توقعت السيدة روبرتا غاتي كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد القطري في عام 2024 بنسبة 2 بالمئة مع أداء مستقر في قطاع الهيدروكربونات ونمو قوي في القطاع غير النفطي، خاصة في مجالات السياحة والإنشاءات.

وأشارت المسؤولة بالبنك الدولي في حوارها مع وكالة الأنباء القطرية " قنا" إلى بقاء قطاع الهيدروكربونات قوة دافعة للنمو طويل الأجل، خصوصا مع بداية عام معد لدخول مشاريع رفع إنتاج الغاز الطبيعي المسال طور الإنتاج في عام 2026، حيث أبرمت قطر عقودا كبيرة مع الأسواق الأوروبية وآسيا الشرقية.

ولفتت إلى الدور الذي تلعبه استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة في دعم التنويع، من خلال التركيز على قطاعات السياحة وتكنولوجيا المعلومات وغيرها.

وحول تعليقها على سؤال توقعات البنك الدولي لمستقبل النمو والتوجهات الحالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ضوء تقرير البنك الدولي الأخير الخاص بالمنطقة، توقعت كبيرة الاقتصاديين أن يبلغ متوسط النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2.2 في المئة في عام 2024، وهي زيادة طفيفة عن 1.8 في المئة في عام 2023، ولكنها أقل بنقطة مئوية واحدة من متوسط النمو ما قبل جائحة كورونا " كوفيد-19".

وعزت روبرتا غاتي هذا الارتفاع الطفيف في متوسط النمو لعام 2024 إلى دول مجلس التعاون الخليجي التي من المتوقع أن تحقق نموا بنسبة 1.9 في المئة في هذا العام، ارتفاعا من 0.5 في المئة في عام 2023 مدفوعة بتوسعات القطاع غير النفطي في معظم اقتصاداتها.

وتابعت "على سبيل المثال، من المتوقع أن تحقق المملكة العربية السعودية نموا في ناتجها المحلي الإجمالي غير النفطي - والذي يقدر بنحو 51 في المئة من اقتصادها في عام 2024 - بنسبة 4.4 في المئة. ورغم ذلك فقد تباطأ نمو دول مجلس التعاون الخليجي أكثر مما كان متوقعا في السابق بسبب انخفاض إنتاج النفط عن المتوقع على خلفية تمديد تخفيضات إنتاج النفط".

كما أرجعت في حوارها مع " قنا " تباطؤ نمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2024 إلى نقاط الضعف القائمة مسبقا وتنامي حالة عدم اليقين والتداعيات غير المباشرة للصراع، بالإضافة إلى الظروف العالمية، قائلة: "من المتوقع أن ينخفض النمو في الدول المستوردة للنفط في عام 2024 إلى متوسط 2.1 في المئة من 3.2 في المئة في عام 2023، بينما سينخفض النمو في البلدان المصدرة للنفط من 3.2 في المئة في عام 2023 إلى 2.7 في المئة في عام 2024".

وحول اتجاهات النمو في عام 2025، أشارت إلى تسارع النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 3.8 في المئة على افتراض أن الصراع في المنطقة لن يتفاقم. كذلك من المتوقع أن يتعزز النمو في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 4.2 في المئة مدفوعا بالتخلص التدريجي من تخفيضات إنتاج النفط.

وأضافت: "من المتوقع أن يتسارع نمو البلدان النامية المصدرة للنفط إلى 3.3 في المئة مدعومة بتعافي قطاع النفط. وفي ذات الوقت، من المتوقع أن يتحسن النمو في البلدان المستوردة للنفط إلى 3.5 في المئة. ومن المتوقع أن تقود مصر النمو المتسارع للبلدان النامية المستوردة للنفط في عام 2025 مدعومة بنمو الاستثمار وارتفاع الاستهلاك الخاص".

وحول المطلوب من دول المنطقة لتحسين أدائها الاقتصادي في ظل هذه النتائج آنفة الذكر، أشارت كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي إلى أن النمو في دول مجلس التعاون كان مدفوعا بالتوسع في القطاع غير النفطي، بينما كان القطاع النفطي مقيدا بقيود إنتاج النفط من منظمة " أوبك بلس".

وأضافت: "على المدى الطويل، هناك جوانب مهمة يجب التفكير فيها: السلم شرط أساسي للنمو، وهناك فرص لزيادة النمو من خلال استخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة. وهذا يشمل إعادة تخصيص الكفاءات من القطاع العام إلى الخاص، وتعزيز الابتكار، وزيادة معدلات التوظيف، وخاصة من خلال دمج المزيد من النساء في سوق العمل. منطقتنا لديها أدنى معدل عالميا، حيث تشارك امرأة واحدة فقط من بين كل خمس نساء في سوق العمل".

وفي ردها على سؤال مدى نجاح دول الشرق الأوسط، سواء المعتمدة على النفط أو غيرها، في تنويع اقتصاداتها لتقليل تأثير تقلبات أسعار الطاقة العالمية، لاحظت روبرتا غاتي التقدم الملحوظ في مسار التنويع قائلة: "النمو في دول مجلس التعاون الخليجي، كما أشرنا سابقا، يعتمد أساسا على القطاع غير النفطي. فعلى سبيل المثال، شهد القطاع غير النفطي في السعودية نموا أسرع من القطاع النفطي، حيث تدعم الخدمات وقطاع الإنشاءات هذا النمو. ومع ذلك، لا يزال جزء كبير من هذا النمو يعتمد على السياسات المالية القوية، وسنرى مستقبلا كيف سيتطور التنويع بدون الاعتماد الكلي على دعم الدولة".

وفي تعليقها على تأثير تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية على فرص النمو المستقبلية في المنطقة، عددت غاتي العوامل التي تسهم في الانخفاض المشار إليه، منها وفرة العرض مع دخول منتجين جدد، فهناك الولايات المتحدة والبرازيل منتجان مهمان للنفط وضعف الطلب جزئيا نتيجة التباطؤ الاقتصادي في الصين.

وأكدت المسؤولة في البنك الدولي في ختام حوارها مع " قنا " على ضرورة تنويع الدول المعتمدة على النفط اقتصاداتها ليس فقط بسبب اتجاهات السوق، ولكن أيضا لتحقيق أهداف الوصول إلى الحياد الكربوني في المستقبل. يعتبر نمو القطاع غير النفطي إشارة إيجابية في هذا الاتجاه.

على صعيد آخر قال الدكتور زياد النكت الممثل المقيم لمجموعة البنك الدولي في دولتي الكويت وقطر في تصريح لوكالة الأنباء القطرية " قنا" إن التعاون بين البنك الدولي ودولة قطر يعود إلى أكثر من 5 عقود، حيث يتعاون الجانبان بشكل مثمر للغاية يقدم البنك الدولي لدولة قطر خدمات استشارية ومساعدتها في اختيار الإصلاحات الاقتصادية ذات الأولوية التي تطلبها دولة قطر وهيئاتها الحكومية من البنك الدولي.