تتجه الأنظار إلى العاصمة اللبنانية بيروت، غدا الخميس، حيث يعقد مجلس النواب اللبناني جلسة، ربما تكون حاسمة وتفضي إلى انتخاب رئيس جديد للبنان بعد انتظار استمر لأكثر من عامين.
وكان نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني قد دعا أمس المجلس لعقد جلسة عامة لانتخاب رئيس الجمهورية، قائلا: "إنها ستكون مثمرة وقد أعطينا مهلة للتوافق فيما بيننا وسأدعو سفراء الدول لحضورها"، كما سيحضر الجلسة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان".
من جانبه، أكد نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية على وجوب انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت، وشدد في كلمة له خلال جلسة مجلس الوزراء اللبناني، على أن إتمام هذه الخطوة يعني إعادة بناء الجسور بين اللبنانيين وكذلك بين لبنان والعالم، مضيفا أن هذا هو ما يعمل عليه في كل لقاءاته مع القادة ورؤساء الدول .
ودعا الشيخ عبد اللطيف دريان مفتي لبنان النواب للقيام بواجبهم الدستوري بانتخاب رئيس للجمهورية غدا، وحثهم على التوافق في ما بينهم لانتخاب رئيس ينقذ لبنان مما أسماه التخبط الذي يعيشه كي لا يغرق الوطن في مزيد من الفوضى.
وكانت تقارير إعلامية في بيروت كشفت أن المؤشرات الراهنة توحي بأنه سيكون من الصعب انتخاب الرئيس في الدورة الأولى لمجلس النواب، إلا إذا اختلطت الأوراق خلال الساعات المقبلة في اتجاه تأييد اسم محدد.
ودخلت الاتصالات والمشاورات المحلية والخارجية، في سباق مع الوقت، من أجل أن تفضي الجلسة إلى نتيجة إيجابية، في ظل الخشية من أن يخسر لبنان الزخم الدولي تجاهه لاستعادة الاستقرار وإعادة تكوين سلطته السياسية.
وأكدت التقارير أن انتخاب رئيس للجمهورية هو الخطوة الأولى في إعادة سير عمل المؤسسات اللبنانية بشكل عاجل واستعادة سيادة البلاد، مشيرة إلى أن الأنظار تتجه نحو التحركات السياسية التي قد تحمل مفاجآت غير متوقعة، خاصة أن المشهد حتى اللحظة يبدو مفتوحا على كل الاحتمالات في ظل غياب توافق واضح على اسم محدد، حيث تفضل غالبية الأطراف السياسية إبقاء خياراتها مفتوحة، داخل الجلسة نفسها، مما يرفع من احتمالية حدوث تقلبات في التحالفات وتغييرات في خارطة المرشحين، ما قد يجعل هذه الجلسة حاسمة في تحديد المسار المقبل، وسط ضغط متزايد لأنهاء الفراغ الرئاسي الذي يلقي بظلاله على كافة المستويات.
من جهته، أكد حسين الحاج حسن النائب في البرلمان اللبناني أن انتخابات الرئاسة في لبنان، هي شأن وطني لبناني سيادي، أي أنها من مسؤولية نواب الأمة المنتخبين من الشعب اللبناني كما يعبر الدستور، وبالتالي يجب أن يكون رئيس الجمهورية صناعة وطنية خالصة.
وأضاف أن نبيه بري رئيس مجلس النواب وعد بإجراء الانتخابات الرئاسية في جلسات متتالية، للخروج برئيس يحظى بأوسع مدى من التفاهم الوطني ليتمكن من الحكم، خصوصا في هذه الظروف، مشيرا إلى أنه في حال عدم حصول أي مرشح على 65 أو 86 صوتا، فإن الجميع معني بالحوار للتوصل إلى توافق حول مرشح معين.
ويحتاج المرشح في الدورة الأولى من التصويت إلى غالبية ثلثي الأصوات، أي 86 صوتا من أصل 128، للفوز، وفي حال جرت دورة ثانية، فالغالبية المطلوبة تكون بالأغلبية المطلقة، أي 65 صوتا.
وتأتي الجلسة المرتقبة لمجلس النواب اللبناني، بعد فراغ دستوري استمر أكثر من سنتين منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، في 31 أكتوبر 2022، مما جعل الساحة السياسية في لبنان عرضة لانقسامات.
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق، فشل مجلس النواب اللبناني 12 مرة في انتخاب رئيس للجمهورية إذ لا يحظى أي فريق سياسي بأغلبية واضحة تخوله تمرير مرشحه، وفي ظل الفراغ الرئاسي، تدير لبنان حكومة تصريف أعمال برئاسة نجيب ميقاتي، وسط معاناة لبنان منذ أواخر عام 2019 من أزمة اقتصادية ومالية حادة، فضلا عن الأزمة السياسية.
وتنتظر الرئيس المقبل للبنان بعد انتخابه مجموعة من التحديات في مقدمتها إجراء الاستشارات النيابية لاختيار رئيس للوزراء لتشكيل الحكومة الجديدة، وإنجاز خطة التعافي الاقتصادي وإعادة الأموال المودعة في المصارف إلى أصحابها بعد أكثر من 5 سنوات على حجزها، وكذلك التعامل مع الاعتداءات والخروقات الإسرائيلية، وإعادة الإعمار بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على الأراضي اللبنانية.