أحكمت قوات الاحتلال الإسرائيلي قبضتها على معابر قطاع غزة منذ بداية شهر رمضان المبارك، ما حال دون دخول أي من المواد الأساسية، وزاد من معاناة الصائمين والمواطنين الفلسطينيين في مخيمات الإيواء والنزوح.
وتعمدت حكومة الاحتلال الإسرائيلي قطع إمدادات الغاز والوقود والكهرباء مع بادية الشهر الفضيل، ما اضطر أهالي غزة للعودة لمربع المعاناة الأول في إشعال الأخشاب للطهي لإعداد وجبات الإفطار والسحور، وكذلك الانتظار في طوابير طويلة للحصول على المياه في ظل تعطل معظم محطات وآبار المياه عن العمل لنفاد الوقود اللازم لتشغيلها، أو انقطاع التيار الكهربائي المخصص لها بعد قرار الاحتلال وقف إمداد غزة بأحد الخطوط المخصصة لمحطة تحلية المياه وسط القطاع.
وفي هذا الإطار حذر المهندس طارق شاهين، مدير بلدية دير البلح وسط قطاع غزة، من كارثة بيئية وصحية تنتظر سكان القطاع، عقب قرار الاحتلال وقف ما تبقى من إمدادات الكهرباء إلى قطاع غزة.
وقال في حديث لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ إن قرار الاحتلال بقطع التيار الكهربائي، يعني توقف العمل في محطة تحلية المياه الرئيسية في دير البلح، والتي تغطي 40 بالمئة من حاجة السكان في المحافظة الوسطى وخان يونس ورفح من مياه الشرب والمياه اللازمة للاستخدام الآدمي.
وأفاد أن قطع إمدادات الكهرباء أدى للاعتماد في تشغيل المحطة على /السولار/، وهو غير متوفر بشكل كاف في الأسواق أو المخازن الخاصة بالمحطة، وبالتالي حدوث أزمة في إيصال المياه للفلسطينيين والتي يحتاجونها بشدة خاصة خلال شهر رمضان.
ونوه شاهين إلى أن محطة التحلية في مدينة دير البلح هي المصدر الرئيسي للمياه في محافظات جنوب قطاع غزة، وتوقفها سيدفع الفلسطينيين لاستخدام مصادر مياه بديلة ملوثة وتساعد على انتشار الأمراض بين الفلسطينيين، وهو ما ينذر بحدوث كارثة بيئية وصحية في القطاع خلال شهر رمضان، وخاصة مراكز الإيواء والنزوح التي تضم آلاف النازحين.
وأوضح أن بلدية دير البلح لا تمتلك أي مخزون من الوقود، وما كان يسمح بإدخاله سابقا بالكاد كان يكفي للتشغيل اليومي، وطالب كافة الجهات الدولية والمنظمات الإنسانية بالضغط على الاحتلال للتراجع عن قرار قطع التيار الكهربائي عن المحطة، وفتح جميع المعابر قبل وقوع أزمة بيئية وصحية كبيرة في القطاع.
من جهته أوضح محمد ثابت مدير الإعلام في شركة توزيع كهرباء غزة أن الاحتلال الإسرائيلي كان يزود قطاع غزة بـ 10 خطوط رئيسية من الكهرباء، انقطعت جميعها مع بدء العدوان، وأن قطع الاحتلال ما تبقى من خطوط تعمل بالحد الأدنى ينذر بكارثة صحية وبيئية، مؤكدا الحاجة إلى مولدات صغيرة لتشغيل آبار المياه في المناطق المنكوبة والمدمرة.
وقال في حديث مع وكالة الأنباء القطرية /قنا/ إن 70 بالمئة من شبكات توزيع الكهرباء في القطاع، و80 بالمئة من آلياتها ومركباتها، و90 بالمئة من مستودعات ومخازن الشركة دمرت بشكل كامل خلال العدوان الإسرائيلي والاستهداف الإسرائيلي المتعمد لها.
وأوضح ثابت أن لدى الشركة خطة لإصلاح الأعطال مرهونة بتوفير موزعات كهربائية وتجهيزات، غير أنه رغم توقف إطلاق النار، فإنه لم تدخل أي معدات مستعجلة طالبت بها شركة التوزيع، ودعا لتدخل دولي لوقف انهيار كافة القطاعات في قطاع غزة جراء توقف الكهرباء بقرار إسرائيلي ظالم.
وفي ذات السياق حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من أن الأيام القادمة ستحمل معها المزيد من تدهور الواقع الإنساني المنكوب على الصعيد المعيشي والصحي والبيئي، مع عودة شبح المجاعة وانعدام الأمن الغذائي والمائي، وانهيار المنظومة الصحية بشكل شبه تام.
من جانبه، قال إسماعيل الثوابتة مدير المكتب الإعلامي الحكومي في حديث لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: "إن تداعيات جريمة الإغلاق الكامل لقطاع غزة ومنع عمل المعابر ودخول المواد والمساعدات الأساسية وقطع الكهرباء، تظهر بشكل واضح خلال شهر رمضان، من خلال شح كبير وأزمة خانقة في مياه الاستخدام المنزلي، وأزمة أكبر في مياه الشرب، بسبب منع الوقود الذي تشغل به الآبار ومحطات التحلية".
وأفاد ببدء نفاد السلع التموينية والمواد الغذائية الأساسية التي يحتاجها المواطنون خلال شهر رمضان من الأسواق والمحال التجارية، وتوقف غالبية التكايا الخيرية عن العمل وهي التي تخفف من احتياجات المواطنين في ظل الوضع الاقتصادي المتردي لشكان القطاع، وذلك بسبب عدم توفر المواد التموينية، ما حرم آلاف الأسر التي كانت تعتمد عليها في توفير قوت يومها.
ولفت إلى أن عودة آلاف الأسر لاستخدام الحطب بدلا من غاز الطهي، سيضاعف معاناة الفلسطينيين خلال الشهر الفضيل، وسيزيد من الكارثة الصحية والبيئية، مع ازدياد تراكم أكوام النفايات وعدم قدرة البلديات على رفعها لتوقف إمدادات الوقود.
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر حذرت أمس من تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة عقب استمرار الاحتلال الإسرائيلي في منع دخول المساعدات، ووقف إمدادات الكهرباء وانعكاس ذلك على الخدمات الإنسانية.
وقالت: "إن تعليق إدخال الدعم الإنساني، بما في ذلك وقف إمدادات الكهرباء إلى منشأة تحلية المياه الوحيدة في غزة، يهدد بانزلاق غزة إلى حالة طوارئ إنسانية حادة، وقد بدأت التأثيرات تظهر بالفعل في ارتفاع الأسعار ونقص السلع الأساسية".
وشن الكيان الإسرائيلي حرب إبادة جماعية ضد قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023، دمر فيها البنية التحتية، وقضى على المنشآت الاقتصادية والتجارية والصناعية، والمؤسسات الحكومية والمجتمعية، وقتل وأصاب نحو 160 ألف بين شهيد وجريح، فيما بقي نحو 11 ألف آخرين في عداد المفقودين تحت الركام وأنقاض المنازل.
يذكر أنه في 19 يناير الماضي وبوساطة قطرية ومصرية وبدعم أمريكي، بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة /حماس/ والكيان الإسرائيلي، الذي انتهت مرحلته الأولى بعد انقضاء 42 يوما، ويرفض الاحتلال التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة.