■ حمد الطبية ومستشفى القلب يقدمان خدمات بأفضل تكنولوجيا طبية

■ الانفتاح على القطاع الصحي الأهلي يعزز التنافسية ويحسن الخدمات

■ تعاون على مستوى البحث العلمي مع مؤسسة قطر قريباً

■ البحث العلمي في قطر والمنطقة العربية آخذ بالتطور

■ سعدت بحصولي على جائزة رواد الطب من المستشفى الأهلي

■ وفاة عمتي بالقلب مهدت الطريق لي نحو الطب

■ ملكة بريطانيا منحتني لقب «سير» وأوسمة بموسوعة جينيس

■ إصراري على النجاح كان تحديا بيني وبين والدي


■ حصلت على 4 زمالات لأثبت لوالدي أنني جدير بالمهنة

■ أجريت 3500 عملية زراعة قلب في لندن

■ منذ 50 عاما كان ينظر إلى زراعات القلب كخيال علمي

■ أؤمن بأن الدقيقة في حياة الشخص المريض تعد فيصلا في حياته

■ مستشفى جديد سيكون الأكبر عالمياً لجراحات القلب في القاهرة

■ لا نضع أي اشتراطات للعلاج في مراكزنا فهي لخدمة الجميع

■ أتعهد بأن أسخر كل ما تعلمته للأطباء الذين يستهلون مشوارهم

■ تطوير صمّام قلب من خلايا جذعية مستخلصة من النخاع العظمي  

■  أوصي بالمحافظة على صحتنا من متلازمة «القلب المكسور»

■ «سلسلة الأمل» تأسست في بريطانيا لعلاج الأطفال مجانا

■ «رواندا- مصر لجراحات القلب» من المشاريع الإنسانية في وسط أفريقيا

■ مهنة الطب تحتاج إلى تحديد الهدف والشغف والتواضع 




كانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهراً، حيث كنا في بهو الفندق بانتظار ابنة البروفيسور مجدي يعقوب لتصطحبنا إلى الجناح الذي كان يقيم فيه في فندق الريتزكارلتون، إلا أنَّ الدقائق طالت، حتى علمت السبب، إذ حرص البروفيسور مجدي يعقوب على النزول إلى البهو واصطحابنا إلى جناح غرفته بنفسه، فهو لا يعلم إلى هذه اللحظة كيف أثر موقفه عليَّ وعلى زميلي المصور بالإيجاب، فخلال تحضيري للأسئلة وقراءتي في سيرته، كانت كلمة التواضع الصفة الغالبة في تعليق من كانوا يعملون معه، إلا أنني لم أتوقع أن تكون هي الانطباع الأول الذي أرصده وأسجله بمفكرتي الإلكترونية سريعاً، فمكانته وسنوات عمره التي شارفت على التسعين تشفعان له في أن لا يقوم بما قام به، الأمر الذي أشعرني وزميلي المصور بأنَّ الحوار سيجري أفضل من توقعاتنا، سيما وأنَّ الحوار لم يكن مجدولاً على قائمة أعمال البروفيسور مجدي يعقوب الذي كان حينها في العاصمة القطرية الدوحة بدعوة من المستشفى الأهلي لمنحه جائزة «رواد الطب العرب»، ولم يكن أيضا مجدولا على قائمة مهامي الأسبوعية إلا أنَّ التكليف جاء قبل اللقاء بساعات قلائل.


قد يعلم الجميع مكانة البروفيسور مجدي يعقوب وتربعه على عرش العطاء كواحد من أشهر جراحي القلب في التاريخ الحديث، وأحد أبرز المُلهمين للأجيال، هو الطبيب الذي حول مأساة فقد عمّته الصغرى «يوجين»، التي توفيت بسبب إصابتها بمرض القلب الروماتيزمي، إلى نقطة انطلاق نحو تحقيق حلم إنقاذ آلاف الأرواح، ذلك الحادث المؤلم الذي عاشه في سنوات طفولته، ظل محفوراً في وجدانه، فكان الدافع وراء رحلة طويلة من البحث العلمي والمثابرة التي حملت الأمل لمرضى القلوب حول العالم.





