■ منتجات مُقلدة تُباع على أنها ماركات أصلية
■ التحري والتثبت من مصداقية المصادر قبل إتمام أي عملية
يشكل الغش التجاري أحد أبرز التحديات التي تهدد تطور التجارة الإلكترونية، ومع الانتشار الواسع لظاهرة «المزادات الإلكترونية»، بات التحقق من جودة المنتجات قبل الشراء مهمة بالغة الصعوبة للمستهلكين. هذا التحدي يسلط الضوء على مشكلة الثقة بين البائع والمشتري، حيث يستغل المحتالون هذا الفراغ من الثقة لتقديم عروض مضللة ووصف غير دقيق للبضائع.
وفي ظل هذا الواقع، أجرت صحيفة «الشرق» استطلاعًا موسعًا حول انتشار هذه الظاهرة، مستعينةً بآراء عدد من المحامين والمختصين في مجال تكنولوجيا المعلومات. بهدف استعراض السبل الممكنة لحماية المستهلكين من الغش التجاري في المزادات الإلكترونية، وتقديم نصائح عملية لتجنب الوقوع في شرك المنصات الوهمية.
- المحامي عبدالله المطوع: قلة الوعي والطمع سبب الوقوع في فخ الاحتيال
صرّح المحامي عبد الله المطوع بأن التحول الاقتصادي من النمط التقليدي إلى الرقمي ساهم في ظهور ظاهرة «المزادات الإلكترونية»، والتي تُعد بوجه عام ظاهرة إيجابية تُحفز السوق التجاري، خاصةً فيما يتعلق بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة والمستهلكين. إلا أن هذه المزادات، إذا لم تُراقب وتُدار بفعالية، قد تتحول إلى بيئة خصبة لعمليات الغش والجرائم الإلكترونية.
وأشار المطوع إلى أهمية قيام وزارة التجارة والصناعة بتكثيف الرقابة على المزادات الإلكترونية بالتنسيق مع الهيئات المعنية، مثل هيئة الاتصالات وإدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، لضمان الشفافية وحماية المستهلكين. كما أكد أن الغش الإلكتروني لا يقتصر على دولة معينة بل أصبح تحديًا عالميًا.
وأوضح المطوع أن الطمع، وقلة الوعي، والسعي وراء الثراء السريع تُعد من أبرز الأسباب التي تجعل الأفراد عرضةً للوقوع في شباك المحتالين، مشددًا على ضرورة توخي الحذر من الرسائل المزيفة التي تعد بجوائز مالية أو تطلب التبرع لمشاريع خيالية. وعلى صعيد العقوبات، دعا المطوع إلى ضرورة تعديل التشريعات الحالية لتشديد العقوبات بما يتناسب مع حجم الضرر الناتج عن الجرائم الإلكترونية. وأشار إلى أن القوانين القطرية، مثل القانون رقم 14 لسنة 2014 والقانون رقم 8 لسنة 2008 بشأن مكافحة الغش التجاري، قد نصت على غرامات وعقوبات تشمل الحبس وإغلاق المنشآت المخالفة، إلا أن هذه العقوبات قد لا تكون كافية لردع الجناة بالنظر إلى الأضرار الكبيرة التي تخلفها مثل هذه الجرائم.
