوترات الأمنية العالية، واحتمال حقيقيّ للعودة إلى القتال في قطاع غزة، والذي يلعب الشاباك فيه دورا مركزيًّا".

وذكر أنه "بالإضافة إلى ذلك، يجب عليّ أن أفي بالتزاماتي بإعادة المحتجزين، واستكمال عدد من التحقيقات الحساسة، وإعداد مرشحين اثنين على النحو الأمثل ليحلّوا محلّي في اختيار رئيس الحكومة، كما يقتضي الوضع الرسمي للشاباك، والحساسية الشديدة للشاباك، بحكم تعيينه وبحكم القانون الذي يمنحه صلاحيات واسعة وحساسة للغاية".

وقال بار "في اجتماع سابق أبلغت رئيس الحكومة، أنني أنوي استكمال ما ورد أعلاه قبل الاستقالة من منصبي بالتنسيق معه، في ضوء مسؤوليتي تجاه الجمهور وأمن الدولة، وعمل جهاز الأمن العام لصالح دولة إسرائيل".

وتابع رئيس الشاباك "إن واجب الثقة الذي يقع على عاتق رئيس الشاباك، هو في المقام الأوّل والأخير تجاه مواطني إسرائيل؛ وهذا التصوّر، هو أساس كل أفعالي وقراراتي"، مضيفا أن "توقع رئيس الحكومة بواجب الثقة الشخصي، الذي يتعارض غرضه مع المصلحة العامّة، هو توقُّع خاطئ من حيث الأساس، ويتعارض مع قانون الشاباك، ويتعارض مع قيَم الدولة التي توجه جهاز الأمن العام وموظفيه".

استدعاء رئيس الشاباك السابق للتحقيق

وفي سياق ذي صلة، قرّرت الشرطة الإسرائيلية، استدعاء رئيس جهاز الأمن الإسرائيليّ العامّ ("الشاباك") السابق نداف أرغمان، وذلك بشبهة تهديد وابتزاز نتنياهو الذي كان قد وجّه، الجمعة الماضي، شكوى في الشرطة ضدّه.

يأتي ذلك بعد قول أرغمان، خلال مقابلة للقناة الإسرائيلية 12، الخميس الماضي، إنه إذا أدرك أن نتنياهو، يتصرّف ضدّ القانون، "فسوف يكشف معلومات لم يكشف عنها حتى الآن"، من خلال جلسات شارك فيها رئيس الحكومة.

وقرّر رئيس قسم التحقيقات في الشرطة، استدعاء رئيس الشاباك السابق، للتحقيق معه، عقب شكوىل نتنياهو، وأوردت التقارير الإسرائيلية أن الشرطة تعتزم التحقيق مع أرغمان، للاشتباه "بالابتزاز والتهديد ضد رئيس الحكومة الإسرائيلة".

ولم يتم استدعاء أرغمان للاستجواب حتى الآن، لكن يُتوقع أن يتم استجوابه لاحقًا.

بن غفير وسموتريتش يرحّبان بقرار الإقالة: "أن يأتي متأخرًا أفضل من ألّا يأتي أبدًا"

بدوره، قال وزير الأمن القومي السابق، إيتمار بن غفير: "أرحّب لرئيس الحكومة على قرار إقالة رئيس جهاز الشاباك، وهذا شيء كنت أطالب به منذ وقت طويل، ومن الأفضل أن يأتي متأخرًا من ألا يأتي أبدًا".

وأضاف أنه "لا يوجد مكان في بلد ديمقراطي لمسؤولين يتصرفون سياسيًّا، بطريقة معادية للمسؤولين المنتَخَبين".

وذكر أنه "يجب على اليمين أن يتعلم من الرئيس (الأميركيّ، دونالد) ترامب كيفية القضاء على الدولة العميقة، والتصرف كديمقراطية، واستعادة الثقة العامة في الأجهزة الأمنية والقانونية في دولة إسرائيل".

وقال وزير المالية الإسرائيلي ورئيس حزب "الصهيونية الدينية"، بتسلئيل سموتريتش، إنه "من الأفضل أن تتأخّر من أن لا تتأتي أبدًا"، مشدّدا على أن "استبدال رئيس جهاز الشاباك، هو خطوة ضرورية ومطلوبة".

وأضاف سموتريتش "كان من المناسب لرئيس الشاباك أن يتحمل المسؤولية الحقيقية، ويستقيل من تلقاء نفسه، قبل أكثر من عام، ممّا يوفر الحاجة إلى إقالته".

وذكر أنه "بعد هذا الفشل... فإن المسؤولية تقتضي إخلاء المكان منذ زمن طويل؛ وإن تشبثه بالكرسي والأسباب التي قدمها لذلك علنا، وفي الإحاطات الإعلامية، هو وقاحة وغرور وأكثر شيء يمكن أن يكون مناهضا للديمقراطية".

وأضاف أنه "ظهرت في الأشهر الأخيرة خلافات جوهرية في الرأي، بينه وبين القيادة السياسية، وسيتم تناولها في الوقت المناسب، وهو سبب آخر يمنعه من البقاء في منصبه".

