ترتبط دولة قطر وجمهورية رواندا بعلاقات وطيدة متميزة، تعكس رغبة وحرص قيادتي البلدين على دعمها وتطويرها في شتى المجالات لما فيه مصلحة البلدين وشعبيهما الصديقين، وتنتهج دولة قطر سياسة الانفتاح والتعاون والمشاركة مع مختلف الدول والشعوب الشقيقة والصديقة، ومن بينها الدول الإفريقية التي ترتبط معها دولة قطر بعلاقات استراتيجية وثيقة قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك والتضامن، تجاه قضايا القارة والقضايا العالمية، كما تسعى قطر إلى تطوير برامجها الاستثمارية خدمة للمصالح المشتركة مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة بشكل عام.

وفي هذا السياق، تأتي زيارة فخامة الرئيس بول كاغامي رئيس جمهورية رواندا إلى البلاد، والتي يسعى من خلالها إلى تعزيز العلاقات بين البلدين وتطويرها في مختلف المجالات، وتوسيع آفاق الشركة بين الدوحة وكيغالي، خاصة في القطاعات التجارية والاقتصادية والمالية والاستثمارية، الأمر الذي يعكس نشاط الدبلوماسية القطرية وتفاعلها الدائم مع مختلف الدول والأطراف والأحداث الإقليمية والدولية.

وعلى الرغم من حداثة العلاقات بين دولة قطر وجمهورية رواندا، فإنها توصف بأنها علاقات طموحة وواعدة، حيث تعمل الدولتان بشكل متواصل على بناء شراكة نموذجية بينهما، وتتعاونان بشأن الكثير من القضايا لخدمة مصالحهما ومصالح الدول الأخرى، وتعد دولة قطر شريكا استراتيجيا لجمهورية رواندا، وتشهد العلاقات بين البلدين نموا مطردا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 2017م. فمنذ ذلك الحين يجتمع قادة البلدين بانتظام، وقد ساهمت الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى بين الدوحة وكيغالي وعلى مستوى الوزراء والوفود المتنوعة في دفع التعاون المشترك في العديد من المجالات الحيوية وتعزيز الشراكة بين البلدين.

وترتبط دولة قطر وجمهورية رواندا بمجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تغطي المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والزراعية والثقافية والرياضية وقطاعات الاستثمار والتعاون في مجال الطيران، وتجنب الازدواج الضريبي، كما وقعت الدولتان اتفاقية استحواذ على 60 بالمئة من أسهم مطار /بوجيسيرا/ الرواندي، ووقعت الخطوط الجوية القطرية اتفاقيتين مع شركة النقل الجوي للسياحة الرواندية، واتفاقية مع هيئة الطيران والخدمات اللوجستية بجمهورية رواندا، وهناك مذكرة تفاهم للتعاون الدفاعي بين البلدين، كما وقعت شركة حصاد القطرية، التي تستثمر في القطاع الغذائي، مذكرة تفاهم مع الحكومة الرواندية، تهدف لفتح فرص التعاون بين الجانبين، ودراسة الفرص الاستثمارية في المجال الزراعي والغذائي، كما وقع مركز قطر للمال مذكرة تفاهم مع وكالة /رواندا فاينانس ليمتد/ لإطلاق مبادرات مشتركة تساهم في تعزيز نمو أعمال مركز قطر للمال ومركز "كيغالي المالي الدولي"، ويهدف الطرفان بموجب هذه المذكرة، إلى تشجيع الجهتين الرقابيتين المسؤولتين عن تنظيم أداء وأعمال كلا المركزين الماليين على إبرام اتفاقيات للاعتراف المتبادل بالأنظمة لفتح مجالات جديدة وتهيئة المزيد من الفرص التجارية في كلا السوقين.

وترسي مذكرة التفاهم إطارا للتعاون طويل الأمد بين مركز قطر للمال ووكالة /رواندا فاينانس ليمتد/ لدعم الشركات والمؤسسات في رواندا وقطر، من خلال تنظيم مبادرات مشتركة لفتح فرص أكبر للتعاون في مجالات مختلفة بما في ذلك تنمية المهارات، وتبادل المعلومات والمعارف وفرص الاستثمار وإقامة الشراكات بين الطرفين، كما تمثل المذكرة خطوة حيوية للأمام بالنسبة لمركز قطر للمال في سعيه لإقامة شراكات قوية ودائمة مع الأسواق العالمية تسهم في دعم استراتيجية تنويع الاقتصاد القطري وتعزيز القدرات والإمكانات الاقتصادية.

