يختزل مشهد النزوح المستمر للمواطنين من سائر أرجاء قطاع غزة، المعاناة اليومية التي يعيشها الغزيون منذ عودة الحرب في 18 مارس الجاري، إذ يواصل جيش الاحتلال الضغط بالنار على مناطق شرق وجنوب وشمال القطاع، مجبراً سكانها على الرحيل إلى مناطق أخرى.
جيش الكيان لا يترك وسيلة، إلا واستخدمها، فيستهدف خيام النازحين، بقذائف الدبابات والمسيّرات، ويوماً إثر يوم يتصاعد العدوان، ومعه تتواصل سلسلة المجازر وسقوط قوافل الشهداء تترى.
وفق شهادات حية لـ»الشرق» يدفع جيش الاحتلال بالمواطنين للنزوح نحو خانيونس شمالاً أو رفح جنوباً، والأوضاع تسير نحو مزيد من الصعوبة والخطورة، لا سيما وأن تجارب النزوح باتت محفورة بقسوتها في نفوس الغزيين.
يشرح المواطن علي القانوع ما يجري في محيط شارع صلاح الدين، مبيناً أن جيش الاحتلال يستعمل سلاح الترهيب والتخويف والتهديد، من خلال المنشورات التي تلقيها الطائرات المسيرة على خيام النازحين، لدفع المواطنين إلى النزوح، منوهاً إلى أن بعض العائلات رفضت الانصياع لتهديداته، وفضلت البقاء في أماكنها رغم المخاطر التي تحدق بها.
ويوالي: «تعرض سكان بلدات عبسان وخزاعة وبيت حانون لضغوطات كبيرة من جيش الاحتلال، وعندما رفضوا النزوح، دكتهم الصواريخ وقذائف المدفعية، ما أوقع المزيد من الشهداء والجرحى، وألحق أضراراً كبيرة بالمنازل، ورغم ذلك ما زالوا متمسكين بمنازلهم، ولو كانت ركاماً».
وبيّن القانوع أن آليات الاحتلال تنتشر في المناطق المسماة «عازلة» وتواصل استهداف منازل المواطنين وخيام النازحين بالرشاشات الثقيلة، فيما الطائرات الحربية لا تفارق سماء المنطقة الممتدة بين شارعي الرشيد وصلاح الدين، مشدداً على أن القصف العنيف يتركز على المناطق التي شهدت عودة أعداد هائلة من النازحين بعد توقف الحرب خلال الشهريين الماضيين منذ اتفاق 19 يناير.
ولا يستبعد مواطنون، عودة الدبابات لاحتلال محور «نتساريم» والسيطرة عليه بشكل كامل كما كان عليه الحال قبل اتفاق التهدئة، وسط إجماع منهم على عدم تكرار موجات النزوح الجماعي والتهجير القسري في خضم الحرب.
واستأنف جيش الكيان عمليات القصف والتوغل البري في أجزاء واسعة من قطاع غزة، في انتهاك فاضح لبنود اتفاق التهدئة وصفقة التبادل، ونهجه الدائم في تعطيل الاتفاقيات.