من صعيد مصر إلى مراكز طبية عالمية ذات شهرة، خطّ البروفيسور يعقوب مسيرته الحافلة بالإنجازات، ولم يكن غريباً، في هذا المشوار المليء بالتحديات والنجاحات، أن يحصد عشرات الجوائز والأوسمة الرفيعة، منها دخوله موسوعة جينيس للأرقام القياسية لإجرائه 100 عملية قلب في عام واحد، كذلك، حصل على لقب «البروفيسور» في جراحة القلب عام 1985، وفي عام 1991، كرّمته الملكة إليزابيث الثانية بمنحه لقب «سير»، بينما أطلقت عليه الأميرة الراحلة ديانا لقب «أمير القلوب».

بجانب عطائه العلمي، استمر السير مجدي يعقوب في تقديم خدماته الإنسانية، فأسس مؤسسة «سلسلة الأمل» التي تهدف إلى توفير العلاج للأطفال المرضى مجاناً، كما أعلن مؤخراً تأسيس مركزين جديدين لعلاج مرضى القلب بالمجان، أحدهما عند أهرامات الجيزة في مصر، والآخر في رواندا، هذه المراكز تمثل تتويجاً لرؤية يعقوب التي تجمع بين العلم والرحمة، حيث يسعى إلى جعل العلاج متاحاً للجميع بغض النظر عن إمكانياتهم.


على مدى مسيرته، حصل البروفيسور يعقوب على أرفع الأوسمة، ومنها «قلادة النيل» في 2011 تقديرًا لإسهاماته الجليلة، وفي عام 2013، شارك في صياغة الدستور المصري كعضو بلجنة الخمسين، وتم اختياره عضوًا بالمجلس الاستشاري العلمي لرئيس الجمهورية، وهو يشغل منصب أستاذ في جراحة القلب والصدر في المعهد الوطني للقلب والرئة في كلية إمبريال في لندن، ومنصب مدير الأبحاث في معهد مجدي يعقوب الذي يشرف فيه على أكثر من 60 عالما وطالبا في مجالات هندسة الأنسجة وتجديد عضلة القلب وبيولوجيا الخلايا الجذعية وفشل القلب الانتهائي والمناعة المتعلقة بعمليات زراعة القلب.

في هذا الحوار الخاص والشيق، نستكشف تفاصيل رحلة الطبيب الذي لا يعرف المستحيل، ونسأل عن محطات حياته التي شكلت رؤيته، وعن طموحه الذي يبدو بلا حدود، رأيه بالقطاع الصحي في دولة قطر؟ كيف يرى مستقبل الطب؟ وما هي رسالته لأطباء الغد؟ وكيف يواصل العمل على مشاريعه الإنسانية التي تعيد الحياة للقلوب المريضة؟ابقوا معنا، لنقترب من إنسان عظيم جمع بين العلم والإنسانية، وأعاد تعريف معنى «الأمل» في حياة الملايين.
 

   - كيف كانت نشأة البروفيسور مجدي يعقوب ؟
 نشأت في مصر، لأب طبيب كان يعمل في وزارة الصحة العامة، فتأثرت كثيرا بوالدي، وكنت بطفولتي أكبر من عمري، حيث كنت دوما في فصل دراسي مع من هم يكبرونني بسنة أوسنتين في بعض الأحيان، حيث تلقيت تعليمي المدرسي في مدرسة أمريكية، ومن بعدها انتقلت للمدارس الحكومية، وتلقيت بالفعل تعليماً جيدا في تلك المدرسة، وعندما كان عمري 5 سنوات توفيت عمتي «يوجين» «الشقيقة الصغرى لوالدي» بسبب إصابتها بمرض القلب الروماتيزمي، ورأيت كيف تبدلت ملامح والدي وبات حزينا مكتئبا ومنكفئا على نفسه لموت عمتي، وحينها وكنت ابن الخمس سنوات سألت والدي عن سبب الوفاة، وعندما شرح لي السبب الطبي لوفاة عمتي قررت حينها أن أصبح طبيبا متخصصا بأمراض القلب، رغم أن والدي لم يكن مؤمنا بقدرتي في أن أصبح طبيب قلب، فكان يعتقد بأنني لا أحمل صفات تؤهلني لهذه الدراسة من شغف وقابلية لظنه بأنني طفل مشتت الذهن، إلا أنني حاولت أن أنجح وأحقق طموحي في أن أكون طبيبا حتى أنقذ المرضى أمثال عمتي، بل وضعت نفسي في تحد مع نفسي في أن أصبح مثل راسل بروك وهو أحد رواد جراحة الصدر والقلب وجراحة القلب المفتوح الحديثة، وبعد تخرجي من كلية الطب عام 1957 وإتمام تخصصي الجراحي تدربت في لندن على يد الدكتور راسل بروك.


