أكد سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، حرص المركز على نشر ثقافة الحوار والتسامح حتى يسود التعايش والتسامح في جميع مناطق العالم، كما جاء في رسالات الأنبياء والرسل.
وقال سعادته، في حوار خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ بمناسبة اليوم العالمي للتسامح الذي يوافق السادس عشر من نوفمبر كل عام: "نحن في مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان نعمل على نشر ثقافة الحوار وقبول الآخر ليسود التسامح، فالأصل في تعاليم الأديان أن يكون التسامح هو القاعدة، والعمل على بناء السلم ونبذ العنف والتطرف".
وشدد على أن دولة قطر تدرك وتراعي هذا الجانب، لذلك تعمل على مجموعة نوافذ لتحقيق تجارب ناجحة في شتى المجالات عامة وخاصة في مجال الحوار والتسامح، ومن ذلك تعدد المؤسسات الدينية، والثقافية، والتعليمية، أو مراكز الأبحاث وكل مؤسسة تختص وتركز على دور معين أكثر من غيرها، وتتعاون مع غيرها في موضوعات عامة وجوهرية تشترك فيها على المدى المتوسط أو البعيد زمانيا ومن حيث السمات الموضوعية والأهداف العليا وذلك في إطار تكاملي وسعي جماعي بجهود متضافرة نحو النجاح.
وأوضح سعادة الدكتور النعيمي أن المؤسسات التي تعلم الناس الدين مثلا، وتغرس فيهم حب العقيدة وتعلمهم مبادئ دينهم، تسهم في بناء مواطن صالح ومصلح في نفس الوقت، منوها بأن التجارب الناجحة لهذه المؤسسات تساعد في تحقيق التسامح الذي ينشده مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان.
وأضاف أن مخرجات أعمال المركز تسهم كذلك في تعزيز التسامح فقد حدد المركز وسائل متعددة لتحقيق أهدافه، ومن أهمها: المؤتمرات السنوية، والطاولات المستديرة المخصصة للجاليات المحلية، والدورات التدريبية للعاملين في هذا المجال، وللطلاب والمتخصصين سواء داخل قطر أو خارجها، ومنها كذلك إجراء الأبحاث العلمية التي يشارك فيها المركز والدوريات التي يصدرها.
ولفت إلى أن مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان يقوم بنشر إصدارات وبحوث علمية، سعيا لتحقيق أهدافه في تعزيز ثقافة الحوار وخلق بيئة تمتاز بالسلم وقبول الآخر، وتكوين عقلية متزنة ومعتدلة في النظر إلى التعددية وإيجاد جو يطمئن إلى التعايش السلمي، ومنها "مجلة أديان"، و"النشرة الدورية"، و"رسائل مختارة".
وذكر سعادة رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان أهم نتائج هذه الجهود والتجارب والتي تمثلت في المساهمة في نشر ثقافة التعددية والتعايش السلمي، ومكافحة خطاب الكراهية والعنف والتطرف ونبذ الآخر، والعمل على مكافحة ظاهرة "الإسلاموفوبيا"، وتقديم صورة صحيحة عن الإسلام، واستنكار الإساءات التي تحدث بين وقت وآخر من بعض الأطراف التي تحمل فكرا متطرفا، علما بأن ذلك لا يمثل الأكثرية، وصنع شبكة علاقات قوية وجيدة وإيجابية مع المخالف في كل أنحاء العالم، وتسهيل الإجراءات القانونية للمسلمين في الغرب بفتح مساجد ومراكز دينية، وإبراز الصورة المشرقة لدولة قطر وتقديم الخبرة القطرية في مجال الحوار وغير ذلك.
وحول واقع التسامح بين الأديان والتعاليم الدينية والممارسة حاليا، قال سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان: "الأصل في عصرنا هذا ومنذ بعثة آخر النبيين محمد صلى الله عليه والسلام، هو التعايش بين الأديان ومراعاة روح التسامح وقبول الآخر رغم الإقرار بالاختلاف بين الأديان، على مستوى العقيدة خاصة"، مشيرا إلى أن أغلب الدول تشهد واقع التعايش بين أتباع الديانات المختلفة، ويرجع ذلك إلى جملة أمور من أهمها: أن الناس بحكم الثقافة المعاصرة والانفتاح على الآخر والعولمة تجاوزوا النظرةَ الأحادية للأمور، وأصبح التنوع والتعددية من أهم سمات الدول ومعالم المجتمعات المعاصرة.
وأضاف أن الأديان السماوية تدعو إلى قيم أخلاقية ومبادئ إنسانية راقية، فالأديان متفقة على جوهر الأخلاق فالصدق والعدل والبر وحسن الجوار من القيم والمبادئ التي لا ينفك عن الدعوة إليها دين من الأديان.
ولفت النعيمي إلى اهتمام الدول والمنظمات ومؤسسات المجتمع المدني والدساتير والقوانين بما ييسر التعددية ويحمي حق الأغلبية وحق الأقلية، والاهتمام بمسمى حقوق الإنسان، مشددا في الوقت ذاته على أن التسامح بين الأديان لا يعني التنازل البتة، بل بالعكس، كلّ يمثل دينه ومعتقده. ومع ذلك نجتمع في المحافل للاستفادة من تعاليم هذه الأديان كما هي ونوظفها لخدمة الإنسانية وفق المتفق عليه بين الأديان.
وأردف قائلا: "ما يميز مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان هو أنه فريد في مراعاته لأمرين: الأول مبادئ الإسلام ووسطيته في التعامل مع الآخر المخالف، والثاني هو عادات المجتمع القطري وتراثه العريق، بل وواقع دولة قطر، حيث يعيش فيها الكثير من الجنسيات وأتباع الأديان، ونحن كمسلمين نجد أن الأمور التي تثار في حقول الحوار وفي مسائل التسامح بين الأديان ويتحدث الفاعلون عنها باسم الإنسانية والحقوق نحن أحق وأولى بها، وهي في الأساس جزء من ديننا. وعليه، فإن المركز ملتزمٌ بمبادئ الإسلام القائم على الكتاب والسنة وبروح الوسطية، مع استحضار ثقافة دولة قطر في مساعيها ورؤاها واستراتيجياتها".
وذكر سعادة الدكتور النعيمي أن "هناك أسبابا متعددة تحول بين أن يكون التسامح واقعا حياتيا منها الجهل بالدين عامة، وبما يتعلق بالتعامل مع الآخر خاصة، رغم حب الكثير للدين فبعض المتدينين يتسرعون في إطلاق الأحكام نتيجة الجهل، وهذا مرفوض عقلا وشرعا، إلى جانب التشدد من بعض المتدينين بما ينعكس على سلوكهم، بالإضافة إلى وجود عوامل سياسية واقتصادية فبعض السياسيين في بعض دول العالم قد يثيرون نعرات وقضايا ذات طابع عرقي إثني أو ديني للإيقاع بين الطوائف والملل الدينية".
واختتم سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، حواره مع /قنا/ بقوله: "إن الأديان تدعو في أصلها إلى التسامح، والواقع المشاهد يجسّد ذلك من حيث الأصل، والتعايش والتسامح هو القاعدة المعاينة في أغلب دول العالم.
جدير بالذكر أن الأمم المتحدة أقرت الاحتفال باليوم الدولي للتسامح في 16 نوفمبر من كل عام، بهدف تسليط الضوء على أهمية التسامح في بناء مجتمعات سلمية وعادلة.