- المحامي حمد اليافعي: مسؤولية البائع التأكد من جودة المنتج
أوضح المحامي حمد اليافعي أن أساليب الغش التجاري عبر المزادات الإلكترونية متعددة ومتنوعة، مما يستدعي من المستهلكين توخي الحذر عند التعامل مع هذه المواقع. وأشار إلى أن كثيرًا من المستهلكين وقعوا ضحية لعمليات خداع، حيث تم بيع منتجات مثل الحقائب والساعات لهم على أنها أصلية، ليتبين بعد الشراء أنها مقلدة وغير أصلية. وشدد اليافعي على ضرورة أن يطلب المشتري فاتورة شراء من البائع لضمان حقوقه، كما يجب على أصحاب المزادات التأكد من جودة البضائع التي يعرضونها، مع توضيح ما إذا كانت أصلية أم مقلدة. وأكد أن عدم الالتزام بهذه الإجراءات قد يؤدي إلى الوقوع تحت طائلة قانون الغش التجاري، الذي يفرض عقوبات صارمة على المخالفين. وأشار اليافعي إلى أن القانون يعاقب بشدة كل من يشارك في عمليات الاحتيال هذه، سواء البائع أو العارض، حيث يتحملان المسؤولية القانونية كاملة. وفي حالات الغش التجاري، يمكن للمشتري مقاضاة صاحب المزاد والمطالبة باسترداد قيمة البضائع، بالإضافة إلى تعويض عن الأضرار التي لحقت به. وأوضح أن التهمة في مثل هذه الحالات تصنف كجنحة بيع سلع مقلدة، حيث يُعتبر عرض المنتجات المقلدة جريمة مماثلة لبيعها.
- المهندس بهاء الأحمد: تنمية مهارات التحقق من مصداقية البائعين
صرّح المهندس بهاء الأحمد، المستشار في التسويق الرقمي والتجارة الإلكترونية، بأن الغش في المزادات الإلكترونية يمثل تحديًا كبيرًا في عالم التجارة الحديثة، حيث يستغل بعض البائعين أو المشترين البيئة الرقمية للتلاعب بالمعلومات والأسعار. وأشار إلى أن الحسابات الوهمية تُستخدم لنشر عروض جذابة تهدف إلى خداع المستخدمين ودفعهم لإبرام صفقات مشبوهة. وأوضح الأحمد أن أساليب الغش في المزادات الإلكترونية متعددة، وتشمل العروض الوهمية التي تستهدف تضليل المشترين، واستغلال البيانات الشخصية لاستدراجهم بصفقات مغرية، بالإضافة إلى وصف المنتجات بشكل مضلل وطرح أسعار غير واقعية لدفع المستهلكين لاتخاذ قرارات متسرعة. وأضاف أن هناك خطوات أساسية يمكن اتباعها لاكتشاف الغش التجاري، ومنها مراقبة تقييمات البائعين، والتحقق من سجل العروض السابقة، والتأكد من مصداقية وسائل الدفع المستخدمة. كما أوصى بعدم تقديم البيانات الشخصية إلا عبر المواقع الموثوقة، واستخدام كلمات مرور قوية لحماية الحسابات.
- محمد السقطري: ضرورة التأكد من توفير خدمات دفع آمنة
أوضح محمد السقطري، خبير أمن وتكنولوجيا المعلومات، أن المزادات التجارية تعمل كوسيط بين المشتري والبائع، إلا أن هذه الوساطة قد تشهد تلاعبًا من قبل بعض البائعين الذين يعرضون بضائع مغشوشة أو غير أصلية، ويقومون برفع الأسعار بشكل غير مبرر لجذب المشترين. وأشار إلى أن صاحب المزاد نفسه قد لا يكون على دراية بجودة البضائع أو مصداقية البائعين المشاركين، مما يثير تساؤلًا مهمًا: كيف يمكن للمشتري التأكد من مصداقية البائع والموقع؟ وشدد السقطري على أهمية تحري المصداقية عند الشراء من المزادات الإلكترونية، حيث نصح بالتعامل فقط مع المواقع التجارية المعروفة والموثوقة، وتجنب المواقع الوهمية. كما دعا إلى قراءة تعليقات الزبائن السابقة على المنتج المعروض، ومقارنة الأسعار للتأكد من واقعيتها وعدم وجود تلاعب. وأشار السقطري إلى ضرورة التأكد من أن الموقع يوفر خدمات دفع آمنة، والتحقق من الرابط الإلكتروني للمزاد، بالإضافة إلى التأكد من الخدمات التي يقدمها الموقع وما إذا كان المزاد رسميًا ومعتمدًا أم لا. وحذر من الانجراف وراء العروض التسويقية المغرية وغير الصادقة التي قد تكون فخًا للمستهلكين.
