أكد بنك قطر الوطني QNB وجود إمكانات كبيرة للنمو الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي خلال السنوات القليلة المقبلة نتيجة التحول الكبير في الموقف المالي للاتحاد الأوروبي، إلى جانب استمرار التيسير النقدي وتوقعات المستثمرين الإيجابية. وأشار بنك قطر الوطني QNB في تقريره الأسبوعي إلى أن الاتحاد الأوروبي ظل يعاني من رياح معاكسة كبيرة نتيجة لسلسلة من الصدمات الاقتصادية السلبية العميقة والواسعة على مدى السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك تداعيات جائحة (كوفيد-19)، والحرب الروسية الأوكرانية، والتباطؤ الاقتصادي في الصين، وعدم التوافق السياسي حول زيادة تدابير التحفيز الاقتصادي أو الاستجابة بشكل أكثر جرأة للتحديات الهيكلية.

وقال التقرير: إنه في حين تمكنت منطقة اليورو من تجنب الركود بعد جائحة (كوفيد-19)، إلا أن هذا التكتل الاقتصادي ظل في حالة شبيهة بالركود، بمعنى أن نموه الاقتصادي كان أقل بكثير من إمكاناته، مع تسجيل العديد من دوله الأعضاء، مثل ألمانيا وهولندا والنمسا، ركودا رسميا أو نموا صفريا لبضعة أرباع. وتجدر الإشارة إلى أن أداء الاتحاد الأوروبي كان أقل بكثير من أداء الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، ونتيجة للظروف السائدة في وقت سابق من هذا العام، كان المحللون والاقتصاديون يتوقعون المزيد من الضعف في أداء الاتحاد الأوروبي في المستقبل، حيث لا يزال إجماع بلومبرغ يشير إلى نمو طويل الأجل أقل من نسبة 2% المسجلة قبل جائحة (كوفيد-19)، بما في ذلك توقعات بتحقيق نمو بنسبة 1.3 بالمائة في عام 2025، و1.5 بالمائة في عام 2026.

وأرجع بنك قطر الوطني QNB التفاؤل بشأن نمو الاقتصاد الأوروبي على المدى القصير والمتوسط إلى ثلاثة أسباب رئيسية أولها: أن الأحداث السياسية والجيوسياسية السلبية، مثل صعود الأحزاب السياسية المتطرفة والخلافات داخل حلف شمال الأطلسي مع الولايات المتحدة، أدت إلى خلق «جبهة ملتهبة» تتطلب اتخاذ إجراءات مالية غير عادية من جانب الزعماء السياسيين. ولفت في التقرير إلى هدف فريدريش ميرز، زعيم الحكومة الائتلافية الجديدة في ألمانيا، إلى تعبئة أغلب الأحزاب السياسية الرئيسية في ألمانيا من أجل تخفيف قواعد الميزانية الصارمة والحصول على الموافقة على برنامج ضخم للإنفاق على الدفاع والبنية التحتية، والذي لا يزال يتطلب تعديلات دستورية».

وأشار التقرير إلى أن مثل هذه الإجراءات تظهر التغيير الكبير في موقف السياسة المالية داخل الاتحاد الأوروبي، من سياسة تقييدية إلى تحفيزية، مما يشير إلى زيادة كبيرة في الطلب الكلي والنشاط. كما أوضح أن جزءا كبيرا من الأداء الاقتصادي المتفوق للولايات المتحدة في السنوات الأخيرة مقابل الاتحاد الأوروبي يعزى إلى السياسات المالية الأكثر تيسيرا، حيث دأبت الولايات المتحدة على تحفيز اقتصادها بعجز أولي يزيد بمقدار 2.5 إلى 3 أضعاف عن عجز الاتحاد الأوروبي. ومن شأن المزيد من المرونة المالية في ألمانيا والاتحاد الأوروبي أن تسمح للتكتل بتحفيز اقتصاده بشكل أكبر مع معالجة فجوات الدفاع والبنية التحتية الحالية، مما يعزز النمو.
والسبب الثاني الذي أورده التقرير تمثل في بدء البنك المركزي الأوروبي دورة التيسير في يونيو 2024.