في ظل التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن قطاع غزة، والتي واجهت رفضا عربيا واسعا لتهجير الفلسطينيين من القطاع، دعت الأمم المتحدة إلى تثبيت وقف وإطلاق النار، والعمل على استئناف إعادة الإعمار.
فقد أصدر أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، تقريرا يقدر فيه تكاليف إعادة إعمار قطاع غزة جراء الحرب الدموية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023، بأكثر من 53 مليار دولار، وعد غوتيريش هذه المبالغ ضرورية للنهوض وإعادة الإعمار على المدى القصير والمتوسط والبعيد في قطاع غزة، مشيرا إلى أن التمويل الضروري على المدى القصير للأعوام الثلاثة الأولى يقدر بأكثر من 20 مليار دولار، لتمكين أهل غزة من بداية عملية الاستقرار على أرضهم.
وقد أظهر التقرير الأممي أنه ليس من الممكن في السياق الحالي إجراء تقييم كامل لمجموعة الاحتياجات التي ستكون مطلوبة في قطاع غزة، لأن التقييم المؤقت والسريع يوفر مؤشرات أولية للحجم الكبير للاحتياجات في إطار التعافي وإعادة الإعمار في القطاع، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن النزاع خلف أكثر من 50 مليون طن من الركام، إلى جانب ذخائر غير منفجرة، ومواد خطرة أخرى.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد طلبت في ديسمبر الماضي، من الأمين العام أن يقدم لها خلال شهرين تقييما لاحتياجات القطاع الفلسطيني على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
ومع الرفض العربي التام لأي أفكار لتهجير أهل غزة من ديارهم، تتحرك الدول العربية لتنسيق خطواتها ومواقفها لمواجهة مثل هذه المقترحات، فمن المنتظر أن تستضيف القاهرة قمة عربية طارئة في 27 فبراير الجاري، بطلب من السلطة الفلسطينية، وذلك لتناول التطورات المستجدة والمتسارعة للقضية الفلسطينية، وحصلت القاهرة من حيث المبدأ كذلك على موافقة لعقد اجتماع وزاري طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي بعد القمة العربية المرتقبة.
وفي ذات الاتجاه، أدانت دولة قطر بأشد العبارات تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي الاستفزازية بشأن إقامة دولة فلسطينية في أراضي المملكة العربية السعودية، وعدتها خرقا سافرا للقانون الدولي وانتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة، وأكدت وزارة الخارجية في بيان، تضامن دولة قطر التام مع المملكة العربية السعودية الشقيقة، ودعت في الوقت ذاته المجتمع الدولي إلى التصدي بحزم للاستفزازات الإسرائيلية.
وجددت الوزارة رفض دولة قطر القاطع لدعوات التهجير القسري للشعب الفلسطيني الشقيق، وحذرت من أن مثل هذه الدعوات من شأنها إعاقة فرص السلام وتجدد المواجهات في المنطقة، مؤكدة أن السلام العادل والمستدام لن يتحقق إلا بتمكين الفلسطينيين من فرض سيادتهم على أراضيهم، كما جددت وزارة الخارجية، موقف دولة قطر الثابت من عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، فيما أكدت وزارة الخارجية السعودية التزام الرياض بالدولة الفلسطينية، ونددت بأي جهد "لتهجير الفلسطينيين من أرضهم"..

وفي ذات الإطار، وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، فإن مصر تعتزم تقديم "تصور متكامل" لإعادة إعمار غزة مع ضمان بقاء أهلها على أرضهم، وجاء في البيان المصري: "تؤكد مصر في هذا السياق اعتزامها طرح تصور متكامل لإعادة إعمار القطاع وبصورة تضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه وبما يتسق مع الحقوق الشرعية والقانونية لهذا الشعب".
وأعربت مصر، وفق البيان، عن "تطلعها للتعاون مع الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب من أجل التوصل لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية تراعي حقوق شعوب المنطقة، مؤكدة على موقفها الرافض لأي مقترح لتخصيص أرض لسكان قطاع غزة، وتمسكها بعدم إخراج الفلسطينيين من أراضيهم أو توطينهم في أي مكان آخر.
ويشدد الموقف المصري بحسب البيان، على أن أي رؤية لحل القضية الفلسطينية ينبغي أن تأخذ في الاعتبار تجنب تعريض مكتسبات السلام في المنطقة للخطر، بالتوازي مع السعي لاحتواء مسببات وجذور الصراع من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتعايش المشترك بين شعوب المنطقة.
وفي السياق ذاته، ووفقا لبيانين صدرا عن الديوان الملكي الأردني والرئاسة المصرية، فإن الأردن ومصر عبرا عن موقف موحد رافض لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مع التشديد على ضرورة إعمار القطاع وإدخال المساعدات إليه، وكان الأردن حازما بالقدر نفسه في رفض خطة التهجير، فبعد محادثاته مع الرئيس الأمريكي في واشنطن، كرر الملك عبدالله الثاني العاهل الأردني موقف بلاده الثابت ضد تهجير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية"، وتمسكه بمصلحة بلاده تجاه التهجير.
ومن الواضح وبحسب مراقبين، فإن الموقف العربي الموحد لمجابهة خطط وأفكار تهجير أهل غزة من أرضهم، سيجد مناصرة من المنظمات الدولية والإقليمية، بل من العالم أجمع ضد أي خطة تستهدف تهجير الفلسطينيين من أرضهم، لتتحول الأولوية العاجلة إلى إعادة إعمار غزة، ومناصرة سكانها لنيل حقوقهم المشروعة، بدلا عن اقتلاعهم أو تهجيرهم عن أرضهم التي تثبتها القوانين والمواثيق والأعراف الدولية.