    - أين بدأت مسيرتكم المهنية؟
 في عام 1968 انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية وعملت أستاذا جامعيا في جامعة شيكاغو، ثم عدت إلى إنجلترا، حيث عملت في مستشفى هيرفيلد الذي كان مركزا متخصصا صغيرا في ذلك الوقت، إلا أنني حينها قطعت على نفسي عهدا أن أسخر ما تعلمته لتحويل هذا المركز الصغير المتواضع إلى مستشفى يضم أكبر برنامج لزراعة القلب في أوروبا، حيث أصبح يجري أكثر من 200 عملية زراعة كل عام، وعملت أيضا طبيبا استشاريا في جراحة القلب والصدر في نفس المستشفى من عام 1969 إلى عام 2001 وفي مستشفى رويال برومبتون من عام 1986 إلى عام 2001.






    - 4 زمالات
نعلم أنكم حصلتم على أربع زمالات في طب القلب، ما هو السبب وراء حصولكم على هذه الزمالات؟
كنت أود أن أثبت لوالدي في المقام الأول ولنفسي بأنني أهل لهذه المهنة، وأنني قادر على تحقيق حلم الخمس سنوات الذي كان يراودني بعد وفاة عمتي بسبب ضيق صمام القلب، بأن أساعد مرضى القلب في تطبيبهم والتخفيف عنهم، وكانت الزمالة الأولى حصلت عليها في أدنبرا، والثانية في لندن، والثالثة كانت في جلاسكو، أما الزمالة الرابعة فحصلت عليها في انجلترا وجميعها في تخصص القلب.


    -  أول زراعة
خلال الإعداد للأسئلة استوقفنا إجراؤكم عملية زراعة قلب لأحدهم في آخر الثمانينات، وتعد هذه الجراحات في ذلك الوقت ثورة علمية سيما وأن المستفيد من الجراحة توفي عام 2005، هل لكم الحديث عن هذا الأمر باستفاضة؟

في السبعينات عندما كنت أعمل في لندن، كانت لدينا الفكرة لزراعة القلب، وأول زراعة أجريت لهذا الرجل بسبب الحاجة لهذا النوع من الجراحات التي لها دور في إعادة الحياة لمرضى كثيرين خاصة للشباب ممن هم بعمر الانتاج، فقد يفقدون حياتهم بسبب ندرة الأدوية، وبسبب عدم التوصل إلى فكرة زراعة القلب الصناعي، لذا كنا نريد أن نبدأ بالفكرة، ولكن كانت الأدوية المستخدمة لخفض المناعة لم تكن ذات فعالية الأمر الذي جعلنا نجري أول عملية في الثمانيات عندما ظهر أحد أدوية خفض المناعة وكان جيدا، فلم نكن نزرع قلب بل قلب ورئتين إلى أن أصبحت لدينا شهرة عالمية في زراعات قلب وعملنا 3500 زراعة قلب في لندن.


