أكدت تسنيم فضل، مستشارة وراثية في معهد قطر للطب الدقيق، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، على أهمية فحوصات ما قبل الزواج، موضحةً أن هذه الفحوصات تعتمد بشكل أساسي على الطب الدقيق الذي أصبح يعتبر التوجه المستقبلي العالمي في مجال الرعاية الصحية.
وأوضحت أن الزواج بين الأقارب، ليس مشكلة في حد ذاته، لكنه يزيد من خطر الإصابة ببعض الاضطرابات الوراثية التي قد تكون أكثر شيوعًا بنسبة تصل إلى 20 ضعفًا في هذه الفئة من السكان. وبما أن الاضطرابات الوراثية الشائعة تشكل أولوية صحية وطنية، مشيرة إلى أن قطر أطلقت برنامج فحص ما قبل الزواج الإلزامي في عام 2009، والذي يتوفر حاليًا في ثمانية مراكز صحية أولية.
ويشمل برنامج الفحص مجموعة واسعة من الأمراض المعدية، واضطرابات الهيموغلوبين مثل مرض فقر الدم المنجلي، بالإضافة إلى بعض الأمراض الوراثية مثل التليف الكيسي والضمور العضلي الشوكي. وأوضحت فضل أن هذه الفحوصات، التي تُجرى عبر عينات الدم، تمثل نهجًا وقائيًا يهدف إلى حماية صحة الأزواج وأطفالهم في المستقبل.
ويكمن أحد الأهداف الرئيسية لدمج الطب الدقيق في برنامج الفحص الإلزامي، في رسم خريطة لانتشار الأمراض الوراثية بين سكان قطر، حيث أكدت المستشارة الوراثية بمعهد قطر للطب الدقيق أن هذه البيانات لا تعزز عملية الفحص فحسب، بل تدعم أيضًا تطوير مبادرات صحية أخرى على كافة المستويات. وقالت: "يوفر الطب الدقيق فهماً أعمق للتغيرات الجينية بين السكان، مما يسمح لنا بتحسين نطاق برامج فحص ما قبل الزواج وتوسيعه، ويمكننا من تقديم استشارات وراثية أكثر شمولية للأزواج." ومن خلال تحديد القابلية الوراثية للإصابة بالأمراض، يُمكّن الطب الدقيق الأزواج من اتخاذ قرارات إنجابية مستنيرة. وبهذا الخصوص، أكدت تسنيم فضل على قدرة فحوصات ما قبل الزواج على اكتشاف قابلية الإصابة ببعض الاضطرابات الجينية النادرة، مثل متلازمة "الكروموسوم الهش"، وهي حالة مرتبطة بالتحديات الإدراكية والسلوكية، بما يمكن أن يمنع معاناة كبيرة للعائلات.
ولفتت فضل إلى فعالية برنامج الفحص الإلزامي من حيث التكلفة، وقالت:" من خلال تقليل انتشار الحالات الوراثية، نقلل من الأعباء المالية طويلة الأجل على النظام الصحي." وبالحديث عن التحديات التي تواجه عملية تبني الطب الدقيق على نطاق واسع، قالت فضل:" يعوق دمج الفحص الجيني في نظام الرعاية الصحية السائد عقبات لوجستية، فضلًا عن الوصمة الاجتماعية التي قد تواجه بعض النساء على وجه الخصوص إذا ثبت إصابتهن بحالات وراثية معينة. لذا، تعد التوعية المجتمعية هي المفتاح الرئيس لتخطي هذه العقبات." وأضافت:" الاعتبارات الأخلاقية تشكل تحديًا كبيرًا أيضًا، فإن تحديد الفحوصات التي يجب تضمينها وكيفية إيصال النتائج الحساسة يتطلب نهجًا مدروسًا متلائمًا مع الثقافة المحلية." واختتمت فضل حديثها قائلة:" مع استمرار قطر في تطوير برنامج الفحص قبل الزواج، يبرز الطب الدقيق كمسار واعد نحو مجتمع أكثر صحة. لكن تحقيق التبني الواسع النطاق للطب الدقيق يتطلب وقتا وجهدا. وعلى الرغم من ذلك، فإن الفوائد طويلة الأجل لهذا النهج لا تقدر بثمن."