قصَّة القصيدة: آويت إلى فراشي يومَ السبت، عند منتصف الليل، بعد أن تابعتُ بشوق طَوالَ اليوم أخبارَ وقفِ إطلاق النَّارِ المرتَقَب، بين إسرائيل وحماس، المقرّر في اليوم التّالي، الأحد 19 يناير 2025 الساعة 9:30 صباحًا، بتوقيت الدَّوحة. ولكنّي استيقظت مبكّرًا الساعة الرَّابعة صباحًا؛ رغبة في الاطمئنانِ على أن الخطّة لم يطرأ عليها أيّ تغيير. وقبل أن أخلد إلى النوم مرّة أخرى، كتبت:
الشمسُ تُشرِقُ وإسرائيلُ ترتَعِد .. والنَّارُ تَخمُدُ والآمالُ تَتَّقِدُ
وعندما استيقظت الساعة السادسة صباحًا أكملت:
أَصحُو لأسمَعَ أخبارًا أتُوقُ لَها .. قد أيقَظَتنِي وحَولي النَّاسُ قد رَقَدُوا
ما للجُفونِ جَفاها النَّــومُ فانتَبَـهت .. لا الصَّبرُ باتَ يُواسيني ولا والجَـلَدُ
لا شكَّ في غزَّةٍ قامَــت خَلائِقُها .. قبلَ الصَّباحِ جُموعُ الشَّعبِ تَحـــتَشِدُ
خَطبٌ ألمَّ بقَومٍ لا مَثيلَ لَهم .. أسَالَ دَمعِي على الخَـدّينِ يَطَّرِدُ
حِلمٌ وعِلمٌ، وإقـدامٌ يُمَـيِّزُهم .. قَد أنجَزوا كُلَّ ما رامُوا ومـا وَعَــدُوا
كم مِن فَقيدٍ لَهم تَحـتَ الرُّكامِ ثَوى .. مَن ذا سَيطلُبُ يَومًا حَقَّ مَــن فُــقِدوا
أَمُّوا الخِيامَ، وقـد هُدَّت منــازِلُهم .. لا شَيءَ عندَهُمُ، لكنَّهُمْ صَـــمَدُوا
أَسرابُ جَوٍّ طَوَالَ اليَومِ تَقصِفُهم .. والحَربُ طالَتْ، فلا يَبدُو لَها أَمَــدُ
والغَربُ يُسرِعُ لاسرائيلَ يُســعِفُها .. بالجَوِّ والبحرِ يَحْبوها كَمـا يَعِدُ
مَنْ في الدُّنا مِثلُ أمريكا تُسـانِدُها؟ .. جِسرُ الذَّخائِرِ مَمدُودٌ لها، ويَــدُ
ما بَالُ أقوامِنا عَن غَزَّةٍ رَقَــدوا؟ .. أليسَ فِينا لأبطالِ الحِمى سَـــنَدُ؟!
هَبَّت حُشُودُ الوَرَى تَشدُو لنُصرَتِهم .. والعُربُ -يـا وَيلَهم- ناموا وما احتَشَدُوا
عارٌ على العُربِ تَقـصيرٌ يُذِلُّهُمُ .. ما حَرَّكوا ساكِنًا، والنَّارُ تَـتَّــقِدُ
فلا سقى اللهُ قَومًا لا حَراكَ لهم .. عن نَصرِ إخوانِهم في الحربِ قَد قَعَدُوا
إلا بَني يَمَنٍ هَبُّوا لنصــرتِهم .. كذاكَ لبنانُ، ذا ظهرٌ، وذا عَــضُـدُ
كتائبٌ لِبَنِي القَسَّـامِ قــد بَرَعَـت .. في قَنْصِ جَيشِ العِدى ما فاقَـهم أحَـدُ
أرواحُهم لفِدى الأوطانِ قد رَخُصــت .. لو خَلَّدَ اللهُ قَومًا في الدُّنا خَلَدُوا
عندي لِيَحيى حَديثُ المَــجدِ أذكُرُهُ .. جنودُ صهيونَ تخـشاهُ فتبتَعِدُ
شيخُ الجهادِ عَرفناهُ بجُــرأتِهِ .. طوفانُهُ واضحٌ، في عقلِهِ رَشَدُ
أعداؤُهُ في ظَلامِ الليلِ قد رَقَـدُوا .. وفي السماءِ بنُو السنوارِ قد وَفَدوا
فوقَ الجِدارِ طُيورُ اللهِ غــازيَةٌ .. في السُّحبِ بانت طيورًا ما لها عَدَدُ
ساقُوا العِدى بعَد أن غَطُّوا عُيــونَهُمُ .. أسرى الحُروبِ وفي الأنفاقِ تُفـتَقَدُ
فأخفَقت قُبَّةٌ في كشفِ مقدَمِها .. وأظهرت عجـزَها الرَّادارُ والرَّصَدُ
عَصاهُ رَمزٌ لما قَد كانَ صَــاحِـبُها .. فإن رآها بنو صـهيونَ يَرتعِدُوا
كأنّ سِحرَ عَصا السـنوارِ مُـعــجِزَةٌ .. هَوى على الجُندِ فيها وهـو مُنفَرِدُ
فاستبشِروا يا بَني السنوارِ إنَّ لَـــكم .. نصرًا قَريبًا، بإذنِ اللهِ يَنعَقِدُ
تَوسَّطت قَطرٌ واللهُ وفَّقَها .. العَدلُ والسِّلمُ ما تَسعى لَه البَلَدُ
فكِــفَّةُ العَدلِ مالتْ نَحوَ أمَّتِــنا .. حتى العِـدى في ديارِ الغَربِ قد شَـهِدُوا
وكانَ في قَطرٍ ما شاءَ إخـــوَتُنا: وقفُ القتالِ وكُلُّ الجيشِ يَبـتَعِدُ