    - زراعة القلب.. خيال علمي
بعد هذه التجربة ماهي الخطوة الثانية التي اتخذتها في ذلك الوقت حتى تطور من جراحات زراعة القلب والرئة؟

منذ قرابة الـ50 عاما لم تكن زراعات القلب أمرا شائعا بل كان ينظر إليها كخيال علمي من الصعب تحقيقه، إلا أن هناك ثلاثة عوامل أسهمت في أن تكون زراعة القلب أمراً واقعاً، أولا الأمر العلمي ومن أثر في هذا الأمر هو السير بيتر مدور هو من أصول لبنانية لأم انجليزية وأب لبناني، وهاجر والداه في ريو دي جينيرو، وتم إرساله إلى أكسفورد، وقد قابلته في إنجلترا، ويعد أبو الزراعة حيث في عام 1953 أوضح أن النظام المناعي في جسم الإنسان بالإمكان زراعة الأنسجة.
وقد بدأت التجربة على الفئران، وكتب ورقة بحثية مهمة حول إمكانية زراعة إنسجة من الجلد أو الكلى أو أي عضو، على أن لا يرفضها الجسم، فهو فتح الباب أمام هذا النوع من الإجراءات، وحقيقة أراه قدوتي في هذا المجال، كما أنه طبيب وفيلسوف، وحصل على جائزة نوبل لجهوده وإسهاماته في مجال زراعة الأعضاء والإنسانية، فجهوده انعكست علينا كأطباء.
لذا قمنا عام 1980 وبتنا أكبر اسم في زراعة القلب، وأذكر في مرة أجرينا قرابة 15 زراعة قلب خلال إحدى العطلات الأسبوعية، فأحد الجراحين المشهورين في ذلك الوقت وجه لي سؤالا فحواه: كيف استطعت مع الفريق أن تجري 15 زراعة قلب في مدة لا تتجاوز 4 أيام وهذا العدد من الجراحات أجريه في سنة كاملة؟!، فكانت إجابتي إن هذا بفضل جهود فريق طبي بأكمله، كما أنني كنت مؤمنا بأن الدقيقة في حياة الشخص المريض تعد فيصلا في حياته.







     - مؤسسة الأمل
خلال وجودكم بروفيسور يعقوب في إنجلترا قمتم بتأسيس مؤسسة باسم «سلسلة الأمل»، هل لكم أن تحدثونا عنها ؟

إن معظم الأبحاث العلمية كانت لمساعدة الإنسانية، ولكن من يستفيد من علمنا وأبحاثنا لا يتجاوز ما نسبته 20%، وهنالك 80% من الناس لا يصلهم علمنا، الأمر الذي جعلني أتساءل كيف لي أن أصل بعلمي لكل من له حاجة؟، لذا بدأت بتأسيس مؤسسة «سلسلة الأمل» الطبية الخيرية في المملكة المتحدة في عام 1995، بهدف تقديم المساعدة للأطفال الذين يعانون من أمراض قلبية خطيرة تشكل تهديداً على حياتهم وذلك بتقديم العلاج الطبي والجراحي مجانا لهم، حيث تمكنا من خلال مؤسسة «سلسلة الأمل» من إجراء 600 عملية قلب مفتوح وتشخيص الآلاف من حالات الأطفال على مستوى العالم.
حيث كنا نحن من نبحث عن الأطفال لنقوم بإجراء الجراحات لهم في عدد من الدول، إلا أنَّ مع تطور العلم وزيادة عدد الحالات التي كانت بحاجة إلى جراحات، اتخذنا قرارا بالبدء بافتتاح مؤسسات على غرار مؤسسة «سلسلة الأمل» لتكون إرثا علميا يستفاد منه حتى بعد رحيلنا بداية في مصر، وأمريكا الجنوبية، وأفريقيا، والآن تعد أكبر مؤسسة هي مؤسسة مجدي يعقوب في أسوان، والآن نعكف على بناء مستشفى جديد في القاهرة بمساحة تفوق مؤسسة مجدي يعقوب الواقعة في أسوان 5 أضعاف، والذي من المتوقع له أن يجري أربعة آلاف جراحة سنويا، وإنما مؤسسة مجدي يعقوب في أسوان ستبقى هي البذرة التي انطلق منها مستشفى مجدي يعقوب، فهي تضم كوكبة من الأطباء والباحثين الذين سينقلون خبراتهم وتجاربهم وعلومهم إلى المستشفى الجديد.


