تكتسب الزيارة الرسمية التي يقوم بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية غدا الأربعاء أهمية خاصة، نظرا للعلاقات التاريخية المتميزة التي تربط بين البلدين، والحرص المشترك على دعمها وتعزيزها والارتقاء بها نحو آفاق رحبة.
كما تحظى الزيارة باهتمام بالغ، في ظل الظروف والتطورات الراهنة بالمنطقة، وما تتطلبه من تكثيف المشاورات على أعلى المستويات، وتنسيق الرؤى والمواقف تجاه مختلف التحديات والتطورات، خاصة في ظل حرص دولة قطر دائما على تطوير علاقاتها الاستراتيجية مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة، سواء في محيطها العربي والإقليمي أو في الإطار الدولي، ووفق الاستراتيجيات التي أرسى قواعدها سمو الأمير المفدى.
ومن المنتظر أن يبحث سمو أمير البلاد المفدى خلال الزيارة مع فخامة الرئيس الدكتور مسعود بزشكيان رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية وكبار المسؤولين في الحكومة الإيرانية، العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل دعمها وتطويرها في مختلف المجالات، خاصة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وغيرها من القطاعات، التي من شأنها تطوير التعاون الثنائي، لما فيه خير ومصلحة البلدين والشعبين، والحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها، إضافة إلى مناقشة أبرز قضايا الساعة والمستجدات إقليميا ودوليا.
وترتبط قطر وإيران بعلاقات تاريخية متميزة تطورت وازدادت قوة ورسوخا على مر السنين، في مؤشر يعكس حرص القيادتين وشعبيهما على الارتقاء بهذه العلاقات ودفعها دوما نحو آفاق أرحب بما يخدم المصالح والأهداف والتطلعات المشتركة للجانبين.
وكانت إيران من أولى الدول التي اعترفت باستقلال دولة قطر، وبعد شهر من نيل الاستقلال، تم نشر الإعلان عن الاعتراف بدولة قطر وإقامة العلاقات بين البلدين، وقدم أول سفير إيراني أوراق اعتماده بالدوحة عام 1972م، في حين وصل إيران أول سفير قطري عام 1973م.
وتستند العلاقات بين دولة قطر وإيران إلى أسس راسخة من حسن الجيرة التاريخية والتقارب الجغرافي والمشتركات الثقافية والدينية والاجتماعية، بالإضافة إلى الصداقة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وتحرص قيادتا البلدين على إبقاء الحوار والتشاور متواصلا ومستمرا بين الدوحة وطهران وعلى أعلى المستويات وعبر الزيارات رفيعة المستوى بهدف توسيع آفاق التعاون والتنسيق وتبادل الرأي لما فيه مصلحة الدولتين والشعبين والمنطقة بأسرها، وخدمة قضايا الأمن والسلام والاستقرار الدولي.
وفي إطار الزيارات بين البلدين، قام حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى بزيارتين للجمهورية الإسلامية الإيرانية في يناير من عام 2020، وفي مايو 2022، تم خلالهما بحث العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، بالإضافة إلى تعزيز آفاق التعاون الثنائي في قطاعات السياحة والاستثمار والنقل والمواصلات، كما تناولت المباحثات عددا من القضايا الإقليمية والدولية، خاصة آخر التطورات في المنطقة.
وفي أكتوبر الماضي قام فخامة الرئيس الدكتور مسعود بزشكيان رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بزيارة رسمية لدولة قطر، وقد عقد حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، جلسة مباحثات رسمية مع فخامته بقصر لوسيل، وجرى خلال الجلسة بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، والسبل الكفيلة بدعمها وتطويرها في مختلف مجالات التعاون لا سيما في الاقتصاد والطاقة والثقافة، بالإضافة إلى مناقشة أبرز المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة تطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان، كما عقد سمو الأمير المفدى وفخامة الرئيس الإيراني لقاء ثنائيا ناقشا خلاله أبرز المستجدات في المنطقة والعالم، إضافة إلى عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

وفي نوفمبر الماضي، قام معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بزيارة إلى طهران، حيث التقى فخامة الرئيس الدكتور مسعود بزشكيان، وجرى خلال المقابلة استعراض علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، ومناقشة آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وسبل خفض التصعيد في لبنان، بالإضافة إلى عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
ولزيادة التنسيق السياسي بين البلدين، عقد بطهران في مايو 2022 الاجتماع الأول للجنة المشاورات السياسية بين البلدين، وجرى خلال الاجتماع بحث العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتطويرها، بالإضافة إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وتشهد العلاقات التجارية بين البلدين نموا إيجابيا، ويعمل العديد من الشركات الإيرانية في السوق القطري بشراكة مع شركات قطرية في قطاعات متنوعة أبرزها التجارة والخدمات والصيانة، بالإضافة إلى التعاون في مجال الطاقة والغاز، حيث يتشارك البلدان في أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، ويعتبران من أكبر الدول المنتجة للغاز المسال في العالم.
وفي ديسمبر الماضي ترأس سعادة الشيخ فيصل بن ثاني بن فيصل آل ثاني وزير التجارة والصناعة، وسعادة الدكتور عباس علي آبادي وزير الطاقة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، أعمال الدورة العاشرة للجنة القطرية الإيرانية المشتركة، التي عقدت في الدوحة، وتم خلالها استعراض أوجه التعاون في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك، وناقش الجانبان التقدم الذي تم إحرازه في توصيات لجنة العمل الفنية المشتركة، إلى جانب سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجالات مختلفة منها التجارة والصناعة، والجمارك، والصناعات اليدوية، والقطاع الصحي، والمجال العلمي والبحثي، وقطاعات النقل والشحن البحري والاتصالات وتقنية المعلومات والزراعة والمناطق الحرة والثقافة والرياضة والأيدي العاملة، واتفق الجانبان على اتخاذ الخطوات اللازمة للمضي قدما في نهج توطيد التعاون التجاري والاستثماري والصناعي بهدف زيادة حجم التبادل التجاري، وتيسير تدفق السلع والخدمات والاستثمارات بين البلدين.
ويحرص الجانبان القطري والإيراني على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية وتطوير التبادل التجاري، خاصة أن هناك العديد من الفرص لتعزيز التعاون بين القطاع الخاص بالبلدين في مجالات مختلفة، كالزراعة والصناعة والتجارة والبنية التحتية والأمن الغذائي وغيرها.
ويجمع الدولتين العديد من اللجان المشتركة، مثل اللجنة الاقتصادية المشتركة التي تجتمع سنويا لمناقشة مجالات التعاون المتاحة بين البلدين، ومجلس الأعمال القطري الإيراني المشترك الذي يضم نخبة من أصحاب الأعمال القطريين والإيرانيين من مختلف القطاعات الاقتصادية، مما يؤهل المجلس للقيام بدوره في تعزيز علاقات التعاون بين الجانبين، واستكشاف فرص الاستثمار المتاحة في كلا البلدين.
كما يعزز العلاقات القطرية الإيرانية العديد من اتفاقيات ومذكرات التفاهم للتعاون بين البلدين في المجالات السياسية والدبلوماسية والتعاون الإذاعي والتلفزيوني، والتعاون في مجال الشباب والرياضة والموانئ والملاحة البحرية والنقل البحري والبري والجوي والمناطق الحرة، وفي مجال الكهرباء والماء والتعليم العالي والبحث العلمي والتعاون الثقافي والتربوي والعلمي والفني والصحي والسياحي.
يذكر أن دولة قطر تعد وجهة عالمية رائدة للأعمال والاستثمار، حيث تتمتع ببنية تحتية على مستوى عالمي، وتشريعات اقتصادية محفزة ومناخ استثماري مشجع، بالإضافة إلى التسهيلات والمحفزات المقدمة للمستثمر الأجنبي وفق قانون استثمار رأس المال الأجنبي في النشاط الاقتصادي، والذي يمنح المستثمر الأجنبي مجموعة من التسهيلات الجاذبة للاستثمار، وكذلك رغبة الشركات القطرية في تعزيز التعاون مع نظيراته في الدول الشقيقة والصديقة، وإقامة شراكات وتحالفات تجارية معها في أغلب القطاعات.