أكدت سعادة الدكتورة صورية مولوجي وزيرة الثقافة والفنون الجزائرية أن العلاقات الثقافية مع دولة قطر تتميز بالعمق والتناغم والتعاون المستمر، وهو مايترجم روح التفاهم والإخاء التي تجمع شعبي البلدين.
وقالت سعادة وزير الثقافة والفنون الجزائرية، في حديث خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن اختيار دولة قطر كضيف شرف النسخة الـ27 لصالون الجزائر الدولي للكتاب، هو تعبير عن رقي المكانة والعلاقة، وتأكيد على عزم متأصل ومتواصل من أجل تعزيز التعاون الثقافي بين البلدين.
وثمنت سعادتها المشاركة القطرية المتميزة في فعاليات المعرض، والتي ساهمت في إثراء البرنامج الثقافي للصالون، منوهة بدور وزارة الثقافة القطرية في هذا الشأن، مؤكدة السعي للعمل في المستقبل القريب على مزيد تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين البلدين الشقيقين.
وفيما يخص صالون الكتاب هذا العام، قالت سعادتها إن وزارة الثقافة الجزائرية تعمل دوما على الارتقاء أكثر بهذا الموعد الثقافي الكبير على كافة المستويات، خاصة منها الفعاليات الثقافية المصاحبة للصالون، مشددة الحرص على الحفاظ على الثراء الثقافي للجزائر وتقديمه بكل أصالته وعمقه الحضاري من خلال العديد من المهرجانات والفعاليات الثقافية المعنية بهذا الشأن.
وحول استراتيجية وزارة الثقافة والفنون الجزائرية لبلوغ الانتعاش الذي تعرفه الحياة الثقافية في الجزائر، قالت سعادتها: نحرص بشدة على الارتقاء بالمشهد الثقافي على اختلاف مجالاته كالآداب ونشر الكتاب والمسرح والسينما والتكوين الفني، وحفظ وتثمين التراث المادي، إلى جانب ذلك تعمل وزارة الثقافة وفق مبدأ المشاركة الفاعلة من لدن أهل الاختصاص في مختلف مجالات الثقافة والفنون كآلية استشارية مفعلة باستمرار.
وأشارت وزيرة الثقافة والفنون الجزائرية في سياق متصل إلى مشاريع ثقافية عديدة من أبرزها مواصلة الجهود لحفظ وتثمين التراث الثقافي في كل ربوع الجزائر والسعي إلى تصنيفه، إلى جانب تعزيز آليات دعم الإبداع الأدبي والفني، وتحسين وضع الفنانين، والعمل على تحقيق أكبر قدر من الجودة في التكوين الفني للشباب في المعاهد العليا سواء في السينما أو في الفنون التشكيلية والدرامية والموسيقية، إلى جانب المسابقات الوطنية في مختلف المجالات كالشعر والرسم والغناء والمسرح، وعلى رأسها جائزة الرئيس الجزائري للمبدعين الشباب "علي معاشي".
وعن اهتمام الوزارة بالمسرح الجزائري، قالت إن التجربة المسرحية في الجزائر عريقة من حيث الممارسة، ومتفتحة على مختلف المدارس الفنية، بما في ذلك التجريب، وقد عرفت ازدهارا بعد الاستقلال استطاعت من خلاله أن تضع معالم حقيقية في المسرح الجزائري.
وذكرت سعادتها أن الجزائر تعرف إنتاج أكثر من مئة عرض مسرحي سنويا ما بين الموجه للكبار ومسرح الطفل، معتبرة أن تتويج الفرق المسرحية الجزائرية سنويا بالعديد من الجوائز الكبرى في الفعاليات والمهرجانات الدولية يمثل ثمرة هذه الحركية التي يعرفها المسرح في الجزائر.

وأكدت سعادة الدكتورة صورية مولوجي وزيرة الثقافة والفنون الجزائرية، في حديثها لـ/قنا/، اهتمام بلادها البالغ بحماية التراث الثقافي من خلال وضع استراتيجيات تصونه بما يشمل تدعيم التشريعات القانونية وتحديثها، والعمل على مخططات الحماية واستصلاح المواقع الأثرية، مشيرة إلى أنه تم تسجيل العديد من عناصر ومظاهر التراث الثقافي غير المادي الجزائري على لائحة منظمة اليونسكو.
وذكرت سعادتها أن الجزائر تملك حاليا سبعة مواقع مسجلة ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي، وتسعى إلى تسجيل مواقع أخرى، قائلة: "نحن نعمل على تجديد القائمة الإرشادية المسجلة باسم الجزائر، وقد تم تشكيل فريق عمل لإثراء هذه القائمة بهدف تسجيل مواقع جديدة أخرى، كما نعمل على تثمين الأبحاث في مجال التراث الثقافي، والبحث الأركيولوجي".
وأشارت إلى انتعاش البحث الأثري في الجزائر خلال السنوات الأخيرة والذي تجلى في إنجاز حفريات أثرية متعدّدة في العديد من المواقع الأثرية المنتشرة عبر مختلف مناطق الجزائر، فمنها الحفريات المنظمّة المسجلة ضمن مشاريع البحث عبر المراكز البحثية المتخصصة.
ولفتت في هذا السياق إلى أن وزارة الثقافة والفنون الجزائرية أطلقت منصة "تراثي" المخصصة لمحاربة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، إضافة إلى الخريطة الأثرية الجزائرية التي تجمع نتائج الأبحاث الأثرية، وجرد الممتلكات الثقافية العقارية في خريطة واحدة، وإنجاز تطبيق رقمي على شكل خريطة تفاعلية، حيث تم إحصاء أكثر من 25000 موقع أثري ومعلم تاريخي.
من جهة أخرى، شددت وزيرة الثقافة والفنون الجزائرية على دعم بلادها للجهود التي من شأنها تعميق أواصر التكامل والتعاون والأخوة بين الشعوب العربية، خاصة في المجال الثقافي، معتبرة أن الفعل الثقافي سيظل السفير الأكبر بين الدول العربية، وبين شعوب العالم.
وقالت في هذا السياق: إن اللقاء الأول حول "السوق الثقافية العربية المشتركة" الذي أقامته المنظمة العربية للتربية والعلم والثقافة "ألكسو" أصبح في حاجة ملحة للتنفيذ اليوم لكل الشعوب العربية مضيفة: أنظر بعين التفاؤل إلى هذه المبادرة أو المشروع العربي الكبير الذي يتطلب التفافا حقيقيا وتعاونا دؤوبا بين مختلف الأطراف.
وأكدت سعادة الدكتورة صورية مولوجي على أهمية الاقتصاد الثقافي، باعتباره ضرورة لا مناص منها لتحقيق التنمية والاستدامة، لافتة إلى أن "الوقت قد حان لتسهم الصناعات الثقافية والإبداعية في بناء الإنسان".
وتابعت: نركز على البحث في العلاقات بين الثقافة والتنمية المستدامة بوصفها رهانا حيويا في تنفيذ التزامات التنمية في الدول العربية، خاصة تلك المتعلقة بتعزيز التماسك الاجتماعي والاندماج وتحسين نوعية الحياة، وتطوير وسائل الإنتاج وأساليبه، وإدارتها بطرق لا تؤدي إلى استنزاف موارد كوكب الأرض الطبيعية، دون إغفال الوظيفة الأسمى للثقافة، والمتمثلة في الحفاظ على هوية الشعوب العربية وذاكرتها الحضارية والثقافية.
وأكدت سعادة وزيرة الثقافة والفنون الجزائرية في ختام حديثها لـ/قنا/، أن الجزائر تسعى من حيث المبدأ إلى دعم كل المبادرات العربية الرامية إلى تعزيز سبل التعاون الثقافي العربي، إلى جانب حرصها على مشاركة كل الدول العربية في فعالياتها الثقافية، خاصة الدولية منها.