لبيد وغانتس يهاجمان نتنياهو

من جانبه، ذكر رئيس المعارضة، يائير لبيد، في بيان، إن "رونين بار قال عدة مرات إنه سيستقيل من منصبه، ويتحمل مسؤولية دوره في كارثة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، بعد عودة الرهائن إلى ديارهم، وهو المختصّ الأقدم في المفاوضات".

وشدّد لبيد على أن "إقالته في هذا الوقت، غير مسؤولة، وتدلّ على عدم الالتزام بمصير الرهائن".

وأضاف أن بار "كرّس حياته للدفاع عن إسرائيل، وخاطر بحياته مرات عديدة لحماية البلاد ومواطنيها"، مشيرا إلى أن "الطريقة المخزية التي يحاول بها نتنياهو إقالته، تشير إلى فقدان السيطرة على أعصابه وانهيار القيم".

وذكر أن نتنياهو "يضع مصالحه الخاصّة فوق مصلحة الدولة وأمنها، مرة أخرى"، مضيفا أن "كل الافتراءات، وكل المحاولات لتحويل مسؤولية الفشل إلى المؤسسة الأمنية، لن تساعد نتنياهو؛ إنه المسؤول الأول عن فشل وكارثة السابع من أكتوبر، وهذا كلّ ما سيبقى في الأذهان عنه".

بدوره، ذكر رئيس كتلة "المعسكر الوطني"، بيني غانتس، أن "إقالة رئيس جهاز الشاباك، انتهاك مباشر لأمن الدولة، وتفكيك الوحدة في المجتمع الإسرائيليّ، لأسباب سياسيّة وشخصيّة".

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية، الخميس، إنه يتعرّض لما وصفه بحملة كاملة من الابتزاز والتهديد من قِبل رئيسَيّ جهاز الأمن الإسرائيليّ العامّ ("الشاباك") الحالي رونين بار، والسابق، فيما سارع الشاباك إلى الردّ بالتأكيد على أن ذلك، "اتهام خطير، ضد رئيس مؤسّسة رسميّة".

وفي شكواه للشرطة، ذكر نتنياهو أن أرغمان "اختار تهديد وابتزاز رئيس حكومة بمنصبه بالتهديدات، مستخدمًا أساليب، وأشكالًا شائعة في المنظمات الإجرامية، كما لو كان رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، عضوًا في المافيا، مُستخدمًا ممارساتٍ من عالم الجريمة، مُتجاوزًا بذلك كل الحدود".

وقال نتنياهو، قبلها بيوم، إنه "تمّ تجاوز خطّ أحمر خطير آخر للديمقراطية الإسرائيلية، هذا المساء"، مضيفا أنه "لم يحدث قطّ في تاريخ إسرائيل، وفي تاريخ الديمقراطيات، أن يُنفّذ رئيس سابق لمنظمة سرية (الشاباك)، تهديدات ابتزازية مباشرة ضد رئيس حكومة، أثناء تولّيه مهام منصبه".

وأضاف رئيس الحكومة الإسرائيلية، مهاجما رئيس الشاباك، صراحةً، أن " هذه الجريمة تُضاف إلى حملة كاملة من الابتزاز والتهديد، من خلال اللقاءات الإعلامية في الأيام الأخيرة، والتي أجراها رئيس جهاز الشاباك الحالي، رونين بار".

وعَدّ نتنياهو أن "الهدف الوحيد، هو محاولة منعي من اتخاذ القرارات اللازمة، لإعادة بناء جهاز الشاباك، بعد فشله المدمِّر في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر"، مضيفا "ليكن واضحا؛ التهديدات الإجراميّة على غرار المافيا، لن تردعني"، مضيفا "سأفعل كلّ ما هو ضروري، لضمان أمن مواطني إسرائيل".

كما ذكر بيان مقتضب صدر عن مكتب رئيس الحكومة "مرة أخرى، أخبار كاذبة بشكل كامل؛ على عكس التقرير الكاذب الذي بثّته القناة 12 مساء اليوم (الخميس)، لم يتمّ التخلّي عن نفي كبار قادة حماس" من القطاع.

وكان الشاباك قد أصدر في الرابع من الشهر الجاري، تحقيقه الداخلي بشأن الإخفاقات التي أدت إلى هجوم 7 أكتوبر، حيث أقرّ الجهاز بأنه لم يقدم تحذيرًا دقيقًا بشأن نطاق الهجوم، رغم توفر إشارات تحذيرية مسبقة.

وألقى الشاباك باللوم جزئيًا على الجيش الإسرائيلي، مشيرًا إلى ضعف التنسيق الاستخباراتي بين الجهازين، مما أدى إلى عدم اتخاذ خطوات استباقية لمنع الهجوم الذي شنته كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.

وشمل التحقيق أيضًا انتقادات للمستوى السياسي، حيث أشار إلى أن "سياسة التسوية" التي تبنتها الحكومة، بما في ذلك السماح بتدفق "الأموال القطرية" إلى غزة، كانت جزءًا من النهج الذي ساهم في تعاظم القوة العسكرية للحركة.

اقرأ/ي أيضًا | الشاباك يقر بفشله: أخطأنا في تقدير نوايا حماس ومنع هجوم 7 أكتوبر