أكد سعادة السيد جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن القمة الأولى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي، المزمع عقدها غدا الأربعاء في العاصمة البلجيكية بروكسل، تعكس التزام الطرفين الراسخ بإقامة شراكة استراتيجية تدعم المصالح المشتركة لهما، وتعكس رؤية جديدة للتعاون الإقليمي والدولي ومواجهة التحديات العالمية وتعزيز الأمن والتنمية المستدامة.
وأوضح سعادته، في حوار خاص مع وكالة الأنباء القطرية قنا، أن القمة ستتناول القضايا العالمية الملحة، خاصة التصعيد الخطير في الشرق الأوسط، وقضايا تغير المناخ، والتنمية المستدامة، والمساعدات الإنسانية، وتعزيز التعاون لتلبية الاحتياجات الإقليمية والعالمية المتزايدة.. مشددا على أن الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي سيواصلان العمل معا لتعزيز الأمن العالمي، ومنع الصراعات، وحل الأزمات.
كما بين أن القمة تهدف إلى تعميق التعاون بين الجانبين في مجالات التجارة، والتحولات الخضراء والرقمية، والطاقة المستدامة، والتعليم، والابتكار، مشددا على أهمية تعزيز الاستثمارات التي تربط آسيا بالشرق الأوسط وأوروبا، ومؤكدا أن العلاقات بين الشعوب ستظل في صميم هذه الشراكة.
وفي حديثه عن التعاون السياسي والأمني، أكد المسؤول الأوروبي أن الأزمات المستمرة في الشرق الأوسط، والبحر الأحمر، وإفريقيا، تظهر الحاجة الماسة للعمل المشترك لتحقيق الاستقرار. وقال في هذا السياق:" أمن الاتحاد الأوروبي ومنطقة الخليج مترابطان بشكل عميق، حيث تلعب دول الخليج دورا محوريا على نحو متزايد، ومن الأهمية بمكان تطوير التعاون في المسائل الأمنية الرئيسية، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن البحري، والتصدي للتهديدات السيبرانية"، مشيرا إلى التنسيق الاستراتيجي بين الجانبين بشأن الأزمات الجيوسياسية، وخاصة لخفض التصعيد في الشرق الأوسط والبحث عن حل سياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا، ومعالجة الأمن وعدم الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، يظل أمرا ضروريا.
وأضاف:" الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي منخرطان بشكل نشط على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف لتعزيز أهدافهما المشتركة، وكثفا التعاون المؤسسي بينهما بشكل ملحوظ. وكان إطلاق الحوار الأمني المنظم بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي في يناير 2024 خطوة مهمة نحو تعميق هذا التعاون، ونحن نتطلع لمواصلة البناء على هذا الزخم في المنتدى رفيع المستوى المقبل بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي بشأن الأمن والتعاون الإقليمي في عام 2025".
وفي إطار العلاقات الاقتصادية، أكد التزام الاتحاد الأوروبي بتعزيز التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي في مجالات الطاقة، والتكنولوجيا، والاستثمار، لافتا إلى أن الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي يشكلان معا 20 بالمئة من الاقتصاد العالمي، ويمثلان أكثر من نصف الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم، ما يعكس قوة هذه الشراكة.
وقال بوريل:" نعتقد أن هناك إمكانات كبيرة غير مستغلة لتعزيز هذه العلاقة من خلال تعزيز بيئة الأعمال والاستثمار. إن تركيزنا الاستراتيجي ينصب على دعم التحولات الخضراء والرقمية، وضمان أن تكون اقتصاداتنا أكثر دائرية واستدامة ومرونة في مواجهة اضطرابات سلاسل التوريد، كما أن التعاون في مجالات مثل الطاقة المتجددة والتقنيات الرقمية وتحسين الاتصال من شأنه أن يساعد في دفع التكامل الاقتصادي والتنويع في كل من الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي".
وتابع: " لتحقيق هذه الغاية، نعمل على تعزيز الحوار التجاري والاستثماري القائم بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي. ويتلخص هدفنا في تعزيز ظروف الوصول إلى السوق ودعم السياسات المواتية للاستثمار في مختلف القطاعات، وسيوفر منتدى الأعمال بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي في دولة قطر الشهر المقبل فرصة قيمة أخرى لاستكشاف هذه المواضيع بمزيد من التفصيل والانخراط في حوار بناء على المستوى الفني".
وفيما يتعلق بجهود دولة قطر في الوساطة الإقليمية والدولية لحل النزاعات، أشاد بوريل بجهود الدوحة في تعزيز الاستقرار خاصة في سياق مساعيها لوقف الحرب المستمرة على قطاع غزة، مشددا على أن دولة قطر تعد شريكا رئيسيا للاتحاد الأوروبي في التعامل مع الأزمات الجيوسياسية، وعلى أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بالتعاون مع قطر لمنع التصعيد وتعزيز الدبلوماسية.
وقال في هذا الصدد:" تلعب دولة قطر دورا مهما في الوساطة الإقليمية والدولية، حيث تحظى جهودها لتعزيز الاستقرار والأمن في العالم بتقدير واسع النطاق، كما أن جهودها المتواصلة في التعامل مع الأزمات الجيوسياسية المعقدة جعلتها شريكا رئيسيا للاتحاد الأوروبي".
وأوضح أن الاتحاد الأوروبي ودولة قطر تربطهما بالفعل شراكة قوية تقوم على أهداف مشتركة لتعزيز السلام والأمن، وكلاهما ملتزمان بتعميق التعاون في مجالات مثل إدارة الأزمات، ومنع الصراعات من خلال الوساطة والطرق الدبلوماسية.
وأردف قائلا: " إن الدور المحوري الذي تلعبه قطر في معالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يسلط الضوء بشكل أكبر على مصداقيتها كوسيط موثوق به في المواقف الحرجة، لتعزيز الدبلوماسية ومنع التصعيد العسكري والسعي إلى إيجاد حلول سلمية للصراعات".
وأشار الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، في ختام حواره مع قنا، إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تلعب دورا رئيسيا في تعزيز التنمية المستدامة، خاصة في مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ، مشددا على أن الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج العربية ستستمر في دفع التحول الأخضر، وإزالة الكربون، وتعزيز القدرة التنافسية المستدامة على الصعيد العالمي.