للفنان التشكيلي محمد العتيق حضور بارز بالساحة الفنية، إذ يجمع بين إنجاز الرسومات التشكيلية، وأعمال الفن العام، المختصة بالنحت، علاوة على أعماله في فن الطباعة التقليدية والجرافيك.
في حديثه لـ "الشرق"، يتحدث عن أبرز التحديات التي تواجهه في تحقيق التوازن بين هذه المجالات، علاوة على ما يكتنفها من مخاطر، بجانب توقفه عند استديو فن الطباعة التقليدية، الذي يديره في مركز سوق واقف للفنون.
كما يتعرض الحوار لمدى إقبال المنتسبين القطريين على تعلم فن الطباعة التقليدية، ومدى توفر خاماتها في السوق المحلي، بالإضافة إلى جوانب أخرى، جاءت في سياق الحوار التالي:


ما مدى إقبال المنتسبين القطريين على تعلم فن الطباعة التقليدية؟
حقيقة، هناك إقبال لافت من جانب المنتسبين القطريين وغيرهم على التدريب على فن الطباعة التقليدية، وهذا يعكس شغفاً لافتاً من جانبهم بهذا الفن، الذي يستحق كل اهتمام ودعم.
وأؤكد أنه منذ إدارتي لأستديو فن الطباعة التقليدية في مركز سوق واقف للفنون، وهناك إقبال على الورش التي نقيمها، إذ سبق أن أنجزت ورشتين احترافيتين لفنانين لهم باع في الحركة التشكيلية، كما أقمت ورشة للأطفال، لتعريفهم بهذا الفن، مع الحذر لوجود مخاطر باستخدام أدوات حادة أثناء إنجاز الأعمال.


   - الطباعة التقليدية
وهل تتوفر خامات فن الطباعة التقليدية في السوق المحلي؟

 لا تتوفر جميعها بالطبع في داخل السوق المحلي، ولذلك أستعين بما هو مستورد، حيث أحرص على جلبها أثناء سفري لخارج الدولة، حيث تتوفر مثل هذه الخامات في الخارج، لانتشار فن الطباعة هناك بشكل لافت، علاوة على انتشار الجامعات هناك، والتي تقوم بتدريس فن الطباعة. ومع ذلك، فإنني أستخدم الخامات المحلية، واستطعت من خلالها إنجاز العديد من الأعمال الخاصة بفن الطباعة.

 وهل ترى أن فن الطباعة يحظى باهتمام وشغف داخل الحركة التشكيلية القطرية؟
 للأسف، مهمة التوعية بهذا الفن ثقيلة للغاية، وهذه مهمة تقع على الفنان ذاته، وخاصة المحب لفنه، والمخلص له، والذي يتمتع بشغف فني، كما أن غياب الاهتمام بهذا الفن يمتد إلى الدول العربية، التي ما زالت تفتقر إلى الاهتمام بفن الطباعة التقليدية.
ورغم ذلك، فلدينا في قطر توعية بفن الطباعة التقليدية، واهتمام به، حيث تمكنا من خلال أستديو الطباعة التقليدية في مركز سوق واقف للفنون، من تدريب عدد من الأسماء في هذا المجال، بإقامة ورش لهم، تتيح لهم الحوار والنقاش وطرح الأفكار، ليتم تتويج هذه الورش بمعرض فني، يحتضنه مركز سوق واقف للفنون، والذي يرعى كافة المواهب الفنية الإبداعية، بالشكل الذي يثري معه المشهد التشكيلي القطري.






   - تنوع فني
يُلاحظ تنقلك بين لون فني وآخر، على غرار انخراطك بالرسم تارة، والنحت تارة أخرى، ثم فن الطباعة.. فهل كل هذا التنقل شكَّل لك تحدياً فنياً؟

هو تحدٍّ بالفعل، غير أن التوازن بين كل هذه الألوان الفنية، يعتمد على مدى شغف الفنان لفنه، وإخلاصه له، فليس هذا التنقل رفاهية من الفنان، بقدر ما هو شغف لديه، بحب كل هذه الألوان الفنية، وتحقيق التوازن بينها.
ولذلك، فعندما أمارس اليوم فن الطباعة من خلال الأستديو، فإن ذلك ليس بجديد عليَّ، ولكنه يمتد إلى عقد التسعينيات في القرن الماضي، حينما كنت منخرطاً في الجرافيك حينها، غير أنني توقفت لعدم توفر الأجهزة المناسبة باستكمال مراحل العمل. وفي المقابل، فإن كل التحديات التي تواجه الفنان المنشغل بفن الطباعة والجرافيك، قد ترهقه هذه التحديات، للمخاطر التي قد يتعرض لها عند إنجاز الأعمال، غير أنني لم ترهقني كل هذه التفاصيل، لحرصي على تعزيز ما لديَّ من جلد، وإخلاص لهذا العمل، ليترافق مع أعمالي الأخرى التي أنجزها سواء كانت نحتاً، أو رسماً، وعادة ما يتمتع الفنان بكل هذه المهارات، فإنه يستطيع التنقل من لون فني إلى آخر، وهو التنقل الذي يكسبه مهارة وخبرة.