- المحامي حسن الخوري: السجن وتعليق النشاط التجاري أبرز العقوبات
صرّح المحامي حسن الخوري بأن سوق المزادات عبر الإنترنت يعتمد بشكل كبير على الصور والوصف الذي يقدمه البائع أو العارض للبضائع، مما يجعل من الصعب على المشترين التحقق من جودة المنتجات قبل شرائها. وأوضح أن هذه الطبيعة تزيد من تعقيد المشكلة الأساسية، وهي غياب الثقة بين البائع والمشتري. وأشار إلى أن أساليب الغش في إطار معاملات التجارة الإلكترونية متنوعة ومتجددة بشكل مستمر، مما يجعل من الصعب حصرها أو الإلمام بجميع أشكالها، حيث يعتمد البائعون غير الملتزمين على تطور التقنيات لابتكار أساليب جديدة. وأضاف أن جرائم الاحتيال في المزادات الإلكترونية تُعد من أكثر الجرائم الإلكترونية انتشارًا على مستوى العالم، وليست مقتصرة على نطاق محلي فقط.
وأكد الخوري أن إدارة حماية المستهلك ومكافحة الغش التجاري التابعة لوزارة التجارة والصناعة في قطر تتولى مسؤولية مراقبة هذه الظواهر والتصدي لها. كما بيّن أن العقوبات المفروضة على حالات الغش التجاري عبر الإنترنت في قطر تشمل الغرامات المالية، السجن، بالإضافة إلى إغلاق أو تعليق النشاط التجاري للمنصات المتورطة في هذه الممارسات.
- ابتسام الغفاري:عطاءات وهمية لرفع الأسعار بشكل مصطنع
أكدت أخصائية تكنولوجيا المعلومات، السيدة ابتسام الغفاري، أن الغش في المزادات الإلكترونية يمثل مشكلة شائعة في مجال التجارة الإلكترونية، حيث يلجأ بعض الأفراد إلى استخدام أساليب متعددة للتحايل، مثل تقديم عطاءات وهمية لرفع الأسعار بشكل مصطنع (Shill Bidding) أو استخدام برامج إلكترونية للتلاعب بالعروض. كما أشارت إلى أن بعض البائعين يلجأون إلى تزوير التقييمات لتعزيز سمعتهم، وذلك عبر استخدام حسابات مزيفة أو شراء تقييمات إيجابية. بالإضافة إلى ذلك، أوضحت أن الحسابات غير الموثوقة أو الجديدة تُستخدم أحيانًا للمشاركة في المزادات بهدف تنفيذ عمليات غش. وأضافت الغفاري أن من بين الأساليب الشائعة أيضًا التلاعب في صور المنتجات أو وصفها، حيث يقوم بعض البائعين باستخدام صور مزيفة أو غير دقيقة لعرض المنتجات، مما قد يضلل المشتري. وفي هذه الحالات، نصحت بضرورة طلب تفاصيل إضافية أو صور أكثر وضوحًا للتأكد من مصداقية العرض قبل اتخاذ أي قرار بالشراء. ولتجنب الوقوع ضحية لعمليات الغش، أكدت الغفاري أهمية إجراء بحث مسبق عن البائع، خاصة من خلال تقييمات المستخدمين السابقين. كما دعت إلى مقارنة الأسعار المعروضة مع أسعار المنتجات المشابهة في الأسواق الأخرى، مشيرةً إلى أن الأسعار التي تبدو مغرية بشكل غير منطقي قد تكون مؤشرًا على وجود احتيال. كما أوصت الغفاري بالاعتماد على المنصات الموثوقة والمعروفة التي توفر ضمانات للمشترين، مثل eBay، والتي تتيح مستوى عاليا من الحماية للمستخدمين.