    - مركز الجيزة
هل لكم بروفيسور يعقوب أن تخبرونا عن مستشفى مجدي يعقوب الجديد الذي ستحتضنه جمهورية مصر العربية؟

حقيقة إنَّ المستشفى يعد الأكبر لعلاج وجراحة القلب بالمجان في العالم على مساحة 35 فدانا مع إمكانية التوسع مستقبلا، باستثمارات 300 مليون دولار، بإطلالة على أهرامات الجيزة في القاهرة، ويتكون من 4 طوابق و4 ملاحق طبية حيث سيضم المستشفى 304 أسرة مما يساعد على علاج ما يصل إلى 12.000 مريض كل عام، كما أن المستشفى الجديد سيجري 4 أضعاف الجراحات التي كان يقوم بإجرائها المستشفى الواقع في مدينة أسوان وجميعها تقدم خدمات مجانية، وسيكون بمثابة مركز تدريب لطلبة الطب والباحثين من مصر ودول عربية وعالمية.
وأحب أن أشير إلى أنَّ المركز الجديد قام بتصميمه المهندس العالمي نورمان فوستر مصمم مقر»Apple»في كاليفورنيا، و برج «سويس ري» في لندن، و جسر»ميلو» في فرنسا، ومطار «هونج كونج» الأضخم في العالم بالصين لتكون تحفة معمارية، كما أنَّ التصميم روعي فيه أن تدخله الشمس لذا سقف المستشفى أشبه بأوبرا سيدني وجميع الغرف مطلة على الأهرامات.


     - مركز رواندا
وماذا عن مركز مجدي يعقوب رواندا- مصر لجراحة القلب؟

 إنَّ هذا المركز من المراكز الذي بدأت فكرته في التبلور منذ عام 2018، إلا أن توقيع مذكرة التفاهم الخاصة بإنشائه كانت في يونيو 2021 مع مرحلة التأسيس، وأعتقد أنَّ تأسيس هذا المركز في وسط أفريقيا والمتوقع افتتاحه في الربع الثاني من العام 2025، يعد من المشاريع المهمة جداً على غرار ما حدث في مركز أسوان، وسيشهد هذا المركز المقام على أرض ممنوحة من الحكومة الرواندية تقديم الخدمات الطبية وفقا لآخر ما توصل إليه الطب في العالم، وذلك بمساواة كاملة، مثلما يحدث في أسوان، وجميع الخدمات ستقدم مجانا خدمة للإنسانية.
فأمراض القلب أول ما يقتل عددا كبيرا من الناس، كما أنها تصيب الفئات العمرية المختلفة، بالإضافة إلى أنّ الدول النامية بها أمراض كثيرة، ولا بد من تكرار مثل هذه المشروعات الطبية في مختلف الدول الأفريقية، والشعب الرواندي من الشعوب التي تستحق أن تدعم في القطاع الصحي، وهذا المركز أنشئ بالتعاون والتنسيق مع الخارجية المصرية، ونعمل على جمع التبرعات لدعم المركز، ونحن بهذه اللحظة بحاجة لـ 12 مليون دولار أمريكي، لذا أتطلع من الجهات والمؤسسات الدولية أن تتبرع لدعم هذا المركز الذي سيبنى لتحقيق أهداف سامية تتعلق بمنح مرضى القلب من الفئات الأقل حظا فرصة لتحسين جودة حياتهم.
 






     - العلم إرث
 نعلم أنكم تؤمنون بأهمية نقل خبراتكم وعلمكم إلى الأجيال الجديدة من الأطباء، هل لكم أن تخبرونا عن هذا الأمر؟

