توقع /بنك قطر الوطني QNB/ أن يتباطأ التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل أكبر خلال العام المقبل، مدفوعا بتطبيع استخدام الطاقة الإنتاجية، وتعديلات تكلفة الإسكان، واحتمال ضبط الأوضاع المالية العامة خلال ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية وكذلك مع تولي سكوت بيسنت منصب وزير الخزانة.
وقال التقرير الأسبوعي للبنك: إن التضخم في الولايات المتحدة عاد تدريجيا ليقترب من نسبة 2% المستهدفة في الأشهر الأخيرة بعد أن بلغ ذروته عند 5.6% سنويا قبل أكثر من 30 شهرا في يونيو 2022.
وأشار التقرير إلى أن هذا يعتبر تطورا كبيرا لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ومبررا لبدء دورة التيسير النقدي في شهر سبتمبر من العام الجاري، عندما تم إقرار تخفيضات أسعار الفائدة لأول مرة منذ بداية جائحة فيروس/كورونا/ في عام 2020.
واعتبر التقرير أنه رغم النجاح والتقدم في السيطرة على التضخم، فإن المخاوف بشأن أسعار المستهلك في الولايات المتحدة لا تزال تلقي بظلالها على أجندة المستثمرين، مبينا أنه في الأسابيع الأخيرة، أدت بيانات التضخم الأعلى من المتوقع و"الاكتساح الجمهوري"، مع فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية وهيمنة حزبه على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، إلى مخاوف بشأن توقعات التضخم.
ولفت البنك إلى أن الأهم من ذلك هو أن المقياس الرئيسي لبنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو التضخم الأساسي في نفقات الاستهلاك الشخصي، والذي يستثني الأسعار المتقلبة للطاقة والمواد الغذائية من المؤشر، لا يزال أعلى من النسبة المستهدفة".
ورأى في هذا الصدد أن هناك مخاوف من أن "الجزء الأخير" من عملية السيطرة على التضخم قد لا يكون سهلا كما كان متوقعا في السابق، وأن "النسخة الثانية من سياسة أمريكا أولا" قد تؤدي إلى زيادة التضخم، بسبب التوسع المالي وارتفاع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة".
وأشار إلى أن احتمالية ارتفاع التضخم أدت بالفعل إلى تغيير كبير في التوقعات المرتبطة بحجم ووتيرة التيسير النقدي الذي سينفذه بنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 2025، موضحا أنه غضون أسابيع قليلة، خفض مستثمرو أدوات الدخل الثابت توقعاتهم بشأن تخفيضات أسعار الفائدة من 150 نقطة أساس إلى 50 نقطة أساس فقط، مما يشير إلى أن سعر الفائدة الأساسي على الأموال الفيدرالية سيستقر في نهاية العام المقبل عند 4 بالمئة بدلا من 3 بالمئة.
وأرجع التقرير توقعاته الإيجابية بخصوص عودته التدريجية إلى النسبة المستهدفة 2 بالمئة إلى ثلاث عوامل رئيسية أولها، التعديلات الكبيرة التي شهدها الاقتصاد الأميركي بالفعل في الأرباع الأخيرة، الأمر الذي ساهم في تخفيف حالة نقص العرض وارتفاع الطلب التي كانت تضغط على الأسعار.
ونوه إلى أن معدل استغلال الطاقة الإنتاجية في الولايات المتحدة، قياسا بحالة سوق العمل والركود الصناعي، يشير إلى أن الاقتصاد الأميركي لم يعد محموما أي بعبارة أخرى، هناك عدد مناسب من العمالة لفرص العمل المتاحة، في حين أن النشاط الصناعي يسير دون اتجاهه الطويل الأجل.
و ذكر التقرير أن سوق العمل تأقلمت بالكامل وهي الآن عند مستوى طبيعي، حيث بلغ معدل البطالة 4.1 بالمئة في أكتوبر 2024، بعد أن كان قد بلغ أقصى درجات الضيق في أوائل عام 2023 عندما تراجع بكثير من مستوى التوازن إلى 3.4 بالمئة حيث تدعم هذه الظروف التخفيف التدريجي لضغوط الأسعار.
وفيما يتعلق بالعنصر الثاني الذي تناوله التقرير بالتحليل فهو يشمل انخفاض التضخم في أسعار الإسكان الذي سيصبح مساهما رئيسيا في انخفاض التضخم الإجمالي في الأرباع القادمة إذ يمثل الإسكان ما يقرب من 15 بالمئة من مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي.
وتظهر مؤشرات السوق للإيجارات المتعاقد عليها حديثا، والتي تتوقع الاتجاهات في الإحصائيات التقليدية، أن تضخم الإيجار أقل من مستويات ما قبل الجائحة، وهذا يشير إلى أن مكون الإسكان في الأسعار سيستمر في التباطؤ في عام 2025، مما يساعد في خفض التضخم الإجمالي.
ورأى التقرير في العنصر الثالث أنه غالبا ما يتم المبالغة في المخاوف بشأن الطبيعة التضخمية للنسخة الثانية من سياسة الرئيس ترامب الاقتصادية "أميركا أولا"، حيث ستبدأ إدارة ترامب الجديدة في ظل بيئة وطنية ودولية مختلفة تماما عن ظروف الولاية السابقة في عام 2016، وبالتالي سيكون نطاق التحفيز المالي الكبير مقيدا أكثر.
وأشار إلى أن سكوت بيسنت وزير الخزانة القادم، كان قد أعرب عن نيته "تطبيع" العجز إلى 3% بحلول نهاية ولاية الرئيس الأمريكي ترامب أي سيتم تشديد الأوضاع المالية أكثر بدلا من تخفيفها، وهو ما من شأنه أن يساهم في إبطاء ضغوط الأسعار، على الرغم من أي تأثيرات ناجمة عن سياسات التعريفات الجمركية والهجرة التي لم يتم إضفاء الطابع الرسمي عليها بالكامل بعد.