ثبّتت المحكمة المركزية في بئر السبع، الثلاثاء، أمر اعتقال مدير مستشفى كمال عدوان، الدكتور حسام أبو صفية (52 عامًا)، لمدة ستة أشهر، بموجب قانون "المقاتل غير الشرعي". وجاء القرار استنادًا إلى ملف سري قدّمته النيابة العامة الإسرائيلية، ادّعت فيه أن أبو صفية يشكّل خطرًا على "أمن الدولة".

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

وخلال الجلسة، نفى محامي مركز الميزان لحقوق الإنسان، بصفته وكيلًا عن أبو صفية، صحة هذه المزاعم، مشددا على أن أبو صفية كان يؤدي عمله المهني كمدير ومستشار علاجي داخل المستشفى فقط، وطالب النيابة بالكشف عن مواد التحقيق، إلا أن النيابة رفضت ذلك، وساندتها المحكمة في قرارها.

وكانت سلطات الاحتلال قد اعتقلت أبو صفية في 27 كانون الأول/ ديسمبر 2024 من داخل مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، شمالي قطاع غزة، وأخرجته تحت تهديد السلاح، برفقة عدد من العاملين والأطباء والمواطنين، ومنعته من لقاء محاميه لمدة 47 يومًا، بعد تدميرها المستشفى وإخراجه عن الخدمة.

وفي 12 شباط/ فبراير الماضي، صدر قرار من قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، بتحويل الطبيب أبو صفية للاعتقال وفق قانون "المقاتل غير الشرعي"، تمهيدًا لتثبيت الأمر خلال 45 يومًا.

وأكد مركز الميزان أن جلسة تثبيت الاعتقال انطوت على "انتهاك صريح لموجبات الحق في ضمانات المحاكمة العادلة"، حيث لم يُمكّن الدكتور أبو صفية ولا محاميه من الاطلاع على التهم أو مناقشة مواد التحقيق، ما "يُشكّل تقويضًا لجوهر المحاكمة العادلة وإهدارًا لحق الدفاع".

وأضاف المركز أن "جميع الإجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال بحق الدكتور أبو صفية، بدءًا من اعتقاله التعسفي، ومرورًا بوضعه في زنزانة انفرادية، وحرمانه من تلقي العلاج والرعاية الطبية، ومنعه من لقاء محاميه، تُعدّ انتهاكًا فاضحًا لقواعد الحماية التي يكفلها القانون الدولي للعاملين في القطاع الصحي، خصوصًا البروتوكول الثاني الملحق باتفاقية جنيف الرابعة".

وقفة تضامنية مع الطبيب أبو صفية في الخليل (Getty Images)

وطالب مركز الميزان المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية لوقف "حرب الإبادة الجماعية التي لا تزال تحصد أرواح الفلسطينيين في قطاع غزة"، داعيًا إلى الإفراج الفوري عن أبو صفية، وضمان الحماية لمقدمي الخدمات الطبية والإنسانية، وتفعيل آليات المساءلة الدولية، واحترام أحكام القانون الدولي وقرارات المحكمة الجنائية الدولية.

وفي عام 2002، أقرت إسرائيل قانون "المقاتل غير الشرعي" لاحتجاز الفلسطينيين دون تهم أو محاكمة عادلة، بناء على "ملفات سرية". ومنذ عام 2005، يُستخدم هذا القانون لقمع سكان غزة دون حق المراجعة القضائية.

واشتهر أبو صفية، بدوره الإنساني خلال حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، وكان أحد أبرز الأطباء الذين واصلوا العمل تحت القصف لإنقاذ الجرحى والمصابين.

وأثارت لحظة اعتقاله استنكارا واسعا، خصوصا بعد انتشار صورة له مرتديا معطفه الطبي، يسير وحيدا وسط الدمار محاطا بالآليات العسكرية الإسرائيلية، في مشهد صار أيقونة للصمود الفلسطيني.

وحسب عائلة أبو صفية، تعرض الطبيب الفلسطيني للتعذيب الشديد والتجويع داخل السجون الإسرائيلية، وهو ما أكده محام تمكن من زيارته أخيرا.

ومع اشتداد الإبادة الإسرائيلية، دفع أبو صفية، ثمنا شخصيا باهظا عندما فقد نجله إبراهيم، في اقتحام الجيش الإسرائيلي للمستشفى في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2024.

وفي 24 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام ذاته، تعرض أبو صفية، لإصابة نتيجة قصف إسرائيلي استهدف المستشفى، لكنه رفض مغادرة مكانه وواصل علاج المرضى والجرحى.