   - تحديات النحت
وهل تعتقد أن تحدي خوض مجال فن النحت لا يقل أهمية عن تحدي فن الطباعة؟

هو تحدٍّ بالفعل، غير أنني خضت مجال فن النحت، لوجود فراغ فني بهذا المجال، ولذلك حرصت على الانخراط في هذا الفن، حرصاً على إبراز اسم قطر في مختلف المحافل، المعنية بفن النحت، واستفدت في ذلك من العديد من التجارب الفنية، والخبرات المختلفة، مع فنانين إيطاليين، وغيرهم، كما خضت بعض الورش الفنية في سلطنة عمان، لهذا الغرض. وحرصت على الانخراط في هذا المجال بعمق، لإنتاج أعمال متميزة، تعكس الحضور القطري في هذا المجال، إلى أن تم تكليفي بإنجاز عمل «بذور شجرة القرط»، في عام 2022، بمناسبة تنظيم قطر لبطولة كأس العالم، حيث يرمز هذا العمل إلى نوايا الإنسان، ويسلط الضوء على ملازمة الفن للإنسانية، من خلال تصوير بذور شجرة القرط.

وبرأيك.. ما الذي يحتاجه فن النحت للانتشار في قطر؟
 من الضروري رعاية فن النحت، وكانت لنا تجربة مميزة في سمبوزيوم الأصمخ، والذي كان يحظى بمشاركات فنية عالمية، وآمل أن تعود هذه التجربة، إذ إن مثل هذه التجارب تساعد على نشر ثقافة اقتناء الأعمال الفنية، علاوة على كونها تنمي الذائقة الفنية لدى الجمهور، وتجعلها متاحة للاقتناء.
وهنا، آمل من زملائي الفنانين أن يعملوا على تقديم مشاريع فنية ناضجة، تحمل فكراً، يواكبون من خلالها عصرنة الفنون، دون أن يكون هدف الفنان تقديم أعمال، تفتقر للفكر والرؤى، وإن كنت أثق في أن لدينا جيلاً جديداً له بصمة وأثراً.


   - حضور القطاع الخاص
في هذا السياق.. هل ترى أن هناك عزوفاً من جانب القطاع الخاص عن دعم الحركة التشكيلية، على خلاف ما كان عليه سمبوزيوم الأصمخ؟

آمل أن يكون للقطاع الخاص من مؤسسات مختلفة، رعاية ودعم، خاصة وأن لدينا جيلاً واعداً من الفنانين، تتسم أعمالهم برقي لافت، لاسيما الأعمال التي تستلزم إعدادا وتصنيعا، ولذلك فإن رعاية مثل هذه الأعمال من جانب القطاع الخاص، سوف تسهم في الارتقاء بفن النحت.


   - توثيق مسيرة الفنانين
كانت لك مشاركة فاعلة في فريج الفن الذي نظمته وزارة الثقافة مؤخراً.. كيف تنظر إلى أهمية مثل هذه الفعاليات في إثراء المشهد التشكيلي؟
مثل هذه الفعاليات من الأهمية بمكان، وآمل أن تستمر، وأن تتسع الساحة لإقامة المزيد منها، بهدف إثراء المشهد التشكيلي القطري، وأن يكون تنظيمها في إطار من المشاركة مع المشاركين، ليستطيعوا إنجاز أعمال مميزة، على أن يتم منحهم الوقت الكافي لإنجاز أعمالهم، لأن هناك أعمالاً تستدعي وقتاً، لدقتها، بعدما أصبحت الكثير من الأعمال الفنية تتجاوز مجرد اللوحة التي يرسمها الفنان، إلى غيرها من أعمال تستلزم وقتاً وجهداً كبيرين.
وحقيقة أثمن إصدار الوزارة لكتاب يوثق مسيرة الفنانين التشكيليين بعدما توقف مشروع إصدار الكتب التوثيقية لمسيرة الفنانين التشكيليين، منذ فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010.