وتشمل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، اتفاقية تمكن المسافرين على الخطوط الجوية الرواندية والخطوط الجوية القطرية من الوصول إلى أكثر من 160 وجهة في الشبكات المشتركة من كيغالي والدوحة، وفي ديسمبر الماضي 2023، وعلى هامش اجتماعات المؤتمر الدولي لمفاوضات النقل الجوي /إيكان 2023/، في العاصمة السعودية الرياض، ‏عقدت مباحثات ثنائية بين سلطات الطيران المدني بكل من دولة قطر وجمهورية رواندا، أفضت إلى نتائج إيجابية، تمثلت بالتوقيع على مذكرة تفاهم، تسمح لشركات الطيران المعنية في البلدين بالدخول في اتفاقيات التعاون التجاري المشترك.

وقد عبر فخامة الرئيس بول كاغامي في تصريحات سابقة، عن رغبة بلاده في تعزيز علاقاتها وشراكتها الاقتصادية مع دولة قطر، مؤكدا أن مسار التنمية في قطر يعتبر مثالا يحتذى به، وقال: إن هناك فرصة كبيرة لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين قطر وبلاده، باعتبارها واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في إفريقيا، حيث تقدم رواندا نظاما استثماريا مزدهرا ومستقرا في صناعات، مثل: المنسوجات، والملابس، والجلود، والزراعة، والثروة الحيوانية، والصناعة، والسياحة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأدوية، فضلا عما يوفره قطاع الخدمات فيها من مساهمة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي، كما أكد أن بلاده تتمتع بالكثير من المزايا الجاذبة للاستثمار، ولكن وجب عليها أن تعتمد على نفسها لتحقق ما تطمح إليه، وذلك من خلال تغيير طريقة التفكير والعمل الجاد والدؤوب.

وتقع رواندا وسط القارة الإفريقية إلى الجنوب من الدائرة الاستوائية ضمن نطاق هضبة البحيرات، وهي دولة داخلية لا سواحل لها، وتتصل بالعالم الخارجي عن طريق جاراتها، وخاصة عبر ميناءي دار السلام بتنزانيا ومومباسا في كينيا، وتزيد مساحتها على ستة وعشرين ألف كيلومتر مربع، ويقدر عدد سكانها باثني عشر مليونا، يعيش 83 بالمئة منهم بالمناطق الريفية.

وقد شهدت رواندا في أوائل تسعينيات القرن الماضي واحدة من أكثر الاشتباكات العرقية دموية في التاريخ، لكنها استطاعت النهوض والوقوف على قدميها من جديد لبناء دولة موحدة مزدهرة، مفعمة بالأمل والنجاح والتنافسية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

وتعتبر قصة نجاح رواندا أحد الأمثلة المشرقة على قدرة الإنسان على التغيير والتحول، حيث استطاعت هذه الدولة الصغيرة والفقيرة في إفريقيا أن تحقق إنجازات كبيرة في عدة مجالات، بدءا من تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، وصولا إلى تحويل اقتصادها من الزراعي التقليدي إلى اقتصاد المعرفة المعتمد على التكنولوجيا والخدمات، وتشجيع الاستثمارات الخارجية، وقد خففت القيود أمام الاستثمار الأجنبي، وخصصت حوافز للمستثمرين الأجانب، وفتحت أمامهم جميع القطاعات.

وتضاهي شوارع العاصمة الرواندية كيغالي، بنظافتها وتنظيمها وتطورها، معظم شوارع العواصم الأوروبية، ولا تخفى عن عين الزائر معالم الطفرة الاقتصادية التي تشهدها تلك البلاد، التي يعني اسمها "أرض الألف تل"، كما تستقطب رواندا السياح من مختلف أنحاء العالم، لما تتمتع به من حياة طبيعية وبرية نادرة وخلابة.