تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، فشمل برعايته الكريمة افتتاح دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الأول، الموافق لدور الانعقاد السنوي الثالث والخمسين لمجلس الشورى، وذلك في قاعة تميم بن حمد بمقر المجلس صباح اليوم. وألقى سمو أمير البلاد المفدى "حفظه الله" خطاباً بهذه المناسبة، أكد خلاله على أن التغيير المدروس هو السبيل الموثوق للتطور وتلبية طموحات الشعوب وتحقيق مصالحها.

وقال سمو الأمير: إن التغيير المدروس هو السبيل الموثوق للتطور وتلبية طموحات الشعوب وتحقيق مصالحها. ولا ريب أن الدستور الدائم لدولة قطر هو السياج القانوني لهذه الطموحات والمصالح، وكما تعلمون جميعاً لقد أشرت في كلمتي أثناء افتتاح دور الانعقاد السنوي الخمسين لمجلس الشورى في عام 2021 إلى تكليف مجلس الوزراء بإعداد التعديلات القانونية اللازمة– بما فيها التشريعات الدستورية الطابع – لتعزيز المواطنة المتساوية وعرضها على مجلسكم الموقر.

وأضاف سمو الأمير: وقد انتهى مجلس الوزراء من إعداد مشروع تعديلات دستورية وتشريعية. وانطلاقًا من مسؤوليتي وواجبي تجاه وطني وشعبي لما فيه الخير في الحاضر والمستقبل فقد ارتأيت أن تلك التعديلات تحقق المصلحة العليا للدولة، وتعزز من قيم العدل والمساواة في الحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع القطري، وقد وجهت بإحالة مشروع التعديلات الدستورية، بما فيها العودة إلى نظام تعيين أعضاء مجلس الشورى، إلى مجلسكم الموقر لاتخاذ اللازم بشأنها وفقاً لأحكام الدستور. فيما سيتولى مجلس الوزراء اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن التعديلات المقترحة على القوانين والأدوات التشريعية الأخرى وفقًا للقانون.

غايتان تجمعان التعديلات الدستورية والتشريعية المرتبطة بها: الحرص على وحدة الشعب من جهة، والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات من جهة أخرى.

المساواة أمام القانون وفي القانون أساس الدولة الحديثة، وأيضًا واجب شرعي وأخلاقي ودستوري. إنه العدل الذي أمرنا الله به، ولا نقبل بغيره. قال تعالى ﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل﴾.

وكما تعلمون فقد كانت وحدتنا الوطنية مصدر قوتنا بعد التوفيق من الله سبحانه وتعالى، في مواجهة كل التحديات التي مررنا بها، ومن هنا فإن علينا دائمًا حين نراجع تجاربنا أن نضع وحدتنا وتماسكنا فوق أي اعتبار.

الإخـوة والأخــوات،

أما بالنسبة لانتخاب مجلس الشورى، وللدقة انتخاب ثلثي أعضائه، فقد نص عليه الدستور الدائم للدولة من عام 2004، ولم يطبق.

وأبيت أن تبقى ثمة أحكام في الدستور تنتظر التنفيذ. فقمت بمبادرتي بالدعوة إلى الانتخابات. وأصارحكم القول إني دعوت إلى الانتخابات على الرغم من تحفظ العديد من المواطنين المخلصين الذين رأوا أنه كان ثمة منطق معتبر في عدم تطبيق هذه الأحكام.

قلت في حينه من على هذا المنبر وغيره إنها تجربة، وسوف نراجعها ونقيمها ونستخلص النتائج منها. وقد قمنا بذلك واستخلصنا النتائج التي قادتنا إلى اقتراح التعديلات الدستورية.

نظامنا نظام إمارة يقوم على العدل والشورى ويحمي الحقوق والحريات في ظل سيادة القانون.

وليس مجلس الشورى برلمانًا تمثيليًا في نظام ديمقراطي، ولن تتأثر مكانته وصلاحياته سواءً اختير أعضاؤه بالانتخاب أم التعيين.

إن علاقة الشعب بالحكم في قطر هي علاقة أهلية مباشرة، وثمة أعراف وآليات معروفة للتواصل المباشر بين الشعب والحكم. ولم يعين أعضاء مجلس الشورى الكرام، أو ينتخبوا، إلا ليناقشوا القوانين وأعمال السلطة التنفيذية بتجرد عن المصالح الخاصة والجزئية وبحكمة وعقل راجح، ويقدموا التوصيات للأمير. وأنتم تقومون بذلك على أكمل وجه، وهذا لا يتغير بتغير آلية اختيار أعضاء هذا المجلس.

الشورى من أهم أشكال المشاركة في الشأن العام، وسوف تتواصل.

وتوجد قنوات عديدة لمشاركة المواطنين، ويجب أن نزيدها ونكثفها ونعمقها. قال تعالى: ﴿وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله، إن الله يحب المتوكلين﴾.

كلنا في قطر أهل. والتنافس بين المرشحين للعضوية في مجلس الشورى جرى داخل العوائل والقبائل، وهناك تقديرات مختلفة بشأن تداعيات مثل هذا التنافس على أعرافنا وتقاليدنا ومؤسساتنا الاجتماعية الأهلية وتماسكها. إذ يتخذ طابعًا هوياتيًا لا قبل لنا به وما قد ينجم عنه مع الوقت من ملابسات نحن في غنًى عنها. لقد بينت التجربة القطرية أن الجوانب الإيجابية في مؤسساتنا الأهلية لم تكن عائقًا أمام التطور، بل عاملًا مساعدًا فيه، وشكلت قاعدةً راسخةً مكنتنا من الجمع بين أصالتنا وحداثتنا.

بعد أن تناقشوا هذه التعديلات، وبعد أن أتلقى ما سيتوصل إليه مجلسكم الموقر، وحرصًا منا على أن يشارك جميع المواطنين معنا في بناء صرح الوحدة الوطنية وإقرار المواطنة المتساوية، وتعزيزًا للمشاركة الشعبية في الشأن العام، سوف تطرح التعديلات الدستورية للاستفتاء الشعبي. وأدعو جميع المواطنين والمواطنات للمشاركة فيه.

للاطلاع على الخطاب الكامل: https://shrq.me/nbthiu