ناقشت الجلسة العامة للمؤتمر الدولي الثاني حول الحرية الدينية وصنع السلام، التي انطلقت أعماله اليوم، دور الأديان في حل النزاعات، والأسباب والعوامل التي تؤدي إلى الصراعات من منظور الأديان وآليات الوصول لتحقيق الأمن والسلام الدائمين في العالم.
وركز المشاركون في الجلسة على إبراز أسباب تفشي النزاعات في العالم، من خلال التركيز على مختلف أشكال الحروب، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، حيث طرحوا جملة من التوصيات والمقترحات والحلول لمواجهتها على مختلف المستويات وصولا إلى بناء السلام وتحقيق الاستقرار.
وأجمعوا على أن العالم يمر بأزمات وحروب شديدة الخطورة على السلم والأمن الدوليين، مؤكدين على أهمية دور الأديان في تجنب هذه الصراعات وتحقيق التعايش والتكامل والتعاون من أجل المصلحة المشتركة لجميع الشعوب.
ودعا المتحدثون إلى تعزيز السلام من خلال تقديم مقترحات بناءة وملموسة تسهم في تحسين أوضاع العالم الذي نعيش فيه، مشيرين إلى أهمية العمل المشترك من أجل الحرية والالتزام بين الأديان، لمواجهة جميع الصراعات وصناعة الأمن والسلام الدائمين.
وفي هذا السياق، قال الدكتور علي محيي الدين القره داغي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: "إن العالم يعيش حالة سيولة كاملة في المبادئ والأخلاق والقسم والفطرة والقوانين الدولية، ولم يبق منها شيء يحترم وبخاصة في غزة العزة"، دعيا إلى الالتزام بالمبادئ والثوابت الإيمانية لإنقاذ البشرية.
وأضاف "هناك خلل كبير في ميزان العدل والحقوق والواجبات، حيث قوانين الأمم المتحدة ومنظماتها ومحاكم العدل الدولية لم يعد لها اعتبار عند بعض الدول".
ودعا رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى ضرورة توحيد جهود العقلاء من جميع الأديان حول المبادئ الإيمانية والأخلاقية والإنسانية لتحقيق العدل ورفع الظلم والطغيان، إضافة إلى تعاون الجميع لبناء مجتمع إنساني قائم على قيم القسط والمساواة، مع تحقيق الأمن والأمان، وتحويل جهود الحرب نحو تعزيز سعادة البشر في هذا العالم.
من جانبه، أشاد سعادة المطران يوجين مارتن نوجينت سفير الفاتيكان لدى الدولة بالتطورات الإيجابية المحققة في السنوات الأخيرة في مجال حوار الأديان، قائلا: "أمام العالم المتصارع، فإن عملنا المشترك أكثر من قول كلمة جميلة، بل العالم يتعطش للحوار والتعاون في مختلف المجالات لتعزيز السلام".
وكان المشاركون قد عقدوا جلسة تمهيدية تحدث فيها الدكتور يوسف الصديقي عضو مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، والدكتور بريت شارفس مدير المركز الدولي للقانون والدراسات الدينية بجامعة بريغهام يونغ بالولايات المتحدة حول دور الأديان والقادة الدينيين في تحقيق وبناء السلام والحد من النزاعات التي يشهدها عالم اليوم من خلال استثمار المشتركات الدينية، التي تحث على احترام الإنسان وكرامته وتضمن حقوقه كاملة.
وركز الدكتور الصديقي على العلاقة بين الحرية الدينية والمسؤولية الدينية، ودورهما في تعزيز التعايش والسلام العالمي، في سياق التحديات الحالية التي تواجه المجتمعات متعددة الأديان والثقافات.
وأشار إلى أن محاور هذا المؤتمر متصلة بمناقشات المؤتمر الأول التي ركزت على حماية الحرية الدينية، لينتقل إلى الحديث عن المسؤولية الدينية في إنهاء الصراعات وتعزيز التناغم الاجتماعي، مؤكدا على دور المنظمات الإنسانية في إرساء السلام، وداعيا إلى الاستفادة من النماذج الناجحة لحل النزاعات من واقع التجارب العالمية والتراث الديني.
من ناحيته، شدد الدكتور شارفس، على الحاجة الماسة إلى وجهات نظر واستراتيجيات جديدة لصنع السلام في عالم غير مستقر، منبها إلى أن تحقيق السلام والاستقرار وفق أدنى الشروط والمعايير تبدو اليوم ضئيلة للغاية، مؤكدا ضرورة السعي إلى تحقيق السلام الحقيقي العادل والمستدام في العالم.
من جانب آخر، ثمن القس مالخاز سونجو شفيلي من الكنيسة الجورجية، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، الدور الحيوي والإيجابي الذي تقوم به دولة قطر لتعزيز قضايا الحوار والوساطة على المستوى الدولي من أجل التوصل إلى حلول سلمية للكثير من النزاعات في عدة مناطق من العالم.
وأضاف القس شفيلي: "إننا نعيش في عالم مقسم ومليء بالخوف والكراهية والصراعات التي تؤجج الخلافات وتزيد من معاناة الناس"، مشيرا إلى أنه من هذا المنطلق يكتسب الدور القطري أهمية كبيرة من حيث المساهمة في إحلال السلام والاستقرار في العالم.
كما أكد القس شفيلي، وهو أحد الشخصيات الفائزة بجائزة الدوحة العالمية لحوار الأديان 2022، أهمية دور الأديان ومسؤوليتها في تعزيز الحوار وحل الصراعات المختلفة التي يشهدها عالم اليوم.