بدأت إدارة الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب عمليّات تسريح واسعة النطاق في إذاعة "صوت أميركا" (فويس أوف أميركا) ووسائل إعلام أخرى مموّلة من الولايات المتّحدة، مؤكّدة بذلك نيّتها القضاء على منصّات لطالما اعتبرت ضروريّة بالنسبة لنفوذ واشنطن.
وبعد يوم فقط على منح جميع الموظّفين إجازة، تلقّى الموظّفون العاملون بموجب عقود محدّدة رسالة عبر البريد الإلكترونيّ تبلغهم بإنهاء خدماتهم بحلول نهاية آذار/مارس.
وأُبلغ المتعاقدون في الرسالة الّتي أكّدها عدد من الموظّفين لفرانس برس، بأنّ "عليكم التوقّف عن كلّ العمل فورًا ولا يسمح لكم بدخول أيّ أبنية أو أنظمة تابعة للوكالة".
ويشكّل المتعاقدون الجزء الأكبر من القوّة العاملة لدى "صوت أميركا" خصوصًا في الخدمات باللغات غير الإنكليزيّة، رغم عدم توفّر أرقام حديثة بعد.
والعديد من المتعاقدين ليسوا مواطنين أميركيّين، ما يعني بأنّهم يعتمدون على الأرجح على وظائفهم من أجل تأشيرات البقاء في الولايات المتّحدة.
ولم تتمّ فورًا إقالة الموظّفين العاملين بدوام كامل الّذين يحظون بحماية قانونيّة، لكنّهم منحوا إجازة إداريّة وطلب منهم عدم العمل.
وتبثّ إذاعة "صوت أميركا" الّتي تأسّست أثناء الحرب العالميّة الثانية بـ49 لغة وتمثّلت مهمّتها بالوصول إلى البلدان الّتي لا تتمتّع بحرّيّة الإعلام.
وقال الصحافيّ لدى "صوت أميركا" ليام سكوت الّذي يغطّي الحرّيّات الصحافيّة والتضليل إنّه تمّ تبليغه بخبر إقالته اعتبارًا من 31 آذار/مارس.
وأشار على "إكس" إلى أنّ تدمير إدارة ترامب لـ"صوت أميركا" ومنصّات إعلاميّة أخرى تندرج "في إطار جهودها لتفكيك الحكومة على نطاق أوسع، لكنّها أيضًا جزء من هجوم الإدارة الأوسع على حرّيّة التعبير والإعلام".
وأضاف "غطّيت حرّيّة الصحافة لمدّة طويلة ولم أر قطّ شيئًا على غرار ما حدث في الولايات المتّحدة خلال الشهور القليلة الماضية".
وانتقلت بعض الخدمات التابعة لـ"صوت أميركا" لبثّ الموسيقى بسبب نقص البرامج الجديدة.
وقع ترامب أمرًا تنفيذيًّا الجمعة يستهدف "الوكالة الأميركيّة للإعلام العالميّ" في آخر تحرّك لخفض الإنفاق في الحكومة الفدراليّة.
وكان لدى الوكالة 3384 موظّفًا في العام الماليّ 2023. وطلبت 950 مليون دولار للعام الماليّ الحاليّ.
وجمدت إجراءات الخفض الواسعة أيضًا عمل "إذاعة أوروبا الحرّة/راديو ليبرتي" الّتي تأسّست خلال الحرب الباردة للوصول إلى التكتّل السوفياتيّ السابق وإذاعة "آسيا الحرّة" الّتي تأسّست لتوفير تغطية إلى الصين وكوريا الشماليّة وبلدان آسيويّة أخرى يخضع الإعلام فيها إلى قيود مشدّدة.
وتشمل المنصّات الأخرى المموّلة أميركيًّا الّتي يتمّ تفكيكها "راديو فردا"، وهي إذاعة بالفارسيّة تحجبها الحكومة الإيرانيّة وشبكة "الحرّة" الناطقة بالعربيّة الّتي تأسّست بعد غزو العراق في مواجهة قناة الجزيرة في قطر.
وتأتي تحرّكات ترامب في وقت تستثمر روسيا والصين بشكل كبير في الإعلام الرسميّ لمنافسة الروايات الغربيّة، إذ توفّر الصين عادة محتوى مجّانيًّا للمنصّات في البلدان النامية.