 إنَّ العلم بالنسبة لي إرث لابد أن تورثه الأجيال من جيل إلى آخر، لذا قطعت على نفسي عهداً في أن أسخر كل ما تعلمته للطلبة وللأطباء الذين يستهلون مشوارهم العملي، فهناك من سيكمل الطريق من بعدنا، ففي مؤسسة مجدي يعقوب في أسوان على وجه التحديد دربت العديد من الأطباء الذين أصبحوأ أكثر مني مهارة، وهذا حقيقة تسعدني جدا، لأنني أريد أن أترك إرثا كما وسبقت أن ذكرت ليبقى يتناقله الأجيال على المستوى المصري والعربي والعالمي، ففي مستشفى أسوان وحده انطلقنا بـ15 شخصا بين طبيب وممرض والآن العدد بلغ 700 طبيب وممرض، جميعهم لاسيما الأطباء منهم تتلمذوا على يدي، وهؤلاء الـ700 شخص من الكادر الطبي والتمريضي سينقلون خبراتهم إلى طواقم طبية وتمريضية في المستشفى الجديد في القاهرة ورواندا أيضا.


     - صمام بالخلايا الجذعية
 نعلم أنكم تعكفون على تطوير صمام القلب عن طريق الخلايا الجذعية، هل لكم توضيح ذلك ؟

 نحن نعمل في صمامات القلب منذ 40 عاما، وما رأيناه أن الصمامات عندما تكون حية في الإنسان والحيوان تبقى لمدد طويلة، فقمت وفريق طبي بريطاني بتطوير صمّام قلب من خلايا جذعية مستخلصة من النخاع العظمي من أجل تطوير خلية تكون صالحة للاستخدام كصمام لقلب بشري، وبدأنا بتطبيق هذا البحث على الحيوانات ووجدنا نجاحا، إلا أنَّ التطبيق الفعلي سيكون بعد الحصول على تصاريح بالتعاون مع منظمة الغذاء والدواء لزراعة صمامات جديدة في إنسان ومن المتوقع خلال سنتين نقوم بهذا وفي حال نجاح التجربة ستطبق بعد خمس سنوات من تطبيقها على إنسان لرصد التجربة، وهذا التطور في حال تطبيقه سيسهم في تحسين جودة حياة الأشخاص، وسيجعلهم يعودون إلى الحياة، وأشير إلى أنَّ هذا العمل استغرق ست سنوات، وأتمنى أن أرى هذا البحث وهذه التجارب باتت في متناول أيدي الطب والأطباء كي يسهموا في إعادة جودة الحياة لهؤلاء لمن فقدوها بسبب أمراض القلب.
 






     - البحث العلمي..عربياً
 كيف تقيم البحث العلمي عربياً مقارنة بالعالم ؟

 البحث العلمي في المنطقة العربية آخذ بالتطور، كدولة قطر، إلا أن من المهم أن يكون هناك مراكز أبحاث مستقلة لدعم البحث العلمي، فالبحث العلمي هو عصب العلم والتطور، لذا في كل مركز من المراكز الطبية التي تحمل اسم مجدي يعقوب، نركز على البحث العلمي بالتوازي مع التطبيب والعلاج، والأهم أن تجرى الأبحاث وفق متطلبات البيئة المحيطة، فعلى سبيل المثال لا الحصر الأبحاث التي يجريها مركز مجدي يعقوب في أسوان أبحاثه تجرى على أبناء الشعب المصري للتوصل إلى الأمراض الأكثر شيوعا، وبالتالي التوصل إلى احتياجات ومتطلبات الناس في هذه الدولة أو تلك، لذا 10% من التبرعات ترصد لدعم البحث العلمي، ومن المهم التعاون مع المراكز العالمية ومع الصين سيما وأنها تشهد قفزات علمية في مجال البحث العلمي، فنحن أيضا تربطنا علاقات جيدة مع قطر جينوم، ونعمل على تبادل الأفكار معهم، وأشيد بدعم صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر لدعمها اللافت لقطر جينوم لإيمان سموها بأهمية البحث العلمي في تطوير العلم.


     - منظومة صحية متطورة
هل هناك تعاون بينكم وبين مؤسسات صحية في دولة قطر؟

 أنا قضيت خمس سنوات في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وهناك تعاون سيكون قريبا على مستوى البحث العلمي.

 كيف تقيم المنظومة الصحية في دولة قطر؟
 المنظومة الصحية في دولة قطر تعد من الأفضل إقليميا، وقفزت قفزات نوعية يشار إليها بالبنان، لما توفره من رعاية صحية شاملة وعالية الجودة، كمؤسسة حمد الطبية وتحديدا مستشفى القلب الذي يقدم خدمات بأفضل التكنولوجيا الطبية، فضلا عن برامج التأمين الصحي، كما أن الدولة أصبحت منفتحة على القطاع الصحي الأهلي الذي سينعكس إيجابا على نوعية الخدمات المقدمة.

 هل البروفيسور مجدي يعقوب أضاف للإنسانية أم الإنسانية هي التي أضافت له؟
 كنت أفكر بالإنسانية منذ أن فقدنا عمتي، وعندما كنت طالب امتياز في مستشفى قصر العيني وكنت أراقب الأطفال الذين سيواجهون الموت، لذا لابد أن نسخر العلم لخدمة الإنسانية، فعندما أسأل المتخرج من كليات الطب أسباب دخوله لهذا المجال وتكون إجابته طلبا للشهرة أو الأموال، أحزن لأنَّ هذه مهنة من أنبل المهن ويجب أن يكون الدافع هو خدمة الناس، فسر النجاح هو الشغف، التركيز على الهدف وأهمهم التواضع، فالعلم ما هو إلا البحث عن الحقيقة، لذا يجب أن نعمل بجد لنصل للحقيقة دوماً.

 قبل الختام أود سؤالكم لماذا قلتم في مذكراتكم إنَّ «القلب أكثر حساسية من أي عضو آخر بالجسد» ؟
 بالنسبة لي فإن القلب عضو نبيل، فهو يعمل على مدار حياة الإنسان بصمت تام دون أن يطلب من أحد جزاء أو شكورا، وهو قادر على التأثير على أعضاء الجسم بما فيها المخ لعلاقته به عن طريق مجموعة أعصاب، كما أنه يفرز هرمونا يؤثر على المخ وعلى غيره من الأعضاء، فهو القائد لهذه الأعضاء من وجهة نظري، حيث إنه يعمل مع باقي الأعضاء كمقطوعة موسيقية.


    - لا اشتراطات للعلاج
ماذا تخبرنا عن الآلية التي وُضعت للاستفادة من مراكزكم الطبية؟
 نحن لم نضع أي اشتراطات بل مراكزنا أُسست لخدمة الجميع، وسنستقبل الجميع دون النظر إلى أي معيار سوى حالته الصحية، وهنا أشير إلى أنَّ حتى المقتدرين ماديا بإمكانهم تلقي العلاج في مستشفيات مجدي يعقوب طالما الشخص يعاني من حالة صحية معقدة تتعلق بالقلب، ومن يصر على دفع تكاليف الجراحة من المقتدرين نوجهه للتبرع للمستشفى لدعم المستشفى والحرص على استدامة تقديم الخدمات


    - تكريم للطب والأطباء
تم تكريمكم في دولة قطر باسم المستشفى الأهلي وحصولكم على جائزة رواد الطب العرب، ماذا تقول عن الجائزة، وما تأثير على العلم والعلماء ؟
 سعدت بهذه اللفتة الكريمة من الأخوة في دولة قطر وخاصة المستشفى الأهلي، إلا أنَّ هذه الجائزة هي لكل الأطباء والفرق الطبية التي ساعدتني وكانت إلى جانبي من أول مشواري إلى لحظة التكريم، وأعتقد أن هذه الجائزة قيمتها المعنوية أكبر بالنسبة لي لأنني شعرت بأن الأطباء والباحثين الذين سخروا حياتهم للعلم ولخدمة البشرية جمعاء تم تكريمهم أيضا.


      - الختام
 ما هي وصيتكم في ختام حديثكم؟

 أوصي من يقرأ هذه الأسطر المحافظة على صحة قلبه من متلازمة القلب المكسور الناتجة عن الحزن الشديد وبالتالي التي تصيب الإنسان بالاكتئاب، فالحزن والاكتئاب يضعفان القلب، هذا العضو النبيل علينا أن نحافظ عليه بالتفاؤل والسعادة والرضا، واتباع نمط حياة صحي.